الحكومة تسابق انفجار الأزمات مصادر «البناء»: تصريحات سلامة تغطية لإجراءات المصارف المقيدة لطلبات المودعين
} محمد حمية
تعيش الساحة الداخلية سباقاً بين التأليف وانتهاء المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة من جهة وانفجار الأزمات من جهة ثانية، وسط تساؤلات تدور حول مدى القدرة على الاستمرار بلا حكومة لوقت طويل في ظل تزاحم المشاكل الاقتصادية والمالية والحياتية لا سيما أزمة الكهرباء والمحروقات وارتفاع سعر صرف الدولار.
وإذ تضاربت المعلومات حول أسباب تأخير إعلان الحكومة، طالما حُلّت عقدتا الخارجية والدفاع بين الرئيس المكلف وكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بحسب ما علمت «البناء»، وذلك بموافقة التيار على اسم الوزير السابق دميانوس قطار في حقيبة الاقتصاد وليس في الخارجية كما أصرّ الرئيس المكلف على أن تؤول الخارجية لناصيف حتي، أما الدفاع فتمّ الاتفاق على ايلائها للواء ميشال منسى المحسوب على رئيس الجمهورية، فيما أمر وزارة الداخلية متروك للرئيس المكلف لتسمية من يريد طالما هي من حصة الطائفة السنية. وقد طرح دياب بحسب معلومات «البناء» ثلاثة أسماء على الرئيس عون وثنائي أمل وحزب الله ونال موافقتهم، مرجحة أن تؤول الى اللواء طلال اللادقي، فيما أكدت مصادر الرئيس المكلف أنه «متمسك بحكومة من 18 وزيراً من الاختصاصيين وأنه لن يعتذر»، وبالتالي فإن ما تقدّم لا يشير إلى بوادر إيجابية بشأن موعد محدد مرتقب لولادة الحكومة.
في المقابل لفتت أوساط مطلعة لـ»أو تي في» الى أن «رئيس الجمهورية ينتظر رد دياب على ملاحظاته الجوهرية التي اعطاها على التشكيلة الاخيرة»، ونفت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» أن «يكون اغتيال اللواء قاسم سليماني قد عدل في موقف حزب الله من التأليف»، موضحة أن «الحزب يملك كل عناصر القوة الاقليمية ولا حاجة لحكومة سياسية او تكنوسياسية تحميه طالما وزارتي الخارجية والدفاع في أيدٍ أمينة وقادرة على رسم موقف وطني من القضايا السيادية والخارجية والدفاعية». واستبعدت المصادر عودة الرئيس سعد الحريري الى الساحة الداخلية من بوابة إعادة تسميته لتأليف الحكومة في ظل ممانعة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والعقبات الخارجية، لا سيما أن دياب يؤكد بأنه لن يعتذر ومصرّ على تأليف حكومة اختصاصيين.
في موازاة الجمود الحكومي، عادت الأزمات الاقتصادية والمالية والحياتية الى الواجهة وسط حديث عن انهيار مالي واقتصادي قريب إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فيما لم تستطع تطمينات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في إطلالته التلفزيونية الأخيرة من التخفيف من وطأة الازمة على المواطنين ولا استعادة جزء من الثقة بالدولة والقطاع المصرفي، لا سيما قوله بأن «المصارف غير ملزمة بتسليف مودعيها بالدولار بل بالليرة اللبنانية»، ما أثار حملة اعتراض واسعة في الوسطين المالي والشعبي، فيما رأى بعض الخبراء أن كلام سلامة تغطية لإجراءات المصارف المقيدة لحاجات المودعين ولاحتجاز أموالهم.
وحذرت مصادر نيابية واقتصادية محسوبة على كتلة وسطية من أن «الوضع الاقتصادي والمالي يتجه نحو الأسوأ»، مشيرة لـ»البناء» الى أن «استمرار الوضع هكذا سيدخلنا في مرحلة الانهيار».
وعن تطمينات حاكم مصرف لبنان على ضمان الودائع والعملة الوطنية، لفتت المصادر الى «أن من واجب حاكم البنك المركزي أن يطمئن، لكن الوقائع مخالفة لهذا المناخ التطميني»، موضحة أن «ما يجري من تراكم للأزمات ليس صدفة، وليس وليد شهور أو سنوات بل تراكمات من السياسات الاقتصادية والمالية منذ العام 1975 حتى الآن»، ويشير الى أن «سلامة لطالما طمأن المواطنين بأن الليرة قوية وثابتة ومغطاة بسياسة نقدية يتبعها المصرف المركزي لتثبيت سعر الصرف، وها هي الليرة تفقد قيمتها امام الارتفاع القياسي للدولار، فما فائدة الحديث عن ثبات السعر الرسمي للصرف في المصرف المركزي والمصارف ويصل الى 2500 ليرة في سوق الصرافين ومرشح للارتفاع الى 3000 ليرة؟». وانتقدت المصادر «عدم تقديم المصرف المركزي والمصارف إجابات علمية وشفافة عن حقيقة الواقع المالي وأسباب ما وصلنا اليه ووضع إصلاحات للمعالجة فيما يُسهب القطاع المصرفي وسلامة في الشرح أمام المسؤولين الأميركيين بتقديم إيضاحات وبيانات؟».وفسّرت المصادر «ارتفاع سعر الدولار بتراجع حجم الاحتياطات اللازمة من الدولار إن في مصرف لبنان وإن لدى المصارف في مقابل تزايد الطلب من آلاف المودعين على الدولار في الوقت نفسه، ما يجعل الدولار مطلوباً أكثر من الكمية المعروضة فيتم التلاعب به من قبل المحتكرين الصرافين»، مضيفة: «لم تعد هناك مصادر لتأمين الكمية اللازمة من الدولار، فالأموال التي كانت تأتي بالدولار من الخارج إن من المغتربين أو المستثمرين أو الدول الداعمة تراجعت الى حد كبير. في المقابل لا يستطيع المصرف المركزي طباعة الدولار»، ولفتت الى أن «خطأ سلامة أنه ثبت معادلة التعامل بالدولار في الشراء والبيع والاستيراد للمواد الاساسية وعبر الشركات بشكل مباشر».