زيارة بأبعاد استراتيجية متعددة… دمشق بوابة الانتصارات
} ربى يوسف شاهين
رغم التصدّعات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في سورية والعراق ميدانياً، وعلى الساحة الإيرانية سياسياً، إلا انّ الساحة السورية وبلقاء الرئيسين الحليفين الروسي والسوري وعلى أرض دمشق الفيحاء، تُشكل انعطافة كبيرة لمجريات الأحداث في سورية، تحديداً بالتزامن مع استشهاد الجنرال قاسم سليماني، وما شكله استشهاده من غليان سياسي وعسكري، قد ينقل المنطقة إلى ساحة حرب عسكرية مُدمّرة، والمُسبّب دائماً الولايات المتحدة وسياساتها.
زيارة لها أبعادها الإقليمية والدولية، وتعبّر عن الانتصار الكبير المُحقق عبر لقاء القادة، اللذين انتصرا على الإرهاب العالمي، ومع التطورات الحاصلة في ملف الشمال السوري، وتقدّم الجيش السوري إلى مشارف إدلب، جاءت زيارة الرئيس بوتين لإنهاء الملف السياسي بين الطرفين الروسي والتركي، بالنسبة للشأن السوري، لا سيما أنّ بوتين غادر إلى تركيا، عُقب انتهاء زيارته إلى دمشق.
حساسية الموقف في الشرق الأوسط، توجب التدخل الروسي السياسي المباشر، وزيارة الرئيس بوتين إلى دمشق فاتحتها، فالشراكة السياسية الاستراتيجية بين سورية وروسيا، عكست تطوراً ميدانياً لافتاً على الساحة السورية والإقليمية معاً، وقد تجلت معالمها في ردع إرهابيّي تركيا عن تحقيق مكاسب لهم في منطقة الشمال السوري، حيث استطاع الرئيس بوتين احتواء التهوّر التركي في ملف إدلب، رغم محاولة تركيا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. حيث أكد بوتين في اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس السوري بشار الأسد في وقت سابق، على وحدة وسيادة سورية ارضاً وشعباً، وبأن اي اتفاق بين روسيا وتركيا سيُركز على محاربة جميع اشكال ومظاهر الإرهاب، وتفكيك أي أجندات انفصالية على الأراضي السورية.
وكان لقاء القادة لتعزيز هذه الشراكة في القضاء على الإرهاب، خاصة بعد حادثة اغتيال الفريق الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس ورقاقهما على ارض العراق، فالملف الإيراني لا يقلّ أهمية عن الملف السوري كون الصانع للإرهاب هو الولايات المتحدة.
لعبة خلط الأوراق للمشهد السوري من منظور واشنطن، تجلى في خلق حالة من الهيجان السياسي على الساحة العراقية والإيرانية، واللتين تعدّان من المحاور الأساسية في القضاء على داعش.
التوقيت الهامّ لزيارة الرئيس بوتين إلى دمشق، عزز أهمية المضيّ قُدماً بالهيكلية الاستراتيجية المتبعة للقضاء على مسبّبات الحرب على سورية. حيث أن تجوّل الرئيس بوتين في أحياء دمشق، وزيارة كنيسة الروم الأرثوذوكس، يُدلل على الحياة السلمية في البلاد.
الدور الروسي الكبير في المنطقة العربية والإقليمية يُعزى إلى عدة أسباب:
أولا: الدور الاستراتيجي والدولي الذي تلعبه روسيا كقوة مضادة للولايات المتحدة عالمياً، وهذا ما تشهده العلاقات الروسية القوية مع كثير من البلدان العربية والدول الغربية.
ثانياً: الدور الكبير الذي تلعبه روسيا على مستوى القمم ودول حركة عدم الانحياز، وإصرارها على ضرورة توسيع التعاون بما يخدم الأمن الإقليمي.
ثالثا: التأثير الروسي في قرارات مجلس الأمن كدولة دائمة العضوية، والتي استطاعت عبر حق النقض من تغيير مسار قرارات بعض الأنظمة العميلة المناهضة للسلم والامن الدوليين، كما في الحرب على سورية واليمن.
رابعاً: تشكل روسيا الاتحادية عبر قوتها الاقتصادية والعسكرية وخاصة الأسلحة الروسية، أهمية كبيرة في وقف احتكار الولايات المتحدة للنظام العالمي الاقتصادي المتمثل باحتكار شراء الأسلحة العسكرية.
روسيا استطاعت عبر مسيرتها التحالفية مع سورية خلال مدة الحرب على سورية، من تحقيق انتصارات على كافة الأصعدة، وما تحرير الأسير السوري ابن الجولان السوري المحتلّ صدقي المقت بوساطة روسية، إلا تعبير عن المكانة التي تتمتع بها روسيا والرئيس بوتين تحديداً لدى قادة الكيان الاسرائيلي الغاصب، فالمجابهة مع قوة كالقوة الروسية يحتاج إلى سنوات من التفكير العميق، لان روسيا كسورية… وهما بلدان يحترمان القانون الدولي.