قاسم سليماني والذين معه
} شوقي عواضة
بعد الصفعة الأولى التي تندرج ضمن عملية الردّ الإيراني على اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق الحاج أبو مهدي المهندس تتجه الأنظار نحو بغداد بانتظار ما سيتمخض من إجراءات بعد مطالبة الحكومة والبرلمان العراقيين الولايات المتحدة بالانسحاب من كافة الأراضي العراقية. قرار سرعان ما ردّ عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر شبكة “فوكس نيوز” معرباً بأنه لا مشكلة لديه في الانسحاب من العراق ولكن على العراقيين أن يدفعوا مقابل انسحابها.
في ظلّ ذلك عقدت قيادات فصائل المقاومة العراقية بالأمس اجتماعاً في مدينة قم الإيرانية لوضع آليات إخراج (القوات الأميركية) حضره العديد من قيادات الحشد يتقدّمهم زعيم «التيار الصدري” السيد مقتدى الصدر، وأمين عام منظمة بدر الحاج هادي العامري، وأمين عام حركة النجباء الشيخ أكرم الكعبي إضافةً إلى أمين عام كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي وأمين عام كتائب حزب الله العراق والمعاون الجهادي للأمين العام لـعصائب أهل الحق ليث الخزعلي ليخرج المجتمعون بموقف أجمعوا فيه على ضرورة إخراج القوات الأميركية من العراق، متفقين على تشكيل لجنة تنسيق عليا للفصائل تعمل على تنظيم العمل والتنسيق الإعلامي للمرحلة القادمة، في موازاة ذلك عقدت بعض القيادات السنية في الإمارات اجتماعاً ناقشت فيه إمكانية الانفصال وإقامة إقليم سني يمهّد لإعادة الانتشار الأميركي ويشكل حصناً لحمايتهم في حال وصلت الأمور إلى حدّ المواجهة، أمر أكده مقرّبون من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورفضه دار الإفتاء العراقي في بيان له حيث أعلن أنّ أمراء القبائل وشيوخ العشائر من أهل السنة في المحافظة الغربية يرفضون رفضاً قاطعاً ما أصدرته بعض القوى والتحالفات باسم قيادات السنة، وأنّ دار الإفتاء العراقي ترفض رفضاً قطعياً وجود أية قوات عسكرية في العراق تحت أيّ مسمّى أو مشروع تقسيمي، واصفةً ذلك بالخيانة الكبرى للعراق وشعبه وسط ذلك تسعى إدارة ترامب إلى اللعب بالنار فتارة تهدّد باحتجاز مليارات الدولارات للعراق في المصارف الأميركية وتارةً تهدّد بفرض عقوبات على العراق وهي التي تسعى دائماً إلى إشعال الساحة العراقية ونسف الاستقرار فيها من خلال تحريك أدواتها من داعش وغيرها، او طرح مشروعها التفتيتي وتحويل العراق الى أقاليم متعددة بطريقة تغري بعض أذنابها واللاهثين خلف وهم الحكم على أنقاض العراق وتارةً أخرى تلعب على الوتر المذهبي والديني والإثني والقبلي وهي تريد بذلك إشغال العراق والمراوغة في عملية انسحابها التي أصبحت قدراً محتوماً لا مفرّ منه. وما يؤشر إلى لجوئها لإشعال الساحة العراقية عن سابق إصرار وترصّد وتخطيط هو ما قامت به في صيف عام 2019 حيث درّبت أعداداً كبيرة من الشباب في محافظة الأنبار بحجة مواجهة داعش وهذا يؤكد نية ترامب بعدم الانسحاب من العراق إلا أفقياً كما أشار سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته قبل أيام. وهذا ما ستؤكده الإدارة الأميركية في ردّها الذي ستعلن فيه إعادة الانتشار وليس الانسحاب والتوجه نحو المناطق الشمالية والغربية التي تعتبرها أكثر أمناً لها وبعيدةً عن مرمى صواريخ المقاومة.
تلك حسابات ترامب وإدارته أما حسابات الشرفاء والمقاومين الثائرين للجنرال قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس فقد أرست قواعد جديدةً تقول لن نقبل بأيّ تموضع او انتشار للقوات الأميركية في العراق بأكمله حتى في كردستان وأنّ فصائل المقاومة اتخذت بعد استشهاد القائدين سليماني والمهندس قرار إخراج القوات الأميركية من العراق أفقياً أو عمودياً. لكن اليوم وبعد المراوغة الأميركية بعدم الالتزام بقرار مجلس النواب والحكومة العراقية بالانسحاب، فإنّ المقاومة العراقية وسراياها وشرفاء الشعب العراقي من الشيعة والسنة والتركمان والمسيحيين والعشائر والقبائل وكافة الأطياف ستتعاطى مع القوات الأميركية على أساس أنها قوات احتلال وغزو وستعمل على دحر هذه القوات وتقهقرها أفقياً وسيدرك ترامب وإدارته أنّ معركة استئصال الوجود الأميركي من غرب آسيا قد أشعلت فتيلها دماء الشهداء الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس والذين معهم والتاريخ القريب يشهد فانتظروا…