متحف شهبا الأثري… لوحات فسيفسائية تدعو للفضائل الإنسانية وإصلاح النفس
يضمّ متحف شهبا الأثري في السويداء الواقع على بعد نحو 90 كيلومتراً جنوبي دمشق لوحات فسيفسائية غاية في الجمال والدقّة تحكي الأساطير اليونانية القديمة التي قدّمها الرومان منتصف القرن الثالث الميلادي.
اللوحات التي تزيّن أرضية المتحف تعكس بحسب رئيس دائرة آثار السويداء الدكتور نشأت كيوان الأساطير اليونانية التي كانت تمثّل على خشبة المسارح والتي انتشر معظمها في عهد الإمبراطور فيليب العربي الذي أراد أن يجعل من شهبا مدينة تنافس أعظم المدن الرومانية ولا سيما روما.
ووفقاً لكيوان، فإن اللوحات تهدف إلى تثبيت الفضائل في الإنسان وتدعو إلى إصلاح النفس البشرية كلوحة أفروديت وأريس التي تبين أن الجمال يتحول إلى «وباء» إذا فقد صاحبه الفضيلة والحكمة والعدالة.
ويشير كيوان إلى أنه تم عام 1963 اكتشاف أربع لوحات قرب الحمامات الأثرية الكبرى ضمن دارة رومانية مبنية من الحجر البازلتي تم حفظها في مكانها الحالي وبقيت على حالها بألوانها إضافة الى لوحتين منقولتين من أحد المنازل المجاورة للمتحف.
وتمثل اللوحة الأولى كما يذكر كيوان ربة البحر «تيتس» وهي «حورية بوسيدون» إله البحر عند الإغريق وتزين شعرها بأسماك البحر للإشارة إلى خيراته كما يوجد حيوان بحري أسطوري مخيف يلتف على عنقها يسمى «الدراكون» له رأس كلب ويرمز إلى أعماق البحار لإبراز مخاطرها فيما يشاهد على إطارها 9 ملائكة صغار يطلق عليهم «الكيوبيد» يمتطون المراكب والدلافين ويسيرون بعرض البحر بأمر من «تيتس». وكذلك نرى عامة الناس تركب البواخر في إشارة إلى استخدام البحر للنقل وللسفر.
ويبرز في اللوحة الثانية وفق كيوان المغني والموسيقي والشاعر اليوناني «أورفيوس» جالساً على صخرة يعزف الألحان وينشد الأغاني وتظهر الحيوانات منسجمة مع ألحانه. فالعناكب تقف عن نسج بيوتها والنحل عن جني العسل كما تتوقف الأنهار عن الجريان وتهدأ أمواج البحر.
وتقدم اللوحة الثالثة أعراس دينزيوس إله الخصب وأريادنا آلهة النبات وبينهما إله حب صغير يحمل بيده شعلة لتظهر بأن الزواج لا يتم إلا بالمحبة، أما الذي يقوم بإجراءات عقد الزواج بينهما فهو رجل عجوز على يسار اللوحة للدلالة على أن الزواج لا يتم إلا بشهود، كما يظهر أسفل اللوحة «هرقل» الذي يمثل القوة ويتكئ على الأرض مبتهجاً بزواج صديقه «دينزيوس» بينما تطل على زواياها الأربع وجوه بشرية ترمز إلى فصول السنة واستمرار الحياة والخصب طيلة أيامها.
ويشير كيوان إلى أن اللوحة الرابعة تمثل الغرام بين «أفروديت» آلهة الجمال و»اريس» إله الحرب الذي نشاهده حاملاً للرمح والترس وعلى كتفه رداء وهو عار وخلفه امرأة متزينة بعباءة ترمز إلى العفة فيما نجد وراء «أفروديت» التي تبدو شبه عارية شابة اسمها «خارس» بيدها إكليل لتتويج الإلهة. وفي أعلى الزاوية اليمنى للوحة امرأة اسمها «سكوبي» تتكئ على صخرة وتراقب المشهد من بعيد كما يبرز في اللوحة ملاكان صغيران يتراقصان وآخران يحملان السيف.
ويبرز على زوايا اللوحة الخامسة بحسب كيوان أربعة وجوه بشرية تمثل الفصول الأربعة، وبين كل فصلين على يمين اللوحة صورة سيدة تحمل بيدها كأس خمر تقابلها على جهة اليسار بين الفصلين صورة شاب يحمل بيده صولجاناً ووسط اللوحة ثلاث فتيات يتزيّن بالخلاخل والأكاليل.
أما اللوحة السادسة والأخيرة فنقلت إلى متحف السويداء بحسب كيوان وتمثل «أرتيميس» إلهة الصيد عند الاغريق.وافتتح متحف شهبا عام 1968 ويضم إضافة إلى اللوحات عدداً من القطع البازلتية والتماثيل وجراراً فخارية تعود للعصر الروماني ومنحوتة لرأس فيليب العربي من الحجر الكلسي الأبيض «المرمر».