بعد استشهاد الجنرال سليماني أميركا لن تكون… إلاّ في وضع أسوأ
معن حمية _
ارتكبت الإدارة الأميركية خطأ فادحاً وحماقة كبيرة حين قرّرت اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس وآخرين، ذلك أنّ الجنرال سليماني ليس قائداً عسكرياً فذاً وحسب، بل كان صانعاً للحدث، وهو الذي ارتبط اسمه بنجاحات وانتصارات حققتها قوى ودول المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق والشام. أما المهندس ومن موقعه في قيادة الحشد الشعبي، فكانت له اليد الطولى في دحر الإرهاب عن معظم أرض الرافدين.
ما هو مؤكد، أنّ الإدارة الأميركية اتخذت قرار الاغتيال عن سبق تهوّر وجنون، ولم تحسب العواقب جيداً. فاللواء سليماني بما كان له من دور وحضور وتأثير على أكثر من ساحة وصعيد، سيكون في استشهاده صانعاً للحدث، كما في حياته، والعاقبة على الأميركيين قد تكون أشبه بـ “فالق زلزالي” يُطبق على كلّ القواعد الأميركية في المنطقة.
وإذا كان عدوان الولايات المتحدة الأميركية على مواقع الحشد الشعبي العراقي في مناطق الأنبار والقائم قبل نهاية العام 2019، سرّع في اتخاذ المقاومة قرارها بطرد القوات الأميركية من العراق، فإنّ عملية اغتيال اللواء سليماني والمهندس، جعلت خط انسحاب الجنود الأميركيين متعذراً، لا بل إنّ هؤلاء الجنود ربما أصبحوا من الآن رهائن في مرمى نيران قوى المقاومة، إلى أن تدفع الولايات المتحدة ثمن حماقتها وأن تخضع لشروط دول وقوى المقاومة، وأن تسلّم بالواقع الجديد، الذي أسقطها عملياً من موقع القوة الأولى في العالم وقوّض مخططاتها من صفقة القرن الى مشروع الهيمنة على المنطقة.
بالتأكيد، هناك مَن يعتبر أنّ اغتيال الجنرال سليماني ومهندس الحشد إثباتٌ على قوة الولايات المتحدة الأميركية في الرصد الاستخباري وفي تنفيذ عمليات اغتيال كبيرة. هذا صحيح. ولكن هل تستطيع أميركا بكلّ قوّتها أن تمنع رداً قوياً وربما ردوداً كثيرة منتظرة على عملية الاغتيال؟
الردّ على عملية الاغتيال آتٍ لا محال، وحجم الردّ وقوته سيرسمان معادلات جديدة وسيثبتان أنّ جنوح أميركا نحو التصعيد غير المسبوق واستدراج المنطقة الى الحرب، هو آخر أوراق أميركا. فالحرب إنْ اندلعت ستطال حلفاء أميركا وأتباعها وفي مقدّمهم العدو الصهيوني، وستشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليّين. وهذا يحتّم دخول أطراف دولية على خط الصراعات بما يسرّع صياغة نظام دولي جديد متعدّد القطبية.
لا شك في أنّ قواعد الاشتباك في عموم المنطقة قد تبدّلت، وانّ ما كان ممكناً من خروج آمن للقوات الأميركية، صار مستحيلاً، لأنّ الإدارة الأميركية تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء.
الواضح أنّ التصعيد الأميركي يعكس فشلاً ذريعاً لسياسة العقوبات والحصار الاقتصاديين وكذلك فشلاً في استثمار الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في العراق ثم في لبنان على أثر نجاح الحشد الشعبي والجيش السوري في فتح معبر القائم، غير أنّ التصعيد الذي ترجم بقصف الحشد الشعبي ثم باغتيال سليماني والمهندس سيرتدّ فشلاً لا بل هزيمة أميركية مدوية، وبالتالي فإنّ ما بعد اغتيال سليماني ليس كما قبله، ولن تكون أميركا ومعها العدو الصهيوني إلا في وضع أسوأ…
*عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي.