أعلن رفضه مشروع قانون الموازنة العامة طارق خوري: إما أن نُسقِط اتفاقية الغاز أو نَسقُط نحن
أعلن عضو مجلس النواب الأردني طارق سامي خوري رفضه مشروع قانون الموازنة العامة، داعياً إلى إسقاط اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني «وأن نشكل مع أبناء شعبنا رأياً عاماً ضاغطاً للتراجع عن هذه الاتفاقية التي تأخذ من الأردن أكثر بكثير مما تعطيه».
وفي كلمة ألقاها خلال جلسة خُصّصت لمناقشة مشروعي قانوني الموازنة العامة والوحدات الحكومية للسنة المالية 2020، قال خوري: «الأردنيون أمام القانون سواء حسب مواد الدستور، وكذلك كفل الدستور العمل والتعليم لإشاعة الطمأنينة في قلوب كل الأردنيين، لكن الحكومات المتعاقبة تصر على مخالفة الدستور إذ أنها تنتصر للجغرافيا على حساب الديموغرافيا في مخالفة صريحة للدستور».
وتحدث عن دور أبناء مدينة الزرقاء وأطرافها في رفد الاقتصاد الوطني داعياً إلى إنصافهم، وقال: «أبناء مدينة الزرقاء وأطرافها، ومعظمهم من أبناء المتقاعدين العسكريين، نحتوا الصخر وشقوا طريقهم إلى تأمين لقمة عيش كريم بعرق جبينهم، من دون الالتفات إلى الوظيفة الحكومية، وها هم يشكلون النسبة الأعلى من خزان العمال والحرفيين والمهنيين لعمان وضواحيها. وإنني إذ أحييهم وأغبطهم على إقبالهم بروح وطنية وثابة للعمل من دون إرهاق ميزانية الدولة، بل إنهم يساهمون في رفد الاقتصاد الوطني، لذلك على الدولة الأردنية إنصاف أبناء المدينة التي كانت تسمى مدينة العمال والعسكر، والتي أصبحت الآن مدينة المنتجين، علماً وفكراً وغلالاً وصناعة».
وأضاف: «ما أعظمكم أبناء الزرقاء وأنتم الطاقة البشرية التى تستمد منها الأردن العطاء والحياة».
وتطرّق خوري في الجزء الثاني من كلمته إلى موضوع اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني، قائلاً: «لن أرفع شعارات لم تعد تغني ولا تسمن من جوع بل أضحت فولكلوراً يستخدمه مسؤولونا في المناسبات، بل أريد أن أدخل في موضوع أساسي وهام يشغل بال الأردنيين، مباشرة وبالسؤال الصريح: لماذا اتفاقية الغاز؟
منذ عام 2018 بدأت الحكومة (حكومة دولة عمر الرزّاز) استملاك أراضي الفلاحين لتمديد أنبوب «العار» ضمن أراضينا بموجب اتفاق سري جرى عام 2016 مع حكومة دولة هاني الملقي حينها، والتي تنصّ على مدّ الأردن بالغاز المُغتصَب من أرضنا الفلسطينية لمدة 15 عاماً، طبعاً مع تكبيل الأردن بشروط مجحفة، لا سيما الشرط الجزائي الذي يفوق المليار دولار وهو ما يعد جريمة بحقّ الوطن. وهنا نسأل: لماذا هدر المليارات كشروط جزائية هنا وهناك؟ أليس المال العام ملك الشعب الأردني ومن حقه أن يعرف أين يصرف هذا المال؟
لماذا نعقد المزيد من الاتفاقيات المذلة مع هذا العدو ونرهن مصير دولتنا وشعبنا، في وقت يفاخر هذا العدو جهاراً نهاراً باستهداف الأردن بصفقة القرن والوصاية الهاشمية؟ وللأسف أنّ ذلك يتم بالتواطؤ مع بعض الدول العربية.
