«اللوحة الصغيرة»…معرض فنّي جماعي لتشكيلّيين سوريين وفلسطينين
} لورا محمود
لطالما شكّل الموقف السوري الثابت من القضية الفلسطينية السند الحقيقي للشعب الفلسطيني ولم تكن الرصاصة والسلاح والسياسة هي الداعم فقط لهذه القضية بل أيضاً فلسطين كانت حاضرة في كلّ الصنوف الثقافية فلا تخلو ندوة أو محاضرة أو معرض فنّي إلا ونجد أحد مبدعيها أو مثقفيها الذين أثروا وتأثّروا في الثقافة السورية فدمشق موجودة في قلوبهم وأعمالهم وإبداعاتهم كما فلسطين لذا اجتمع عدد من الفنانين التشكيليّين السوريين والفلسطينيين في عمل فنّي جماعي بعنوان «اللوحة الصغيرة» بمشاركة 10 فنانين سوريين و20 فناناً فلسطينياً في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة.
في حديث مع «البناء» قالت مديرة المركز الثقافي العربي رباب أحمد إن هذه التظاهرة التشكيلية الجميلة هي تظاهرة سنوية نشكر بها اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، فمعرض اليوم يضمّ باقة من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين من مدارس مختلفة لهم بصمة خاصة بالمشهد التشكيلي وأيضاً فنانين تشكيليّين سوريين يقدّمون لوحات تحتوي موضوعات مختلفة ضمن معرض «اللوحة الصغيرة» فليس هناك أحجام كبيرة ضمن عالم اللوحة لكن ضمن اللوحة الصغيرة هناك أيضاً فضاءات واسعة وملوّنة وتعبّر عن بصمة خاصة لكلّ فنان.
وأضافت أحمد: هذا المعرض من أهم المعارض وأكثرها غنىً ضمن الباقة المنوّعة الأسبوعية للمركز الثقافي، فهناك أسماء كثيرة ومدارس متنوّعة كما اسلفنا، ونتمنى أن يدوم هذا التعاون والعطاء والتألّق لجميع الفنانين التشكيليّين سواء من فلسطين أو من سورية.
والتقت «البناء» مع بعض الفنانين السوريين والفلسطينيين المشاركين في المعرض:
الفنان التشكيلي السوري أسامة دياب لفت إلى أن اللوحة الصغيرة فيها طاقة أكثر من اللوحة الكبيرة والفنان الذي يضع ويحصر إحساسه بهذه المساحة الصغيرة تكون لوحته أكثر صدقاً وأقرب إلى القلب وأنا لي معرض فردي ضمّ فقط لوحات صغيرة.
وأضاف: مشاركتي اليوم بلوحات غريبة عني نوعاً ما حملت موضوع الطبيعة الصامتة فيها حساسية وأمكنة غريبة ولون الشمس فيها مضيء ومشع بطريقة طغت على اللوحة وأنا أشارك دائماً بهذا التجمّع.
أما الفنان خالد الحجار فأكد أن الفنانين السوريين والفلسطينين هم واحد كما الشعبين أيضاً لذا هذه المعارض تعزز هذه الٌلحمة وتمزج الفنّ السوري مع الفلسطيني، إضافة إلى اكتشاف تجارب مختلفة عند الجميع وتأكيد هوية فلسطين من خلال المعارض والنشاطات الثقافية لا يقل أهمية عن تأكيد هذه الهوية بالنشاط السياسي.
ونوّه الحجار إلى أن قياس اللوحة ليس آلية لتقييم اللوحة، فالمهم أن تستطيع اللوحة أن تحمل المضمون فأغلب الأحيان التعامل مع اللوحة الصغيرة أصعب من الكبيرة ويتطلّب دقة أكثر، وهي غير قابلة لتصحيح. وأنا أرى أن المعرض غني ويرتقي لمستوى جيد وفيه تجارب مختلفة. نتمنى أن يقام هذا المعرض في يوم من الأيام في القدس.
الممثل والفنان التشكيلي الفلسطيني محمود خليلي أشار لـ»البناء» أن معرض «اللوحة الصغيرة» لا يحتمل أن نقدّم أفكاراً كثيرة وعميقة. فالفنان يقدّم شيئاً من ملامح تجربته ويقدّم حالات أكثر مما يقدّم لوحات ذات أفكار عالية التفاصيل والمستوى، فهذا نراه في اللوحة الكبيرة.
وأنا قدّمت لوحات فيها البنيان الفلسطيني الشامخ والثابت لكن نرى من الشبابيك هناك حالة من النزف. فهو في الشكل صامت، لكن في الحقيقة ينزف دائماً وهناك شجر ليس مورقاً لكنه في السماء أخضر فقد حاولت بثّ الأمل في اللوحة التشكيلية مع كل هذا الألم الذي نعيشه في منطقتنا العربية كلها.
بدوره الفنان التشكيلي الفلسطيني علي جروان، قال: هذا معرض سنوي يقيمه اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين وأشارك بثلاثة أعمال تحكي عن الحنين للأرض وكم هي أرض فلسطين متكاملة ومتماسكة.
وتابع: نحن دائماً مع تماس مباشر مع الفنانين السوريين وليس هناك فرق بيننا سواء من الناحية التقنية أو حتى بالهم والمواضيع ونحن نستفيد من تقنيات بعضنا.
أما معتز العمري وهو فنان فلسطيني، فقال: المعرض ضمّ لوحات صغيرة لسهولة تنفيذ العمل وهو عمل بسيط وممتع يختزل الفنان تجربته بلوحة صغيرة والذي يجمع اللوحات كلها هو الروح الوحدة، وكل فنان عنده رؤيته الخاصة والمواضيع مختلفة من طبيعة صامتة الى الحارات الدمشقية القديمة الى البورتريه. فالمعرض يفتح مساحة للفنان وهي عملية تبادلية بين التجارب الفنية وقد بلغ عدد الأعمال المعروضة 59 لوحة.
محمد خليلي فنان تشكيلي فلسطيني تحدّث قائلاً: توقفت فترة عن الرسم بسبب كل ما جرى في مخيم فلسطين. فهذا أثّر على كل شيء فينا كفلسطينيين، لكن عدت للعمل الفني منذ سنتين تقريباً. وهذه أول تجربة لي في هذا المعرض واستثمرت هذه الفرصة لإعادة إنعاش تقنياتي كفنان وبناء أدواتي من جديد. واليوم في لوحاتي استخدمت اللون الذهبي وبنيت اللوحة بطريقة عكسية وموضوعات لوحاتي كانت عن توضيح حالة الركود التي وصلت اليها الشعوب العربية بما يخصّ القضية الفلسطينية وحالة السكون وكأن «اسرائيل» أصبحت أمراً واقعاً، ولكن رغم كل شيء هناك بصيص أمل وشعب صامد يقاوم الاحتلال.