توقيع ميثاق تأسيس مجلس «الدول المطلة على البحر الأحمر» ومهامه «الضرورية»!
في خطوة وصفتها بـ «الضرورية» لمواجهة المخاطر، شهدت المملكة العربية السعودية، أول أمس، توقيع ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.
المجلس الذي يضمّ 8 دول عربية وأفريقية هي السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن وإريتريا والصومال وجيبوتي، سيتخذ من الرياض مقرًا له، بحسب ما صرح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحافي لإعلان توقيع الميثاق.
المراقبون أكدوا على «أهمية المجلس الجديد لحماية المصالح العربية، ودول البحر الأحمر، في ظل ما تشهده المنطقة من توتر حاد، وصراعات أدت مؤخرًا إلى احتجاز سفن، وضرب أخرى، وتهريب أسلحة، وغيرها من المخاطر الأمنية الواجب وأدها».
وقال بن فرحان إن تأسيس المجلس «يأتي استشعاراً من قادتنا بأهمية التنسيق والتشاور حول الممر المائي باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيسي لدول شرق آسيا وأوروبا».
وأكد وزير الخارجية السعودي أن المجلس سيعمل على «حفظ المصالح المشتركة ومواجهة جميع المخاطر، وللتعاون في الاستفادة من الفرص المتوفرة، فمنطقة البحر الأحمر هامة تجاريًا وفيها ثروات كبيرة، ونسعى لبناء رخاء المنطقة بشكل يخدم الجميع».
وحول إذا ما كانت ستتشكل قوة عسكرية مشتركة لهذا المجلس، قال بن فرحان إنه «لا يوجد تصوّر لإنشاء قوة عسكرية جديدة، لأن كل الدول لديها قدرات دفاعية وهناك تنسيق ثنائي، لا أتصوّر أن قوة جديدة سُتنشأ تحت مظلة هذا الكيان».
فيما قال الدكتور الكاتب والمحلل السياسي السعودي شاهر النهاري، إن «السعودية بسعيها للسلام وضمن رغبتها في صنع أجواء محلية وإقليمية تساعد على تنفيذ رؤيتها، تحتاج إلى محيط متماسك يساعد على تحقيق ذلك، ومنطقة الشرق الأوسط ملتهبة منذ أربعة عقود، بكونها تخضع للشرور الإيرانية، الممتدة عبر أذرعها في أربع عواصم عربية، وكذلك في وجود الأطماع التركية، التي تحاول استعادة الخلافة العثمانية، والاحتلال للدول العربية، بتدخلاتها السياسية والعسكرية في دول عدة، ومن خلال جماعات الإسلام السياسي، مثل جماعة الإخوان».
وأضاف أن «السعودية، منذ زمن وهي تعمل ما يفعله فريق إطفاء الحرائق في الشرق الأوسط، وهي تسعى لأن يعود السلم والأمان، وأن تنهض الشعوب العربية نحو النور، وأن تخلو المنطقة من الإرهاب وأهله، وكما رأينا في حلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن تصبح المنطقة، أوروبا الجديدة في الرخاء والنماء والعطاء».
وتابع: «من ضمن ما قامت به السعودية من أعمال لتعزيز تلك الرؤية والسياسة، عملت على تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، والذي وقعه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أثناء لقائه مع وزراء الخارجية للدول المشاركة في المجلس أو الحلف، (مصر، والأردن، وأرتيريا، واليمن، والسودان، وجيبوتي، والصومال)».
وأشار إلى أن «الحاجة لمثل هذا المجلس نتجت بناءً على ما كان يحدث في مياه البحر الأحمر مؤخراً من تدخلات تركية وإيرانية، ومن أعمال إرهابية، حصلت لعدد من السفن، أثناء عبور البحر الأحمر، أو مضيق باب المندب، وعلى اعتبار أن السعودية، وجميع تلك الدول المطلة على البحر الأحمر، تستخدمه لتمرير تجارتها من دول العالم الأخرى وإليها، فإن منظور السيطرة والسلام والأمان في البحر الأحمر تصبح ضرورة وأولوية، وليست مجرد حاجة جانبية يمكن الاستغناء عنها».
وعن سر التوقيت، أضاف: «أعتقد أن الأطماع التركية والإيرانية في ازدياد، وأن الأسلحة يتم تهريبها وتوصيلها للمنظمات والأحزاب الإرهابية من خلال مياه البحر، وأن توحد الجهود سيتمكن من السيطرة التامة على مياه هذا الممر المائي الهام، وبالتالي، حفظ الأمن والسلام لجزء كبير من المنطقة.
واستطرد: «العمل الدؤوب السعودي يستمر، والأصدقاء يتفانون ولا بد لهذا السلام أن يسود ولهذا الإرهاب المقصود والاحتلال الخائن أن يزول، طالما استمرت المملكة السعودية، وأصدقائها في كتابة تاريخ المنطقة، بحروف الأمن، والوعي».
وأنهى حديثه قائلًا: «بنظرة اقتصادية، لننظر كم سيكون لهذا المجلس من فوائد تعود على الدول المطلة على البحر الأحمر، وكم من الوظائف سيتم تدشينها، وكم من التطوير والتقنية، يمكن أن يحل مكان جمود العهود الماضية».
من جانبه قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، رائد الخزاعلة، إن «العالم العربي في الوقت الراهن في أمس الحاجة إلى تجميع الصفوف، في ظل ما تشهده المنطقة من توتر كبير، خصوصاً في منطقة البحر الأحمر».
وأضاف أن «تشكيل مجلس للدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن يعد مشروعًا عربيًا للدفاع عن النفس أولًا، نظرًا لأن معظم الأقطاب الرئيسية في العالم تتوافد على المنطقة، وكل قطب جهز ترسانته العسكرية وقواته، وكأن المنطقة فريسة يريد أن ينهشها الجميع».
وتابع: «اليوم هذه المنظومة من المفترض أن تدافع عن نفسها، ومصالحها، وستصب في المصلحة العربية ككل، حتى وإن لم تكن كل الدول العربية موجودة داخل التكتل».
ومضى قائلًا: «البحر الأحمر يُعدّ الرئة التي تتنفس منها المنطقة العربية كلها، والمجلس الجديد نواة للدفاع عن النفس، وحماية للعرب من مخاطر التوتر القائمة».
في حين وقع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أول أمس، على ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، في إطار اجتماع تلك الدول بالعاصمة السعودية الرياض.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، في بيان «في إطار اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.. وزير الخارجية سامح شكري يوقّع على ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن».
من جانبها، قالت الخارجية الأردنية إن «الوزير أيمن الصفدي شدد لدى لقائه بن فرحان على وقوف المملكة بجانب السعودية في كل ما تتخذه من خطوات لحماية أمنها». كما شكر الصفدي الرياض على دعمها لبلاده.وأكد مجلس الوزراء السعودي على أهمية دور «مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن» في تعزيز سبل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين تلك الدول، مجدداً تأكيده على ما دعت إليه المملكة من أهمية العمل على تحقيق أمن المنطقة واستقرارها ودرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع نتيجة لتصاعد التوترات والأعمال الإرهابية التي حذّرت من تداعياتها.