إيران… «العدو الافتراضي»!
} نايف أحمد القانص*
إنّ ما ترتكبه الولايات المتحدة من جرائم بحقّ المنطقة بكاملها واستخدام دمائنا وأموالنا وأراضينا لتنفيذ مخططاتها وتأمين الكيان الصهيوني يبعث الحسرة والندم على الوضع الذي وصلنا إليه والعقلية التي نفكّر بها والموروث الثقافي والديني الدخيل علينا الذي أصبح مسيطراً على تفكيرنا كله. لقد أصبحنا وقوداً للحروب التي يتمُّ إشعالها بفتيل خارجي، لكنها تلتهم أرواحنا ومقدراتنا.
مهما تقاتلنا وتصارعنا لن ينتصر أحد منا ولن يستطيع أحد أن يتخلص من الآخر، لكنّ المنتصر الوحيد هو عدوّنا جميعاً والذي اعتبره البعض، للأسف، صديقاً ومدّ له جسور العلاقات وتواصل معه سرّاً وعلناً، متجاهلاً بذلك العدو الحقيقي للأمة.
أميركا وراء البحار لها مصالح في منطقتنا ويجب علينا أن نتعامل معها، بدورنا، وفق المصالح المشتركة، بما يحفظ مقدّراتنا وسيادتنا على ثرواتنا، لكنّ الكيان الصهيوني دخيل محتلّ ومغتصب للأرض، ويجب أن تعود تلك الأرض عاجلاً أم آجلاً لأصحابها، وبالطبع أثبتت التجارب أنّ العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوّة، وبالتالي فإنّ المقاومة المسلّحة هي السبيل الوحيد إلى إخراجه من أرض فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة.
أما إيران فهي دولة جارة يجمعنا بها الكثير، ويكفي أنها الداعم الأول للمقاومة وللشعوب المظلومة والمستضعَفة، إضافة إلى ما يربطنا بها من تاريخ وحضارة مشتركة ويجب أن يكون التعامل بيننا وفق هذه الأسس والمصالح المشتركة والأمن القومي وحسن الجوار.
علينا أن نستفيد من كلّ ما مضى ومن تجارب الشعوب الأقرب إلينا وأن نرى ما آلت إليه الأوضاع في العراق. فهل قدّم له الأجنبي غير الدمار والإرهاب ونهب الثروات؟ وفي المقابل نجد أنّ يد الجمهورية الإسلامية لم تمتدّ إلينا إلا بالخير ودعم قضايانا المحقّة وها هي تقدّم خيرة قادتها شهداء في سبيل ذلك، فلماذا نناصبها العداء؟ ومَن المستفيد من جعل إيران عدوّاً افتراضياً لنا لحرف أنظارنا عن العدوّ الحقيقي؟
أما عن سورية فقد دمّروها بالإرهاب بعد أن فشلوا في السيطرة عليها، لأنّ قيادتها وشعبها عرفا المخطط واستفادا من الأحداث التي تجري في المنطقة.
ليبيا في مهبّ رياح مطامع القوى الخارجية لنهب ما تبقى من ثرواتها. واليمن بثلاثة رؤساء وثلاث حكومات نتيجة تحالف «عربي» عدواني دمّر كلّ شي وأوصل البلاد والعباد إلى المجاعة القاتلة، وسط حصار متواصل، إضافة إلى مئات الآلاف من الأرواح التي زُهقت نتيجة هذا العدوان الظالم.
أليس من المنطق مراجعة الأحداث والمواقف وأن يعود الجميع إلى رشدهم؟
ألا تنبغي مراجعة كلّ ما جرى، وأن تكون هناك مصالحات داخلية في كلّ قطر عربي ومن ثم مصالحات عربية ـ عربية، تليها مصالحة عربية إيرانية وتكوين تحالف إقليمي لحماية المصالح المشتركة؟
إنه السبيل الوحيد لتفويت الفرصة على كلّ من يريد ببلادنا شراً، لأنّ استمرار انقساماتنا وتشرذمنا سيجعلنا نحن وحدنا المتضرّرين من أيّ حرب مقبلة، في حين تتقاسم الدول الغازية الغنائم…
*السفير اليمني في دمشق.