احتفال تأبيني حاشد للشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما نصر الله: الردّ الإيراني على اغتيالهم قوي ومزلزل وأسقط هيبة أميركا وهو خطوة أولى في مسار إخراجها من غرب آسيا
وصف الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الردّ الإيراني الأوّلي على جريمة اغتيال الولايات المتحدة الأميركية الشهيدين قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللوّاء قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس ورفاقهما في بغداد، كان قوياً ومزلزلاً، لافتاً إلى أنه أسقط الهيبة الأميركية في عيون الأصدقاء والأعداء. ولفت إلى أنّ الردّ على الجريمة هو مسار طويل يجب أن يفضي إلى إخراج الولايات المتحدة من منطقة غرب آسيا.
كلام السيّد نصرالله جاء في كلمة له عبر الشاشة خلال الاحتفال التكريمي الذي نظمّه حزب الله لمناسبة ذكرى أسبوع الشهيدين سليماني والمهندس، ونُقلت الكلمة بالتوازي في بعلبك قاعة الإمام الخميني الثقافي، الهرمل قاعة مجمع سيد الشهداء، النبطية حسينية النبطية، البقاع الغربي حسينية سحمر، صور مجمع الإمام الحسين وبنت جبيل مجمع موسى عباس.
سليماني حمل راية المقاومة
في البداية ثمّن السيّد نصرالله تضحيات الشهداء في العراق وإيران وباقي الدول العربية والإسلامية. وأشار إلى أن سليماني «وقف إلى جانب الكثير من دول المنطقة في التصدي للإستكبار العالمي وكان خير من حمل راية المقاومة في المنطقة، كما استطاع أن يؤسس لعلاقة مميزة ومتينة مع قيادات حزب الله لدرجة أننا شعرنا بأنه واحد منّا».
وأضاف « كان حضوره بيننا دائماً وكبيراً حتى في الميدان وفي الخطوط الأمامية وفي السواتر الترابية ومشاهد الحضور في السواتر الترابية في العراق واضحة ومنشورة».
وأشار السيّد نصر الله إلى أنه مع تولي سليماني «مسؤولية قوة القدس كان دائماً يحضر في أوقات متقاربة جداً وكان يحمل آلامنا وحاجاتنا ويتابعها في الجمهورية الإسلامية ويقوم بتأمينها لنا حتى أكثر مما كنا نطلب أو نتوقع وكان يساعدنا ويفكر معنا ويقوينا وكان يقدم لنا مساعدة فكرية ومادية ومعنوية وحضور دائم إلى جانبنا وهذا لم يكن يشعر به أحد في لبنان ولم يتحدث به أحد».
ولفت إلى أن «أحد أسباب تطور عمليات المقاومة وأحد الأسباب الرئيسية في تحرير عام 2000 هو متابعة ودعم الحاج قاسم سليماني كحامل الراية ومندوب من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران وهو كان شريكاً كاملاً في تحرير لبنان في 25 أيارعام 2000 وبعد شهادته من واجبنا أن نقول هذه الحقيقة».
وقال «في عدوان عام 2006 وصل الحاج قاسم سليماني إلى الضاحية الجنوبية لبيروت وبقي معنا كل أيام الحرب تحت القصف في غرفة العمليات وكان يجادلنا إما أن أحيا معكم أو أموت معكم، وفي اليوم الثاني لوصوله إلى طهران بعد حرب تموز عمل على تأمين الدعم وعدنا إلى بيوتنا ورممناها ولاحقاً كانت المساهمة الإيرانية كبيرة في إعادة الإعمار».
وفي ملف معركة السلسلة الشرقية قال السيّد نصرالله إن «البعض عندما ينظر إلى المعركة في السلسلة الشرقية في إخراج داعش وأخوات داعش في جرود عرسال يحاول أن يسخّف كل الإنجازات الكبيرة. ولو لم يتم إلحاق الهزيمة في داعش في شرق حمص وفي تدمر والبادية والسخنة هل كان من الممكن إخراجها من السلسة الشرقية؟ هذه معركة واحدة».
وأشار إلى أن «المعركة مع داعش والتي دفعت الأخطار عن لبنان واللبنانيين لم تكن معركة في السلسلة الشرقية أو في جرود عرسال بل كانت معركة واحدة ممتدة من السلسلة الشرقية إلى البادية وشرق الفرات ودير الزور وكان الحاج قاسم سليماني حاضراً بشخصه معنا ومعنا الأخوة السوريين».
