أردوغان يحيل للبرلمان مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا.. والكشف عن تفاصيل نقل مسلّحين من شمال سورية للقتال مع «الوفاق»
وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء أمس، على مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، علماً أنه قد تمّ تسليم المذكرة للبرلمان.
وفي وقت سابق من يوم أمس، أفادت وكالة الأنباء التركية بـ»إحالة مذكرة تفويض إرسال جنود أتراك إلى ليبيا إلى رئاسة البرلمان التركي، لمناقشتها وعرضها على المجلس».
ودعا رئيس البرلمان التركي، الجمعية العامة للبرلمان إلى اجتماع يوم 2 كانون الثاني المقبل لمناقشة مذكرة رئاسية حول تفويض إرسال جنود إلى ليبيا.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قد قال في تصريحات للصحافيين، لدى مغادرته مقر حزب «إيي» المعارض، إن «مذكرة تفويض إرسال جنود إلى ليبيا ستحال للبرلمان يوم الاثنين مذيلة بتوقيع الرئيس رجب طيب أردوغان».
والخميس الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده سترسل قوات إلى ليبيا بما أن طرابلس طلبت ذلك، وأنه سيعرض مشروع قانون لنشر القوات هناك على البرلمان، في كانون الثاني المقبل.
وقال أردوغان، في كلمة له، الخميس: «سنعرض على البرلمان التركي مشروع قانون لإرسال قوات إلى ليبيا عندما يستأنف عمله في كانون الثاني المقبل، وذلك تلبية لدعوة حكومة الوفاق الليبية».
وأضاف أن «تركيا قدمت وستقدم كافة أنواع الدعم لحكومة طرابلس التي تقاتل ضد حفتر الانقلابي المدعوم من دول مختلفة بينها دول عربية».
وقال الرئيس التركي، إن «هدفنا في البحر المتوسط ليس الاستيلاء على حق أحد، على العكس من ذلك، منع الآخرين من الاستيلاء على حقنا»، وذلك على خلفية التوتر بين تركيا من جهة ومصر واليونان من جهة أخرى بخصوص التطورات في منطقة المتوسط المتعلقة بمنابع الغاز والأزمة الليبية.
والسبت الماضي، قالت مصادر في حزب العدالة والتنمية التركي، إن «مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا قد تتم مناقشتها في البرلمان، الخميس المقبل، في ضوء طلب طرابلس الدعم العسكري رسمياً، والتطورات في المنطقة».
ومن المنتظر أن يقدم الحزب الحاكم في تركيا، مقترحاً للبرلمان للحصول على تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا، في خطوة مستعجلة حيث كان من المقرر أن ينظر البرلمان في هذا الطلب يومي 8 و9 كانون الثاني.
وقد صرحت أنقرة أن «هذه الخطوة تأتي استجابة لطلب رسمي تقدمت به حكومة الوفاق الليبية بطرابلس، للحصول على دعم عسكري تركي، جوي وبري وبحري، للتصدي لهجوم قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر».
فيما لا تزال مسألة كشف الخطوة التركية المُتعلّقة بسحب مُقاتلين من الفصائل المُسلّحة الموالية في سورية، ونقلهم إلى ليبيا للمشاركة في الصراع القائم هناك لصالح «حكومة الوفاق»، تتصدَّر واجهة الأحداث والأخبار المُتلاحِقة في الشمال السوري.
فخلال الفترة الماضية سجّلت جملة من التجاذُبات والأحداث التي رافقت كشف الخطّة التركية وتدخّلها في ليبيا، حيث أصدر فصيل «الجيش الوطني» المدعوم من تركيا بياناً حاول من خلاله نفي صحّة الخطّة، إلا أن التصريحات التركية التي ظهرت بعد أيام ناقضت النفي المزعوم، لكنها لم تعترف بشكلٍ صريحٍ حول ماهيّة القوات التي ستنقل إلى ليبيا.
وكشفت مصادر عن «اجتماع حصل في ليبيا بين عدد من كبار ضبّاط الجيش التركي وضبّاط حكومة الوفاق، حيث تمّ الاتفاق خلاله على أن تُرسِل تركيا دعماً للوفاق من مُقاتلي الجيش الوطني المدعومين من قِبَلها والمُنتشرين شمال سورية».
وعقب الاجتماعات التي عُقِدَت في ليبيا، عُقِدَ اجتماع آخر ضمن الأراضي التركية، جمع عدداً من قياديي المجموعات المُسلّحة مع ضبّاط من مخابرات الاحتلال التركي، لوضع محاور الاتفاق الذي جرى في ليبيا ضمن حيِّز التنفيذ.
ولم تمضِ أيام قليلة على تلك الاجتماعات حتى بدأت مراكز خاصة تفتح لتسجيل طلبات المُسلّحين الراغبين بمُغادرة سورية والذهاب إلى ليبيا، لتغري تركيا أولئك المُسلّحين بمبالغ مالية كبيرة وتسهيلات كبيرة ودعم وصل إلى حدّ مَنْح الجنسية التركية لكل مَن يصل إلى ليبيا للمُشاركة في القتال هناك.
