قالت له
قالت له: أريد أن أجدل ضفيرتين في شعري كما كنت في سن المراهقة فهل يرضيك؟
قال: إن لم يكن الأمر أبعد من استعادة ذكرى جميلة فليكن، رغم أنك تعلمين كم أحبّ شعرك مسدولاً على الكتفين.
قالت: وما عساه يكون؟
قال: طلب من صديق قديم.
قالت: لعله كذلك.
قال: ومَن يكون؟
قالت: صديق مدرستي من أيام المراهقة ذكرني بعد طول غياب بكم كانت ابتسامتي تتدفق فرحاً وأنا امسك ضفيرة شعري وألاعبها وأضعها بين شفتي أحياناً مرة خجلاً ومرة بروح إغواء متمنياً أن أعيد تشكيلها فوافقت.
قال: ألا ترين في ذلك تعدياً على مساحتي من خصوصيات تعنيني في جمالك؟
قالت: ليست كذلك إن لم تذهب في ظنونك بعيداً.
قال: أنا لا أستنتج ولا أحاكم فهو مجرد سؤال فقط.
قالت: وقد سمعت الجواب.
قال: أردت تبين الصح والخطأ وقد التبس عليّ الأمر يوم طلبت صديقتي في أيام المراهقة أن أعيد شاربي اللذين أحببتهما كثيراً وأزلتهما تلبية لرغبتك وأحجمت عن إعادتهما ظناً مني أن خصوصية كل منا لا تمنع وجود مساحة منها تخصّ الآخر ويجب عدم التعدّي عليها، أما وقد توضّح الأمر فسأنتظر رؤية الضفيرتين بانتظار نمو الشاربين.
قالت: ومنذ متى كان الطلب؟
قال: منذ شهور وحسمته سلباً رغم اشتياقي لألاعب أصابعي بأطراف شاربي وها قد حرّرتني.
قالت: ولمَ العجلة؟ فالأمر ليس إلا فكرة.
قال: نسير بهدي أفكارك المعبرة.
قالت: لا تجعل مني مسخرة.
قال لها: بل مثال ومفخرة.
قالت: لم نحسم شيئاً بعد فكل آرائي مبعثرة.
قال: وهل يستحق الأمر كل هذه الثرثرة؟
قالت: قلت إنني لم أحسم الأمر، يا عنترة.
قال: يا عبلة ليست كل الحكايا كليلة ودمنة تنتهي بفوز القبّرة.
قالت: دعنا من المزاح فقد كانت مجرد محاولة متعثّرة.
قال: والضفيرتان يا عبقرة.
قالت: إلى النسيان وشعري المسدول مغسول بماء مقطّرة.
قال لها: وتحية من الشاربين بماء معطرة.
ضحكت وقالت: وهل عادت من زمان صديقتك المظفرة؟
قال: لم تعد، لكنها فكرة راودتني كي نقيس المسافات بالمسطرة.
تعانقا ومضيا معاً.