وأوضح أن سليماني «كان بإمكانه أن يبقى في طهران ويرسل الدعم إلى العراق ولكنه فتح الحدود وحضر في اليوم التالي إلى بغداد وداعش في تلك الأيام كانت وما زالت صنيعة أميركية ومدعومة من دول بالمنطقة، وعندما استشهد الحاج سليماني وأبو مهدي المهندس كانت قوات الحشد تقوم بعمليات تطهير أمنية لأن داعش استغلت الأحداث لتستعيد قتلها ومجازرها بحق العراقيين».
وأشار إلى أنه «لو لم تهزم داعش بالعراق لكانت هددت كل دول المنطقة، والهزيمة في العراق ساعدت بهزيمتها بسورية ولولا هزيمتها كانت دول الخليج التي قدمت كل شيء لداعش في خطر وإيران في خطر وتركيا في خطر ولكان السم سيقضي على طابخيه».
الحشد الشعبي دافع عن كل المنطقة
وأكد أن سليماني والمهندس وكثيرون معهما «ألحقوا الهزيمة بداعش وكل شعوب المنطقة يجب أن تشكر الحشد الشعبي وقادته وجنوده وشهدائه لأنهم في معركتهم بمواجهة داعش دافعوا عن كل شعوب المنطقة».
وفي موضوع تشييع الشهيد سليماني قال «كنا نقول إن تشييع الإمام الخميني قبل أكثر من 30 عاماً حالة فريدة في التاريخ ولم نشهد في تاريخ البشرية، وتشييع الحاج قاسم سليماني في طهران لا مثيل له في التاريخ بعد تشييع الإمام الخميني».
وأضاف»الشعب الإيراني عبّر عن حزنه ورسالة التشييع في كل المدن الإيرانية عظيمة جداً وخبراء أميركيون قالوا إن التشييع في طهران أرعب (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب وإدارته».
وتابع «دلالة الحشد البشري في خوزستان رسالة إلى بعض أنظمة الخليج التي تتآمر على الجمهورية الإسلامية من الأهواز وخوزستان وتحاول أو تستغل الموضوع العرقي والمذهبي وتتآمر على إيران وتحاول أن تستغل بعض الظروف الصعبة في خوزستان». وقال «أمام هذا المشهد في إيران يشعر الإنسان كأننا أمام ولادة جديدة للثورة الإسلامية في إيران ببركة هذه الدماء الزكية وهذا ليس من خوزستان بل من كل إيران».
وتابع «من دلالات هذه الشهادة العظيمة أنها أعطت زخماً قوياً لقيم الجهاد والشهادة والأخلاق والتفاني في سبيل المظلومين العابرة للحدود، وهناك جهد ثقافي وهائل في العالم للسخرية والإستهزاء بقيم الجهاد والشهادة»، مشيراً إلى أن «من أهم دلالات وتداعيات هذه الشهادة العظيمة أنها أعادت الصورة الواضحة الحقيقة لأميركا إلى شعوبنا وحكوماتنا ودولنا».
واعتبر أنه «عندما يقتلون كبار قادتنا وخيرة إخواننا بفتح الباب على كل جدرائم أميركا في منطقتنا ويعيدها إلى مكانها الصحيح والطبيعي على أنها العدو الأول والحقيقي والشيطان الأكبر ورأس الطغيان في عالمنا هذا».
ولفت إلى أن «كل عملية انتحارية نفذت في العام الإسلامي يجب أن يكتب عندها صنع في أميركا لان داعش هي أداة أميركا للعودة إلى المنطقة عبر الحروب الأهلية والفتن وأميركا هي التهديد الأول وإسرائيل هي مجرد أداة عسكرية أميركية والتهديد الأول لكل شعب هي الولايات المتحدة الأميركية وهي الناهب الأول للخيرات في بلادنا».
الضربة في «عين الأسد» والعزاء في «إسرائيل»
وعن الرد الإيراني قال السيّد نصرالله «قرار الرد الإيراني هو قرار الشعب الإيراني وتطلعات الشعب الإيراني الحاضر للذهاب إلى الحرب للدفاع عن كرامته والثأر لاستشهاد القائد قاسم سليماني»، لافتاً إلى أن «الضربة الإيرانية كسرت الهيبة الأميركية في عيون الأصدقاء وفي عيون الأعداء والإيرانيون أبلغو الأميركيين عبر وسطاء أنهم إذا رديتم سنضرب كل قواعدكم وسنضرب الكيان الإسرائيلي».