وحسب ما أكَّدته المعلومات الوارِدة، فإن «تركيا وعدت بأن تؤمِّن للمُسلّحين نقلهم إلى داخل أراضيها من الشمال السوري، وحصولهم على مبلغ 900 ليرة تركية فور وصولهم هناك، ومن ثم يتمّ نقلهم بالطيران إلى ليبيا مع وعد بمنحهم راتباً يبلغ 2000 دولار أميركي شهرياً وللقيادي 3000 دولار».
وأفادت المصادر أيضاً بأن «أربعة مراكز افتُتِحَت في مدينة عفرين شمال حلب، بغية تسجيل أسماء المُسلّحين، بالإضافة إلى افتتاح مركزين آخرين لاحقاً في قرية قيبار وحيّ المحمودية، بإشراف فصائل فرقة الحمزة ولواء المعتصم ولواء الصقور ولواء السلطان شاه»، عِلماً أن كافة تلك الفصائل تنضوي تحت لواء «الجيش الوطني» أكبر فصيل مُسلّح تابع لتركيا في الشمال السوري، فيما توجَّه قائد فرقة «السلطان مراد» المدعو فهيم عيسى مع قياديين من الفرقة ذاتها محمّد الشيخلي وعلي يرموك، إضافة إلى أبو دجانة الجحيشي إلى طرابلس في عملية استطلاع تمهيداً لنقل مُسلّحين من فصائلهم إلى هناك.
وبعد يوم واحد من فضح تلك الخطوة، أصدر «الجيش الوطني» بياناً لمحاولة تدارُك الموقف، نافياً وجود أيّة مراكز أو نيّة للخروج من سورية إلى ليبيا، إلا أن أياماً قليلة كانت فاصِلة بين هذا البيان والتصريحات التركية التي اعترفت بنيّتها نقل قوات إلى ليبيا، على لسان الرئيس رجب طيب إردوغان الذي صرَّح يوم الجمعة الماضي أن بلاده «تنوي إرسال قوات إلى ليبيا مطلع الشهر المقبل»، مُدّعياً أن هذا الأمر جاء «بناءً على طلب من طرابلس».
وبالفعل أكَّدت المصادر بأن «أول دفعة من مُقاتلي المجموعات المُسلّحة المُتواجِدة في سورية كانت قد وصلت ليبيا بالفعل، قبل التصريح الرئاسي التركي، تزامُناً مع بدء أنقرة التجهيز لدفعة ثانية من المُقرَّر أن تغادر الأراضي السورية في الفترة المقبلة».
فيما نشرت مصادر إعلامية ليبية تأكيدات حول «بدء وصول قوات من الفصائل المُسلّحة إلى ليبيا عبر تركيا»، لتكشف أيضاً إحدى الكتائب المُقاتلة في صفوف قوات «حكومة الوفاق» الليبية عن «بطاقات تعريف لبعض المُسلّحين الواصلين الذين يقاتلون لصالحها».
وبيّنت مصادر بأن «تركيا أرسلت ما يُقارِب 1000 مُسلّح إلى ليبيا خلال الأيام الماضية من فصائل الجيش الوطني وعناصر من تنظيميْ جبهة النصرة وداعش»، وأضافت المصادر بأن «الدفعات التي وصلت ليبيا كان من ضمنها أطفال وأشخاص لم يسبق لهم أن حملوا السلاح»، وبحسب المعلومات «كان من ضمن الألف مُسلّح الذين توجَّهوا إلى ليبيا نحو 200 خرجوا من مدينتي رأس العين في ريف الحسكة الشمالي وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي، فيما صدَّرت مدينة الباب في ريف حلب الشرقي إلى إسطنبول قرابة الـ 500 مُسلّح، كما خرج من عندان وكفر حمرة ومعارة الأرتيق وأعزاز في ريف حلب الشمالي نحو 285 مُسلّحاً آخر معظمهم من المُقاتلين التركمان».
وتسبَّبت الخطوة التركية المتعلّقة بإرسال المُسلّحين الموالين لها إلى ليبيا، بحدوث شَرْخٍ جديدٍ وانقسامات ضمن صفوف تلك الميليشيات المُنقسِمة أصلاً نتيجة الصراعات الداخلية في ما بينها، كما بدأت الفترة الأخيرة تشهد ترويجاً وحرباً إعلامية شرِسة بين تنسيقيات المُسلّحين والتي عزَّزت الشَرْخ من خلال نشرها سلسلة بيانات استقالات جماعية لكبار قادتها، تباينت بين بيانات مزوَّرة وأخرى حقيقية، فيما سارعت بعض الفصائل الموالية لأنقرة إلى الإعلان عن إرسالها نحو 1500 من مُسلّحيها إلى جبهات القتال أمام الجيش السوري في إدلب وخاصة من «الجبهة الشامية»، بغية حفظ ماء وجه الفصائل والتغطية على عملية نقل المُسلّحين إلى ليبيا.