بوتين في رسالته السنوية إلى الجمعية البرلمانية الفيدرالية.. روسيا لن تسعى للحاق بأحد في مجال التسلّح بل على الآخرين اللحاق بها والقوى النووية الخمس مسؤولة عن الأمن في كوكبنا

وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، رسالته السنوية إلى الجمعية البرلمانية الفيدرالية، التي أوضح من خلالها تقييمه للأوضاع في البلاد ومهام الدولة المستقبلية. وتطرّق بوتين في هذه الرسالة إلى التوجهات والمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية للبلاد:

وصرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه «تم الإعلان عن هذه الرسالة في بداية العام ولأول مرة لأن البلاد تواجه عدداً من المهام واسعة النطاق في مختلف المجالات».

وأضاف «علينا أن نقوم بحل العديد من المهام والمسائل بسرعة ودون تأخير وهي تتعلق بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والتكنولوجي».

وأشار إلى أنّ «ذلك سينعكس على المشاريع الوطنية التي يتطلب تنفيذها عمل الحكومة وحواراً مباشراً مع المواطنين».

روسيا يجب أن تبقى قوية

أكد الرئيس الروسي أنه «يجب أن تبقى روسيا جمهورية رئاسية قوية». وقال بوتين في رسالة إلى الجمعية الفيدرالية: «أنا مقتنع بأن بلادنا، بأراضيها الشاسعة، وهيكلها القومي والإقليمي المعقد، وتنوّع التقاليد الثقافية والتاريخية، لا يمكنها أن تتطوّر بشكل طبيعي، وسأقول أكثر من ذلك، إنها موجودة بشكل جمهورية برلمانية مستقرة، ويجب أن تظل روسيا جمهورية رئاسية قوية».

وتابع الرئيس الروسي: «يجب أن يظل الرئيس في سيطرة مباشرة على القوات المسلحة وجميع أنظمة إنفاذ القانون. لكن في هذه الحالة أيضاً، أعتبر أنه من الضروري القيام بخطوة أخرى لضمان توازن أكبر بين فروع الحكومة».

في هذا الصدد، اقترح الرئيس أن «يتمّ تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية بعد مشاورات مع مجلس الفيدرالية».

السياسة الداخلية

وفي معرض حديثه عن السياسة الداخلية، قال بوتين «يجب أن تبقى روسيا جمهورية رئاسية قوية، وللرئيس تحديد أولويات وأهداف عمل الحكومة»، مقترحاً «توكيل مجلس الدوما بإقرار تعيين رئيس الوزراء ونوابه والفريق الوزاري»، وأوضح أنه بـ»النظر إلى نضج الهيئات السياسية والمجتمع نرى أن التغييرات السياسية المقترحة مبررة»، ورأى بوتين أنّ «على رئيس البلاد أن يعيّن رؤساء أجهزة الأمن والدفاع بالتنسيق مع مجلس الفدرالية».

عدم وجود حاجة لدستور جديد في البلاد

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «عدم وجود حاجة لدستور جديد في البلاد»، وبأنّ «الدستور الحالي يمكنه البقاء لعشرات السنوات».

وقال بوتين في رسالته السنوية إلى أعضاء الجمعية الفدرالية الروسية: «اليوم، يطرح عدد من التجمعات السياسية والاجتماعية مسألة اعتماد دستور جديد. أريد أن أجيب على الفور: أعتقد أنّه ليست هناك حاجة لهذا، وإمكانات دستور عام 1993 لم يتم استنفادها بعد، وآمل أن تبقى المبادئ الأساسية للنظام الدستوري وحقوق الإنسان والحريات لعقود أخرى قاعدة شاملة صلبة للمجتمع الروسي».

وأضاف بوتين «أنه لا يمكن إلا الاتفاق مع أولئك الذين يقولون إن الدستور قد تمّ تبنيه قبل أكثر من ربع قرن، في ظروف أزمة سياسية داخلية حادة، وقد تغيّر الوضع بشكل كبير منذ ذلك الحين». وتابع: «الحمد لله، ليس لدينا الآن مواجهة مسلحة في العاصمة، ولا مرتع للإرهاب الدولي في شمال القوقاز. على الرغم من عدد من المشاكل التي لم يتم حلها، والحادة إلى حد ما، التي تحدثنا عنها اليوم، فقد استقر الوضع في الاقتصاد والمجال الاجتماعي».

