العراق ومصير التمركز الأميركي في المنطقة.. هندسة خرائط جديدة
ربى يوسف شاهين
الولايات المتحدة الأميركية ورغم حربها على العراق، بدعوى الاسلحة المحظورة عالمياً في 2003، وما تخللته من انقسامات داخلية وخارجية لهذا البلد الغني بنفطه وثرواته الطبيعية، إلا انها في 2011 انسحبت منه لأنها خسرت ملايين الدولارات، كما أنها تعرّضت لمجابهة قوية من المقاومة العراقية المسلحة والشعب العراقي، إلا أن واشنطن استخدمت الإرهاب كذريعة للدخول مُجدداً الى العراق في 2014، لمحاربة ما يسمى تنظيم الخلافة الإسلامية داعش.
خلال مسيرة الحرب الأميركية على العراق، استطاعت واشنطن عبر مراكز استخباراتها وعملائها في الداخل العراقي وفي الخارج، من تحديد مكامن الضعف والثغرات التي تُحيط بأي دائرة حكومية ناظمة للعمل السياسي. وبالتالي استطاعت تشكيل فريق لها داخل البرلمان العراقي الذي شكّل بنظرته للغرب، وتحديداً للوجود الأميركي، بأنه ضمن استراتيجيات المنطقة لحماية العراق تحت ما يُسمّى التحالف الدولي. وبدء ازدياد القواعد الأميركية في العراق خاصة بعد الحرب على سورية، فكان لا بد لواشنطن من استغلال فوضى الحرب لتمرير غطائها السياسي وشحناتها العسكرية للمجموعات الإرهابية.
ومع القضاء على المجموعات الإرهابية في سورية، رغم وجود قاعدة التنف في الجنوب الشرقي لسورية، وخاصة أنها على الحدود مع العراق عبر معبر القائم في الأنبار، والذي يُشكل المخرج الاساسي للآليات العسكرية الأميركية في السنوات الاولى للحرب على سورية. إلا أن داعش كان يُسيطر على تلك المنطقة، ومن ثم انتقاله ليد جبهة النصرة لاحقاً، حتى تحريره من قبل الجيش العربي السوري والحليفين الروسي والإيراني، ليأتي قرار وزير الخارجية العراقية عادل عبد المهدي وبالتنسيق مع الجهات الحكومية السورية بإعادة فتح المعبر (القائم)، الأمر الذي شكل عقبة كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها في الاعتراض على تسليمه للجهات المسؤولة.
وكان للقرار الثاني لوزير الخارجية العراقي «المهدي»، بانصهار الحشد الشعبي مع القوات المساحة العراقية او الجيش العراقي الضربة الثانية لواشنطن، لكون هذا التلاحم بين القوى العراقية سيزيد من قوة الجيش العراقي الذي تعمد المحتل الأميركي تفكيكه خلال حربه على العراق.
إن الأهمية الجيو سياسية والاقتصادية والعسكرية الكبيرة للبلدين الجارين سورية والعراق، أجبر ترامب والإدارة الأميركية على تغيير قواعد الاشتباك، خاصة بعد انتصار الجيش العربي السوري، ووصول المسائل الداخلية في العراق، إلى توافقات تُفضي إلى معالجة كافة القضايا العالقة لجهة محاربة الفساد أو البطالة.
ومع الترحيب والمباركة العراقية لعمليات الحشد الشعبي والقوات المسلحة في مكافحة داعش، هذا الأمر أربك الأميركي والإسرائيلي، لتقوم الاخيرتان بإرسال طائرات مُسيّرة لقصف المواقع الخاصة بالحشد الشعبي، والتي جاء آخرها في قصف مقرّ اللواء 45 للحشد الشعبي العراقي مسببة في وقوع عدد من الشهداء والجرحى.
ينتفض العراق في وجه السفارة الأميركية في وسط بغداد، والتي وصفها الرئيس ترامب في تغريدة له «بانها اهم قاعدة أميركية في العراق».
وعلى الرغم من محاولة أميركا استغلال فوضى الاحتجاجات التي حصلت في العراق، والتي طالبت بالإصلاح المعيشي والاقتصادي، فقد زجّت واشنطن عناصر لها، في محاولة لاتهام إيران بالخراب الداخلي العراقي، إلا ان الاكثرية العراقية تدرك حجم المخطط الأميركي الإسرائيلي للنيل من العراق وبلدان الجوار السوري والإيراني.
واشنطن باتت مكشوفة للعراقيين عامة، والاستهداف الأخير للحشد الشعبي العراقي المقاوم، لن يزيد العراقيين بجميع فصائلهم إلا تماسكاً وقوة، وإن محور المقاومة بكل فصائله المنتشرة في البلدان العربية التي تجابه الحرب الإرهابية العسكرية والاقتصادية.
في السياق، أدانت حركات المقاومة العدوان الأميركي على قواعد الحشد الشعبي، وأبدت تضامنها مع العراق والعراقيين، وأكدت أنها على أهبة الاستعداد لمواجهة الغطرسة الصهيوأميركية في المنطقة، ليكون تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة انصار الله في اليمن مهدي المشاط، متناغماً مع محور المقاومة ككل، ورسالة تُعبر عن توحد محور المقاومة على مجابهة المُخطط الأميركي في المنطقة، حيث قال: «نؤكد تضامننا الكامل مع الشعب العراقي وحقه في الرد المشروع على كل ما يتهدّد أمنه وسيادته واستقلاله، ولقد آن الأوان لكافة القوى والأحزاب الوطنية في العراق ان توحّد جهودها لمواجهة خطر محدق يتهدد بلادهم». عطفاً على بيان المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية، الذي قال «ندين بشدة القصف الأميركي على مواقع الحشد الشعبي، ونعتبر ذلك عدواناً غاشماً على العراق وقواه الحية التي تتصدى للهيمنة الأميركية»، واضاف البيان «أن وحدة الصف أول رد على أي محاولة أميركية لزعزعة أمن البلاد»، وشدد على دعوة كافة الشعوب العربية والإسلامية للتضامن مع الشعب العراقي، وإدانة أي تدخل أجنبي في شؤون المنطقة.
أميركا والغرب عموماً، ونتيجة هزائمهم في سورية وإيران، بدأت تكشف القناع عن تدخلاتها السافرة في البلدان التي تحتلها، او تزرع قواعد عسكرية فيها بحجة الامن والأمان.ومايحدثفيالعراقسيتحولثورةشعبيةكبيرة،لدحرالمحتلالأميركيالذيعاثفساداًوخراباًفيمنطقةالشرقالاوسط،تحتمسمّىالقوىالعظمىوالديمقراطيةالغربية.