كلٌّ بميقات…
لا تخشَ جفاف أيامك، وثق أنها ستمطر عليك يوماً، وستغاث بماء طهور لا كالمهل يشوي الوجوه، وسترطب عليك الحياة بنعم جليلة ولو تأخر هطول أمطارك، وتأكد أن موعد مطرك سيعينك على كشف نفسك وكشف من حولك. فلا شيء يسفر عن حقيقة المحبين أو زيفهم سوى السنوات السبع العجاف، يوم تدخل على معارفك بدون هدايا أو مصلحة منتظرة، ثق أن رب العالمين ينبّهك أنهم كانوا يحتفون بهداياك وعطاياك لا بك.
من حق كل إنسان أن يخلق الفرصة ويفتح الباب للحياة مع اختلاس شيء من الفرح الذي يعيده إلى دائرة ضوء الحياة بكلّ إحساسه بها، لكنّ الأكثر حقيقة هو علينا أن نعيد النظر في حساباتنا الخاطئة مع نهاية كل سنة تسقط من (قربة) عمرنا المنهَكة (بفتح الهاء) بالأحلام، والأشخاص الذين كانوا معنا في فترة زمنية معينة. ونتساءل هل سيكملون المشوار معنا أم سيلغى وجودهم؟ وحدها مواقفهم قادرة على الإجابة الصحيحة.
مع كلّ يوم يحذف من تقويم عمرنا، نتأكد أن ما اندلق من كأس العمر أكثر ممّا ظلّ فيها.
ساعة أن يسألوك ألم يساعدك فلان؟ فتيقن أنهم باتوا يتقاذفون مسؤوليات واجبهم في دعمك، فافهم أن الله يريد أن يكشف لك من يسعى بصدق لمساندتك ومن كان لا هم له سوى التكسّب من علاقته بك.
المطر المتأخر مقصود لتقييم من وقف بجانبك في الصحراء، من سيقول لك ولماذا لم يعطك فلان مظلته؟ مطرك المتأخر نعمة لغربلة محيطك لمن أراد الفهم.
حتّى وإن تأخّر مطرك، كن بطلاً في عملك، في جهادك الأصغر وأنت ربّ البيت وحامل مفاتيح القيادة، في حبّك لمن نسيت أن تقول لهم: «أحبّكم أكثر». في إخلاصك لبلدك بقدر ما تخدمه في مجال اشتغالك. في اقتناص اللحظة الحلوة لخلق جوّ المرح قريباً من شموعك الصغيرة، تلك التي لا تنطفئ إلّا بإرادتك.
احرص على ألّا تنطفئ أحلامك بالمثل، حتى لو تأخر مطرك الذي تنتظره.. كن على يقين أن لكلّ ميقاته وأنه سيأتيك في التوقيت المناسب.
والأهم ألا تنسى من كنت في كلّ مأزق تميل عليهم ويسندونك، يقومون بإصلاح ما لم تستطع أنت إصلاحه حتماً هم يمثلون المطر الحقيقي.
إنّ وابل المطر السريع يجمع حولك المستغلين والمستفيدين، فيما المطر المتأخر، فيأتي عقب الفتن، فيحصد صاحبه الغلال، بُعيد أن يكون أيضاً حصد أسماء المنافقين.
شيء من عطر الورد ينسيك وخز الشوك. فاصبر على كلّ شيء..
صباح برجس العلي