وتابع «الضربة الإيرانية رسالة إلى كل من يتآمر مع أميركا ضد ايران والصواريخ نزلت في عين الأسد والعزاء كان في الكيان الإسرائيلي وعندما يسمع الإسرائيليون التهديدات من القيادة الإيرانية يجب ان يأخذوها بجدية».
وأردف «كل القواعد الأميركية في المنطقة هي تحت مرمى الصواريخ الإيرانية وبدقة ومع العلم أن الجمهورية الإسلامية تملك صواريخ أدق من الصواريخ المستخدمة في العملية والأميركيون لم يستطيعوا إسقاط هذه الصواريخ وهذه هي حال كل القواعد الأميركية».
وتابع»هذه الضربة وهذه الصفعة كشفت عن قوة القدرات العسكرية الإيرانية وهذه من صناعة إيرانية وليست مشتراة من مصانع السلاح والعملية نفذها ضباط وجنود إيرانيون وليسوا مستأجرين كما هو الحال في بعض الدول، وتدل على شجاعة منقطعة النظير لدى القيادة والشعب في إيران هذا أمر لم يحصل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث وجهت دولة ضربة عسكرية إلى قاعدة أميركية».
وتساءل «من يجرؤ في الكرة الأرضية منذ انتهاء الحرب العالمية أن يقف في وجه أميركا وأن يضرب أحد قواعدها بالصواريخ وبالأخص بعد تهديدات ترامب بقصق 52 موقعاً إيرانياً ولكنه ابتلع تصاريحه وهذا له ما قبله وله ما بعده»، مؤكداً أن «الرد على جريمة الاغتيال هي مسار طويل يجب أن يفضي إلى إخراج الولايات المتحدة من منطقة غرب آسيا وما حصل في عين الأسد ليس الرد على استشهاد الحاج قاسم سليماني بل هو صفعة في هذا المسار الطويل وخطوة أولى وقوية ومزلزلة».
واعتبر أن «ترامب يكذب على شعبه وهو أكبر رئيس كذاب في تاريخ الولايات المتحدة والحاج قاسم سليماني لم يكن يخطط لتفجير سفارات أميركية، للتغطية على الأسباب الحقيقة التي تقف خلف ارتكابه لهذه الجريمة»، مشيراً إلى أن «الإنكفاء الأميركي والصفعة الإيرانية درس للجميع أن يكونوا شجعاناً أن يكونو مؤمنين وواعين».
واعتبر أن «أولى الساحات المعنية بالرد على الجريمة هو العراق لأن الجريمة حصلت على الأرض العراقية وفي ظل السيادة العراقية ولأن الجريمة استهدفت أيضاً قائداً عراقياً كبيراً ورسمياً وقادة في الحشد الشعبي ولأنه استهدفت الحاج قاسم سليماني وإخوانه من القادة الإيرانيين». وتمنى «على السيد مسعود البارازاني أن يعترف بجميل الحاج قاسم لأنه عندما كاد إقليم كردستان أن يسقط بيد داعش واتصلت بأصدقائك ولم يعاونوك، فاتصلت بالإيراني وكان الحاج قاسم سليماني إلى جانبك في اليوم الثاني ومعه أخوة من حزب الله ذهبوا إلى أربيل ويومها كان مسعود بارازاني يرتجف».
الخروج الأميركي عمودي أو أفقي
وأعرب السيّد نصرالله عن اعتقاده أن «على محور المقاومة أن يبدأ العمل وما قيل قبل أيام هو ليس كلاماً للإستهلاك المحلي وليس لإعطاء المعنويات بل قوى المقاومة جادة وهادفة للهدف الكبير والشهور المقبلة ضمن المسار الطويل، وعلى الأميركيين أن يخرجوا جيشهم من منطقتنا والبديل عن الرحيل عامودياً هو الرحيل أفقياً وهذا قرار حاسم في المحور والمسـألة مسألة وقت، و من يتصور أن هذه الشهادة العزيمة ستُنسى فهو مخطئ ونحن نتحدث عن عصر جديد في المنطقة وهذا ما ستأتي بأخباره الأيام».
وختم السيّد نصرالله «إن الإدارة الأميركية والقتلة سيدفعون الثمن غالياً وسيكتشفون أنهم أخطأوا التقدير، وبعد استشهاد سليماني العالم سيكون عالماً آخر لا مكان فيه لهؤلاء المستبدين وستكتشفون بالدم أنكم بقتل الحاج سليماني لستم أكثر أمناً».