طبخة الحكومة نضجت والولادة نهاية الأسبوع…
} علي بدر الدين
ـ الحراك الشعبي الصادق يريد بأكثريته الإفساح في المجال أمام الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وإعطائها الفرصة المناسبة للعمل والإنجاز ثم «يبني على الشيء مقتضاه»…
يبدو أنّ الطبقة السياسية الحاكمة منذ ثلاثة عقود هرمت وباتت عاجزة عن تحمّل مسؤولياتها التي هبطت إلى أدنى درجات المسؤولية أو لأنه لم يعد يعنيها كثيراً ممارسة السلطة، إلا في الإطار الذي يضمن لها حصصها وامتيازاتها من مقدرات الدولة في هذا الوطن المنكوب بفضلها أو لأنها اكتفت بما كدّسته من أموال وجمعته من “سندات” عقارية في البحر والبر وفي لبنان وخارجه، حيث أفرغت خزائن المصارف من أموالها وحوّلتها إلى مصارف في دول خارجية، رغم إدراكها أنّ الشعب يعاني والبلد على شفير الإفلاس والانهيار.
هذه الطبقة التي بلغها أنّ الشعب اللبناني برمّته إلا قليلاً من الأزلام والمنتفعين والمرتهنين فقد ثقته فيها، لم تعر له أيّ اهتمام وبالنسبة لها مجرد كلام في الهواء، لأنها مطمئنة الى حاضرها وبيئاتها الحاضنة التي تتلمذت على أيديها وحوّلتها إما إلى تابع أو مرتهن أو صامت، وأكثر من ذلك إلى دمى تحرّكها بالاتجاه الذي تريده ويخدم مصالحها ويوطّد دعائمها السلطوية، هذه البيئات التي تعاني كثيراً ما زالت جاهزة لرفع قبضاتها وصرخاتها فداء لولي نعمتها كما تعتقد زوراً وخطأ. ولم يعد يهمّها إنْ زادت شعبيتها أو نقصت، فالأمر بالنسبة لها سيان ما دام البعض يرضى بوظيفة وضيعة وانْ كانت من خارج الأصول والقوانين أو بكرتونة من المواد الغذائية أو حتى تخصيصه بوعد.
هذا الطوفان السلطوي والمالي الذي فاض على الطبقة السياسية بالرخاء والنعيم أرخى بظله عليها، هي التي تتعامل مع الأزمات والاستحقاقات الوطنية والدستورية بفائض من العنجهية من دون حرج أو ضغط شعبي متوقع، لأنها مطمئنة إلى أنها في مأمن ولا أحد يقدر على كشف فسادها أو مزاحمتها على مواقعها ونفوذها، حتى أنها تهدّد اللبنانيين بأموالهم المودَعة في المصارف، التي هي ذخيرة لهم للأيام الصعبة.
آخر مآثر هذه الطبقة عدم رغبتها بإزالة العراقيل والعقد أمام تشكيل الحكومة بذرائع الحصص في الأسماء والحقائب وعدم التمثيل الطائفي أو المذهبي والميثاقية الكذبة الكبيرة وغيرها، مما هو معلن وخفي وهي تعلم جيداً أنّ تشكيلها مطلوب بإلحاح مع أنها لن تشيل الزير من البير، غير أنّ وجودها في مرحلة ما قبل الإفلاس والسقوط أمر بالغ الأهمية، لأنها قد تعطي بصيص أمل بأنّ الآتي سيكون أفضل وأخفّ وطأة، وعلّها تعيد بعضاً من الثقة المفقودة بهذا البلد وليس بالطبقة السياسية التي هي عملياً سقطت سياسياً ومعنوياً وبالشارع وحتى بصمت الناس وأنينهم الذي يعبّر عن وجع قاس.
المضحك المبكي أنّ اللبنانيين بعد أن فقدوا ثقتهم بمن يحكمهم، راحوا يبحثون عن أمل جديد عله يرفع عنهم كوابيس القلق والخوف والجوع، ويعيد أموالهم المحتجَزة في المصارف ظلماً واحتيالاً بذرائع من صنع الطبقة السياسية ومنظومة المصارف والهندسات المالية، فلجأوا إلى المنجّمين والفلكيّين الذين امتلأت بوجودهم شاشات التلفزة التي تتزاحم على استضافتهم، ولكنهم خيّبوا الآمال وبدلاً من أن يكحّلوها أعموها، وقد تقاطعت توقعاتهم وأكاذيبهم مع السياسيين وهم من طينة واحدة، حيث تلاقت مقولة “كذب المنجّمون ولو صدقوا” مع “السياسة فن الكذب”، غير أنّ هذا الشعب المبتلي سيلحق “الكذاب إلى باب الدار” وحقه أن يحلم وإنْ حاولوا سلبه هذا الحق من دون طائل وهو المتبقي له.
على الرغم من الواقع المرّ والضبابي الذي يعيشه لبنان، فإنّ الوعد بتشكيل الحكومة لا بدّ أن يتحقق عاجلاً أم آجلاً أو بعد حين، وانّ المعطيات على قلتها وعدم وضوحها تؤشر إلى أنّ الحكومة قد تولد نهاية هذا الأسبوع، والمرحلة التي تحتدم فيها الصراعات الإقليمية والدولية في المنطقة والأوضاع الداخلية التي تنذر بتداعيات خطيرة جداً تقتضي ولادتها اليوم قبل الغد، وانّ الإصرار على التشكيل وفق مصادر سياسية متابعة، سيتجاوز الخطوط المرسومة لاستهداف التشكيل منعاً أو تأجيلاً أو اعتذاراً عن التكليف، وأنّ إقفال بعض الطرقات لن يعيق تشكيلها ولا تأثير له، وتؤكد أنّ الأكثرية من اللبنانيين مع تشكيل الحكومة.وسجلت المصادر احترامها للحراك الشعبي الصادق الذي يفسح في المجال أمام تشكيل الحكومة ثم “يبني على الشيء مقتضاه” وهو يعطي فرصة ومساحة أمام الحكومة الجديدة…