العاملون في المناصب المهمة
 يجب ألا تكون لديهم جنسية أجنبية

كما أعلن بوتين أن «العاملين في المناصب المهمة بما في ذلك رؤساء الوزراء والمحافظين في روسيا يجب ألا تكون لديهم جنسيّة أجنبية أو تصريح إقامة في بلد أجنبي»، مقترحاً «تثبيت المتطلبات الضرورية على مستوى الدستور لمن يتولى مناصب رئاسية».

وقال في هذا الصّدد: «أقترح على المستوى الدستوري تحديد المتطلّبات الإلزامية للأشخاص الذين يشغلون مناصب بالغة الأهمية لضمان أمن وسيادة البلد، وهم: رؤساء الكيانات الفيدرالية، وأعضاء مجلس الفيدرالية، ونواب مجلس الدوما، ورئيس الوزراء، ونوابه، والأعضاء الاتحاديون، ورؤساء الهيئات الفيدرالية الأخرى، وكذلك القضاة، لا يمكنهم الحصول على الجنسية الأجنبية أو تصريح الإقامة أو أي مستند آخر يسمح لهم بالإقامة الدائمة في دولة أخرى»، منوّهاً إلى أنه «يجب أن تكون المتطلبات لمرشحي الرئاسة صارمة ومنها ألا يكون لدى المرشح جنسية أجنبية»، وأضاف: «يجب تقوية الحكم المحلي وتوسيعه وتثبيت ضمان المعاشات بالدستور الروسي».

الدفاع والأمن

أكد الرئيس الروسي بأنّ «روسيا لا تريد تهديد أحد، ولكن خطوات تعزيز أمنها القومي جاءت في وقتها»، مشيراً إلى أنّ «قدرات روسيا الدفاعية مضمونة لعشرات السنين، ويجب العمل لإعداد أنظمة دفاعية للمستقبل».

وفي رسالته السنوية إلى الجمعية الفيدرالية، أعلن بوتين، «تفوّق روسيا لأول مرة في التاريخ، على دول أخرى في مجال إنتاج الأسلحة النووية الحديثة»، قائلاً: «لقد اتخذنا خطوات لتعزيز الأمن القومي في الوقت المناسب وبالكمية الكافية، ولأول مرة أود الإشارة إلى هذا، فللمرة الأولى من تاريخ ظهور أسلحة الصواريخ النووية، بما في ذلك حقبة الاتحاد السوفياتي، نحن لا نلحق بأحد ولا نمسك أحداً، بل على الآخرين اللحاق بنا».

وأضاف: «على الآخرين العمل للحصول على أسلحة تمتلكها روسيا»، منوهاً إلى أنّ: «القدرات الدفاعية للبلاد مضمونة لعقود مقبلة، إلا أننا لا يجب علينا الاسترخاء. يجب أن نمضي قدماً، ونتابع باهتمام ونحلل ما يحدث في العالم في هذا المجال، وأن نقوم بتطوير أنظمة مستقبلية».

وفي سياق الحديث عن حفظ أمن العالم أكد بوتين، بأنّ «الوقت قد حان لإجراء محادثات جادة حول استقرار وأمن العالم»، مضيفاً بالقول: «يجب على مؤسسي الأمم المتحدة أن يكونوا مثالاً يُحتذى، والقوى الخمس الكبرى تتحمّل مسؤولية خاصة في الحفاظ على البشرية وتنميتها المستدامة، كما يجب على هذه الدول إزالة الأسباب التي تهدّد بحدوث حرب عالمية».

وتابع قائلاً: «يجب على هذه الدول أن تقوم بتطوير مناهج محدّثة ومتطوّرة لضمان الاستقرار مع الأخذ بالاعتبار العلاقات الدولية الحديثة».

