استمرار الاعتداءات على القوى الأمنية يجدّد المواجهات في وسط العاصمة ومزيد من الجرحى والتخريب
تجدّدت المواجهات مساء أمس في وسط العاصمة، بين قوى الأمن الداخلي والمتظاهرين بعد إقدام شبّان على رشق عناصر قوى الأمن الداخلي بالحجارة وعبوات المياه والمفرقعات النارية، أمام مدخل مجلس النواب في شارع بلدية بيروت.
لكن متظاهرين تصدوا لملقي الحجارة وأجبروهم على التوقف وعدم إثارة الشغب والتعرض للقوى الأمنية.
وكان قد سجل توتر على الحاجز الذي يفصل مكافحة الشغب والمتظاهرين في محيط مجلس النواب، حين عمد بعض المعتصمين إلى رشق مكافحة الشغب بالحجارة والمفرقعات. وإنتشر الجيش بآلياته وعناصره المجهزة بقوّة، وسيّر دوريات في محيط مجلس النواب، وعاد الهدوء إلى المحلة بعد رشق مكافحة الشغب.
وقامت وحدات من الجيش بتفتيش المتظاهرين ومصادرة المفرقعات والخوذ والأدوات الحادة قبل السماح لهم بالتجمّع قرب المجلس النيابي.
وسجل هدوء ملحوظ في المنطقة وسط انتشار كثيف لوحدات من الجيش في وسط العاصمة ومحيطها، لكن المواجهات سرعان ما عادت مع إطلاق المتظاهرين مجددا الحجارة والمفرقعات باتجاه القوى الامنية.
واستقدم المتظاهرون ألواحاً خشبية وحديدية لمحاولة اقتلاع السياج الحديدي الذي يفصل بينهم وبين العناصر الأمنية، الذين ألقوا 3 قنابل مسيلة للدموع رداً على استهدافهم بالحجارة، ثم عمدوا إلى رش المتظاهرين بخراطيم المياه، لإبعادهم.
وقام متظاهرون بتحطيم زجاج محلات تجارية مقابل مدخل مجلس النواب إضافة إلى اقتحام مكتب «ألفا».
ولاحقاً وصلت قوة من الجيش إلى شارع بلدية بيروت.
وكان المتظاهرون قد عادوا إلى مدخل مجلس النواب، بعدما ساروا خلف عناصر الجيش، ثم ما لبثوا أن استأنفوا رشق العناصر الأمنية بالحجارة التي غطت الشارع وحولته إلى ما يشبه ساحة الحرب، مع بقايا القنابل المسيلة للدموع والأعمدة التي عريت من البلاط، إضافة إلى زجاج عدد من المحلات المحطم.
وأصيب عدد من الصحافيين أثناء تغطيتهم الأحداث.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني، عبر «تويتر»، أن عناصره نقلوا 30 جريحاً من وسط بيروت إلى المستشفيات، كما تم إسعاف 40 إصابة في المكان.
كما أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني، عبر «تويتر»، أن 7 سيارات إسعاف تابعة لها «منتشرة في وسط بيروت وتعمل على نقل الإصابات إلى المستشفيات على أثر ما تشهده المنطقة من توترات أمنية».
وكان قد صدر عن قوى الأمن الداخلي بيان طلبت فيه من المتظاهرين «الإبقاء على الطابع السلمي للتظاهر والإبتعاد عن الإعتداء على الأملاك الخاصة والعامة والتهجم على عناصر قوى الأمن بالمفرقعات والحجارة وغيرها من وسائل الأذية التي لن تنتج سوى الفوضى وخسائر مادية وجسدية».
وفي بيان آخر طلبت قوى الأمن الداخلي مجدداً من «المتظاهرين السلميين المحافظة على سلمية المظاهرة ومنع المشاغبين من الإستمرار في الإعتداءات أو الابتعاد من مكان أعمال الشغب لأننا سنكون مضطرين لردع مثيري الشغب ووقف التعدّي وفقاً للقانون».
لكن غزارة الأمطار التي هطلت مساء أمس، ساهمت إلى حد كبير في عودة الهدوء إلى وسط بيروت، بعدما أجبرت المتظاهرين على المغادرة، حتى من منطقة الصيفي التي كان عدد منهم قد لجأ إليها، وقامت وحدات سيارة من الجيش بدوريات في المنطقة للتأكد من مغادرتهم بشكل كامل.
وبالتوازي، تجمّع عشرات المتظاهرين أمام مبنى مصرف لبنان في شارع الحمرا، في إطار التحركات الاحتجاجية على سياسة المصرف المركزي والمصارف عموماً.
وكان وسط بيروت تحوّل أول من أمس، إلى ساحة مواجهة كبيرة بين مجموعة من المحتجين والقوى الأمنية، بعد أن تحولت التظاهرات التي انطلقت من عدد من المناطق اللبنانية باتجاه وسط بيروت، عند أحد مداخل ساحة النجمة لناحية البلدية إلى مواجهات عنيفة مع قوى مكافحة الشغب.