لماذا هذا الإذلال؟ ما المصلحة في رهن اقتصادنا وشعبنا وكرامتنا ووجودنا لأعدائنا»؟
وأشار إلى الدور الهام الذي يجب أن يلعبه النواب في إطار مواجهة الاتفاقية، وقال: «أما نحن البرلمانيون، ورغم كلّ ما يقال عن أنّ التراجع عن هذه الاتفاقية معقد وصعب، فإنّ دورَنا إن كنا حقاً ممثلين لأبناء شعبنا الأردني الحر، أن نرفع صوتنا عالياً مدوياً كصدى لصوتهم: صوت الحق أمام الحكومة وأن نستفيد من الأخطاء والثغرات الدستورية في هذه الاتفاقية وأن نشكل مع أبناء شعبنا رأياً عاماً ضاغطاً للتراجع عن هذه الاتفاقية التي تأخذ من الأردن أكثر بكثير مما تعطيه، فهذه الاتفاقية، وكما تعلمون زملائي النواب، هي غير دستورية مهما حاولت المحكمة الدستورية إعطاء تفسيرات مغايرة، ذلك أنّ المادة 33/ 2 من الدستور الأردني تنص على أنّ أي اتفاق تترتب عليه نفقات من الخزينة يجب أن يحظى بموافقة مجلس الأمة. كما أنه لا يجوز أن تتضمن أي اتفاقية بنوداً سريّة تتعارض مع البنود العلنية».
وتابع خوري: «لقد برّرت المحكمة الدستورية عندما أقرت عدم عرض الاتفاقية على المجلس، باعتبارها اتفاقية تتعلق «بشؤون غير سياسية». فليشرحوا لنا ماذا تعني عبارة «شؤون غير سياسية»؟ وكيف نكون «مجلس أمة» ويتم تغييبنا عن أمور مصيرية هامة تتعلق بسيادة هذه الأمة؟ منذ متى صراعنا مع هذا العدو الغاشم فيه فصل بين ما هو سياسي وما هو غير سياسي؟ وهل يعني هذا أننا قد نشهد في الأيام المقبلة اتفاقيات تطبيع ثقافية أو اجتماعية أو رياضية مثلاً من دون عرضها علينا بذريعة أنها غير سياسية؟
نحن حتى الآن، أيها السادة الزملاء، لا نعرف ما هي البنود السرية لاتفاقية الغاز حتى يوافق عليها المجلس أو يرفضها. وللأسف إنّ المواقف المتناقضة «لبعض» البرلمانيين تجاه العديد من القضايا المصيرية تضع مصداقيتنا جميعاً كممثلين لأبناء شعبنا على المحك، وكثيراً ما نسمع شعارات ومواقف رنّانة شعبوية من بعض البرلمانيين حول قضايا مختلفة، لكن وقت التصويت السياسي على الموضوع نجد هذه المواقف تضمحل وتتلاشى. حتى أنّ الكثير من أبناء شعبنا والصحافيين والمحللين يذهبون بعيدا في انتقادهم لنا إلى حد القول إنّ مجلسنا هذا هو مجرد ديكور وهو بعيد كل البعد عن هموم الأردنيين وأوجاعهم وقضاياهم وبالتالي لا يمثلهم»!
وختم النائب طارق خوري: «زميلاتي وزملائي… ابتداءً من سعادة الرئيس وانتهاءً بأصغرنا سناً نحن أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن نُسقط اتفاقية العار أو نَسقُط نحن والسقوط هنا ليس بالعودة إلى المجلس من عدمه بل هو السقوط الأخلاقي المريع».
وتوجّه إلى رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة: «وأنت دولة الرئيس ستغادر المكان يوماً ما ولكن أياً كان قرارك بشأن اتفاقية العار فإنك لن تغادر الزمان، وسيبقى شعبنا يذكرك إما بالارتهان والتخلّي عن السيادة أو يكللك بالمجد والغار».
كما تطرّق خوري في كلمته إلى أمور أخرى أبرزها ما يتعلق بتنشيط السياحة ودور سفارات الأردن في الخارج.
وكان مجلس النواب الأردني واصل أمس، لليوم الرابع على التوالي، مناقشة مشروعي قانوني الموازنة العامة والوحدات الحكومية للسنة المالية 2020 وأقرّه خلال جلسة عقدها برئاسة رئيس المجلس عاطف الطراونة وحضور رئيس الوزراء عمر الرزاز وهيئة الوزارة.
وتوالى على الكلام خلال الجلسة عدد من النواب وتركّزت الكلمات حول المشكلات الاقتصادية واتفاقية الغاز مع الاحتلال والبطالة وعجز الموازنة وخطط الإصلاح الاقتصادي.