الوضع الديموغرافي

أما عن الوضع الديموغرافي في روسيا، فقال بوتين إن «مصير روسيا وأفقها التاريخي مرتبطان بعدد مواطنيها، ولدينا حالياً 147 مليون نسمة»، منوّهاً إلى «وجوب تنصيب الجهود على زيادة عدد السكان لتفادي الفجوة الديموغرافية، والعمل على كافة الاتجاهات من أجل دعم الأسرة الروسية»، مقترحاً «تخصيص دفعات شهرية للأطفال من سن 3 إلى 7 سنوات اعتباراً من الشهر الحالي، وتقديم غذاء مجاني لتلاميذ المدارس حتى الصف الرابع، وتقديم مساعدة للجيل الناشئ والأسر الشابة التي تسعى لإنجاب الأطفال».

التعليم والتدريس

وفي مجال التعليم والتدريس، أكد الرئيس الروسي على «ضرورة الاهتمام بنوعية التعليم في المدارس، وتقديم كافة القدرات العصرية في هذا المجال»، وتطرّق إلى «ضرورة تطوير إعداد المدرسين»، وأنه من الضروري «تقديم دعم إضافي للمدرسين»، مشيراً إلى «ضرورة الحفاظ على مجانية التعليم في الجامعات الروسية ودعمه والارتقاء به».

الرعاية الصحية

وعن الرعاية الصحية، قال الرئيس الروسي: «من الضرروي أن يكون مجال الرعاية الصحية على مستوى عالٍ بشكل دائم، وتجهيز المشافي بالمعدّات المطلوبة، ودعم العاملين في مجال الصحة وتوفير فرص عمل للمتخرجين «، وخصص لذلك «أكثر من 500 مليار روبل»، معلناً أنه «اعتباراً من العام الحالي سيتمّ تطبيق نظام جديد لأجور العاملين في المجال الصحي».

الاقتصاد

وفي المجال الاقتصادي، قال بوتين: «إنّ التضخم بلغ 3% في العام الماضي، وذلك أدنى مما توقعناه»، مضيفاً أنه «اعتباراً من العام الحالي تجب زيادة نسبة الاستثمارات بما لا يقلّ عن 5%، وتسريع التشريعات الخاصة بحماية رؤوس الأموال كخطوة لتشجيع الاستثمار».

البيئة

وتطرّق بوتين إلى المجال البيئي حيث أعلن أنّه «يجب تطوير البنى التحتية للعمل العلمي، وتشجيع الشباب على التوجه نحو هذا المضمار».

التكنولوجيا والتقنيات

كما طالب الرئيس الروسي بـ»الإسراع بإقرار تشريعات متعلقة بالتقنية العالية ودعم تصديرها»، مشيراً إلى أنه «من الضروري العمل على تعزيز الطلب على الابتكارات داخل روسيا»، هذا في ما يتعلّق بالمجال التقني.

يذكر بأن رسالة الرئيس إلى الجمعية الفدرالية، وفقاً للدستور، من واجبات رئيس الدولة، إذ يقوم بطرح تقييمه للأوضاع في البلاد، كما يحدد الاتجاهات الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية للمرحلة المقبلة.

وتعتبر هذه الرسالة وثيقة سياسية قانونية، تعبر عن رؤية رئيس الدولة للتوجهات الاستراتيجية في مجال تنمية روسيا في المستقبل القريب، وتشمل موضوعات إيديولوجية وسياسية واقتصادية ومقترحات محددة حول العمل التشريعي لمجلسي البرلمان – مجلس الدوما ومجلس الفيدرالية.

وفقاً للدستور الروسي، يخاطب رئيس روسيا الاتحادية سنوياً الجمعية البرلمانية الفيدرالية (البرلمان الروسي) برسالة يتحدّث فيها عن وضع البلاد والاتجاهات الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية. ويحضر الاجتماع نواب كل من مجلسي الفيدرالية والدوما، وأعضاء الحكومة، ورؤساء المحاكم الدستورية، والمدعي العام، ورئيس اللجنة المركزية للانتخابات، وأعضاء مجلس الدولة، بالإضافة لعدد من المدعوين.