– ثمّة فريق لبناني وقف منذ اليوم الأول للحراك رافضاً كل أنواع الشغب مميزاً بين التعبير السلميّ والتعبير العنفي المرفوض، ودعا للإجماع وراء هذا الموقف مع حفظ الحق بالتباين في المواقف حول المضامين السياسية لمن يؤيد شعارات الحراك ومَن يلاقي أهداف الغضب الشعبي ولا يتفق مع الشعارات التي رفعتها قيادات الحراك وبين مَن دخل على خط الحراك بنية توظيفه واستغلاله أو سعياً لتلميع صورته.
– خرج فريق سياسي ويُلاقيه فريق في الحراك يرفض هذا التنديد ويضمّ قطع الطرق بنظريات مفبركة إلى التعبير السلمي ويبتدع تبريرات لما يسمّيه بالعنف الكلامي والمقصود هو الشتائم والإساءة للكرامات. وسعى هذان الفريقان من السياسيين والحراكيين لتقاسم الأدوار في توظيف قطع الطرق والشتائم ضد الفريق المقابل نفسه الذي يمثل عملياً ما عُرف بقوى الثامن من آذار وفريق رئيس الجمهورية.
– الفريق اليساري في الحراك كان دائماً ينادي قوى الثامن من آذار للمشاركة، وخصوصاً حزب الله وينتقد موقف الحزب الرافض للمشاركة ويقدّم الحجج على وجود مناخ يسمح بالرهان على وحدة الحراك تحت سقوف سياسية عنوانها الدولة المدنية وقانون انتخاب عصري وفقاً للتمثيل النسبي ولبنان دائرة واحدة وسقوف اقتصادية عنوانها مواجهة السياسات المالية التي يقودها مصرف لبنان وتشكل المصارف الشريك الكامل فيها. وفي سبيل الحرص على هذه الوحدة تحمل اليسار سيطرة شركائه في الحراك الذين ينتمون فعلياً من سياسيين وحراكيين إلى قوى الرابع عشر من آذار على قيادة الحراك ودافع عن شعاراتهم وتوجهاتهم بما فيها قطع الطرق.
– عندما جاء اليسار في ذروة التصعيد في الوضع المالي والغضب الشعبي على السياسات المالية ليترجم ما ظنّ أنه موضوع تفاهم حراكي، ولجأ إلى بعض ما تشهده عمليات قطع الطرق مع فارق أنها موجّهة ضد واجهات المصارف ومصرف لبنان بدلاً من توجيهها ضد الناس وإذلالهم قامت القيامة ولم تقعد ولم يتبقّ حراكي ولا إعلامي ولا سياسي ولا دبلوماسي إلا وأعلن الاستنفار لمطاردة “هؤلاء المخربين”.
– الذين أدانوا منذ البداية كل انواع العنف والشغب ودعوا لتعميم مفهوم السلمية لم يجدوا أنفسهم معنيين بإدانة خاصة، لكنهم معنيون بتسجيل هذا الكم من الازدواج الذي يمارسه البعض بتبرير قطع الطرق وإذلال الناس عليها وحصر إدانته بالعنف المشهدي على واجهات المصارف كأن هناك “عنف بسمنة وعنف بزيت”.
– هذا معنى القول طابخ السم آكله.