واندلعت مواجهات في محيط مجلس النواب في وسط بيروت بين القوى الامنية والمحتجين الذين قاموا برمي الحجارة والعوائق الحديدية والأشجار والمفرقعات باتجاه القوى الأمنية التي ردت بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع.
وكان شبان قد أطلـــقوا مفرقـــعات نارية بشكل كثيف، إضافة إلى قنـــبلة مولوتوف، محتمين بواجهة زجاجية انتزعــوها من أحد المحال، وبأغصان اقتلعـــوها من معظم الأشجار في المكان، فيما ردت القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع، وبخراطيم المياه التي ساهت بتراجع المتظاهرين قليلاً عن مدخل مجلس النوّاب.
وتبرأ بعض الناشطين من أعمال الشغب الجارية في وسط بيروت، واصفين المشاركين في هذه الأعمال بـ»المشاغبين بالمندسين الذين يريدون تخريب وتشويه صورة الثورة».
ونقلت عناصر الصليب الأحمر عدداً من المصابين سقطوا في مواجهات بيروت بين المحتجين والقوى الأمنية.
وأكد أن عناصره نقلت أكثر من 65 جريحاً إلى مستشفيات المنطقة. كما قامت العناصر بتقديم الاسعافات لـ100 جريح ميدانياً.
وعلى أثر المواجهات التي حصلت في ساحتي النجمة والشهداء توجه المصابون إلى بيت الكتائب المركزي في الصيفي.
وكانت قوى الأمن الداخلي قد أكدت أنه يجري التعرض بشكل عنيف ومباشر لعناصر مكافحة الشغب على أحد مداخل مجلس النواب. وطلبت من المتظاهرين السلميين الإبتعاد من مكان أعمال الشغب حفاظاً على سلامتهم.
ولفتت القوى الأمنية إلى أن مجموعة من المشاغبين قاموا بإنتزاع «بلاط» الأعمدة وأقدموا على تفتيتها لرشقها على عناصر مكافحة الشغب.
وفي إطار متابعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمجريات الأحداث، طلب عبر «تويتر» من وزيري الدفاع الياس بوصعب والداخلية ريا الحسن والقيادات الأمنية المعنية المحافظة على أمن المتظاهرين الســـلميين ومنع أعمال الشغب وتأمين سلامة الأملاك العامة والخاصة وفرض الأمن في الوسط التجاري.
أما رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري فغرد أيضاً قائلاً « لن نسمح لأي كان اعادة بيروت مساحة للدمار والخراب وخطوط التماس، والقوى العسكرية والامنية مدعوة الى حماية العاصمة ودورها وكبح جماح العابثين والمندسين».
وقالت الوزيرة الحسن عبر «تويتر»: «أكثر من مرة تعهدت أن أحمي التظاهرات السلمية، وكنت دائماً أؤكد على أحقية التظاهر. لكن أن تتحول التظاهرات لاعتداء سافر على عناصر قوى الأمن والممتلكات العامة والخاصة، فهو أمر مدان وغير مقبول أبداً».
وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، عير حسابه على «تويتر» قائلاً «لا تستأهل بيروت، من الحمرا إلى مار الياس إلى وسط المدينة، هذه المعاملة التي فيها شبه تدمير لها. وحده الحوار بين القوى السياسية يجب أن يسود أياً كان الخلاف. نعم للتظاهر السلمي كما كان أيام الحراك الأول، ولا للعنف من أية جهة، وتذكروا أن رجل الأمن من الشعب يعاني مثله».
من جهته، استنكر أمين عام «جبهة البناء اللبناني» الدكتور زهير الخطيب استباحة ما سمّاه «عناصر ترتدي بزات قوى الأمن الداخلي لباحات ومداخل جامع محمد الأمين ونقلها المواجهات مع المتظاهرين لساحة الشهداء واستخدام العنف المفرط وبحرق خيم الحراك»، متخوفاً «من أن تكون بداية مؤامرة من أطراف السلطة للهروب للأمام بتحويل وجهة وبوصلة الحراك وبإشغاله عن محاسبتهم واسترجاع الأموال التي سرقوها نحو مواجهات طائفية».
ودعا الخطيب وزيرة الداخلية ومدير عام قوى الأمن الداخلي «لإخراج العناصر الميليشياوية المسؤولة عن التعدي على المسجد وبإرتكابها الشغب رداً على الشغب لإيذاء الناس وذلك من صفوف قوى الأمن أو إعلان استقالتهما».
وتساءل عن دور وصوت مفتي الجمهورية في تحمل مسؤولياته باحتضان المطالب الشعبية وإدانة السلطة التي أوصلت لبنان للإنهيار، تكاملاً مع الموقف الوطني للبطريرك الماروني وبوضع سماحته لخطوطه الحمراء حيث يجب أمام وقاحة التعدي على حرمة المساجد وبتشجيع التغيير السياسي وباستعادة حرية وكرامة الأسرى الشباب في سجون السلطة بحجج وأوهام مسيسة».
وأضاف «إذا لم يكن سماحته راغباً أو قادراً على تحمّل هذه المسؤوليات لمنع تدهور الأوضاع نحو فتنة كبرى وفي ظروف البلد الأكثر خطورة ومصيرية فلماذا لا يوجد البديل؟».