عقد داخلية وتطوّرات المنطقة تؤجلان التأليف خواجه لـ«البناء»: دقة الوضع الإقليمي تتطلب حكومة «تكنوسياسية» لمواجهة المخاطر
} محمد حمية
لا يزال لبنان يقع تحت تأثير التصعيد العسكري في المنطقة، فبعد اغتيال الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس والردّ الإيراني الصاروخي على قاعدة عين الأسد الأميركية في العراق الذي كان بمثابة صفارة الانطلاق لمحور ودول المقاومة لبدء حرب مفتوحة على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة بحسب خبراء عسكريين، تبلور مناخ سياسي داخلي جديد وتحديداً لدى فريق المقاومة لمواكبة المرحلة الجديدة في المنطقة، ما استوجب إعادة النظر بشكل وتركيبة الحكومة العتيدة وإجراء تعديل لتصبح تكنوسياسية مكان التكنوقراط وتحديداً في ما يتعلق بحصة أمل وحزب الله وأسماء من يتولون وزارتي الدفاع والخارجية. هذا الكلام يتردّد في أوساط 8 آذار، وبحسب ما علمت «البناء» فإن تقييماً يجري بين أركان وأحزاب وقوى المقاومة وحلفائها لدراسة التطورات وضرورة إدخال تعديلات على التشكيلة الحكومية من دون نسف التركيبة برمّتها وإثارة غضب الرئيس المكلف حسان دياب.
وإذ ربطت مصادر بين التقييم الجديد في عين التينة وحارة حريك والقوى الحليفة وبين موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، بدعوته الى تأليف حكومة للمّ الشمل الوطني واتصاله بالرئيس سعد الحريري والحديث عن رفض الثنائي الشيعي تسليم دياب أسماء وزرائه، أكدت مصادر «البناء» أن «الاتصال الذي أجراه الرئيس بري بالرئيس الحريري كان لدعوته لحضور الجلسة التشريعية المخصّصة لمناقشة وإقرار الموازنة، ولم يتطرّق خلال الاتصال الى الملف الحكومي أو الوضع السياسي، فبري حريص على إقرار الموازنة ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي بـ 31 كانون الثاني وعدم إعطاء المجال لحكومة تصريف الأعمال أو الحكومة الجديدة للصرف على القاعدة الاثنتي عشرية»، مضيفة أن المجلس النيابي بإمكانه التشريع بلا الحكومة، لكن رئيس المجلس حريص على حضور الحكومة ورئيسها لا سيما في ملف الموازنة».
وأوضح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه لـ»البناء» أن «تشديد الرئيس بري على تأليف حكومة للم الشمل الوطني ليس موقفاً جديداً ولا يقصد حكومة وحدة وطنية ولا التدخل بعمل الرئيس المكلف، بل الرئيس بري أبلغ الرئيس المكلف منذ اللقاء الأول به في بعبدا بعد تكليفه، بضرورة حرصه على أوسع تمثيل سياسي في الحكومة الجديدة»، مشيراً الى أن «موقفنا منذ البداية بتأليف حكومة تكنوسياسية وجاء اغتيال سليماني والرد الإيراني والتصعيد في المنطق ليعزز منطقنا، ما يفرض ضرورة إعادة النظر بشكل الحكومة لتكون قادرة على تقييم الأوضاع الإقليمية واتخاذ الموقف والقرار السياسي المناسب لمواجهة المخاطر والتحديات، فلا يوجد وزراء أو حكومة تكنوقراط بمعناه الدقيق. فالحكومة تصنع السياسات العامة الداخلية والخارجية، وحكومة تكنوسياسية لا يعني تعويم الحكومة السابقة»، ويرى خواجة بأن «الهدف الأميركي من اغتيال سليماني تغيير المعادلات الحاكمة للصراع في المنطقة، فكان الردّ الإيراني منذ الموقف الأول للقيادة الإيرانية ثم التشييع المليوني في المدن الإيرانية والعراقية ثم الردّ العسكري ليفشل الهدف الأميركي»، ويرى خواجه أن «التطورات العسكرية ستترك تداعيات على كل المنطقة ولبنان جزء منها ولا يمكن تحييده وتطبيق سياسة النأي بالنفس كما يقول البعض، فهل الإسرائيلي يمارس النأي بالنفس تجاه لبنان؟ وهل الإرهاب يمارس الحياد مع لبنان؟ وهل الأميركي نفسه يطبق الحياد مع لبنان؟ فمع سوء الإدارة المالية والسياسات الداخلية الخاطئة، لكن أليس السياسات الأميركية تجاه لبنان من العقوبات المالية وإثارة الفوضى الداخلية ودعم إسرائيل هي أدوات الحرب على لبنان وخلق الأزمات فيه؟ وأليست العرقلة الأميركية لإعادة النازحين السوريين الى سورية يشكل أزمة كبيرة على لبنان؟ إضافة الى فرض صفقة القرن وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين في لبنان والدول الأخرى وتوطينهم في دول اللجوء؟
وإذ تحدّثت معلومات عن اتفاق على استبعاد كل الوجوه الوزارية السابقة بمن فيهم دميانوس قطار عن التوزير، نفت مصادر الرئيس المكلف «حصول أي تعديل على التشكيلة الحكومية التي قدّمها لرئيس الجمهورية في لقائهما الأخير ومن ضمنها الاتفاق خصوصاً على دميانوس قطار وزيراً في الحكومة». وأشارت المصادر الى أن «الرئيس المكلف هو الذي يشكل الحكومة وأجرى مشاورات كاملة لم تبلغ نقطة الصفر يوماً». وأوحت تصريحات الوزير جبران باسيل أمس الاول وأجواء التيار الوطني الحر أمس باستمرار الخلاف بين باسيل والرئيس ميشال عون مع الرئيس المكلف حول الحصص وبعض الأسماء، ولفتت مصادر قناة «او تي في» أن «إنجاز تأليف الحكومة ينتظر احترام وحدة المعايير ومن ضمنها اختيار وزراء جدد من الاختصاصيين أي استبعاد هؤلاء السابقين».
واستبعدت مصادر مطلعة في 8 آذار ولادة الحكومة في المدى المنظور، مشيرة لـ»البناء» الى مجموعة من العوامل تجعل من حكومة دياب صعبة الولادة كما كان متوقعاً، وتضيف أن الأمور كانت معقدة قبل اغتيال سليماني وحادث الاغتيال فرض مناخاً جديداً في المنطقة ولبنان، وتشير الى أن «العقد ما أعلن منها وما خفي ليست بقليلة كي يتم حلها بأيام، فهناك الحصة المسيحية لم تحسم وعقدة وزارة الخارجية فضلاً عن أن الحصة السنية».وتشير أوساط نيابية في اللقاء التشاوري للسنة المستقلين لـ»البناء» الى أن «وزارة الاتصالات حسمت من حصة اللقاء التشاوري الذي أرسل مجموعة أسماء الى الرئيس المكلف سيختار منها»، وعلمت «البناء» أن «الرئيس دياب يدرس السير الذاتية للمرشحين للمناصب الوزارية بشكل دقيق ومفصل ومدى خبرتهم في عمل الوزارات الى حد إجرائه شخصياً مقابلات مباشرة معهم».