مساعِ رئاسية لتذليل آخر العقد وخطة لتطيير جلسات الموازنة! شربل لـ«البناء»: الاعتداء على القوى الأمنية مؤشر خطير ولا حكومة عسكرية
} محمد حميّة
تكثفت الاتصالات خلال اليومين الماضيين على خط تأليف الحكومة على وقع موجة من المواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين بدأت مساء السبت الماضي في محيط المجلس النيابي استمرّت حتى ليل أمس، تُعد الأعنف منذ بدء الأحداث في تشرين الأول الماضي، بحسب مصادر أمنية وإعلامية.
على صعيد التأليف قالت مصادر مطلعة على موقف عين التينة لـ»البناء» إن «حركة الاتصالات مستمرة للتوصل الى اتفاق لتسهيل ولادة الحكومة»، ونفت المصادر أن تكون حركة أمل ترفض صيغة الرئيس المكلف حسان دياب الحكومية وما تمّ تداوله من قبل وسائل اعلامية غير صحيح على الإطلاق وهدفه رمي كرة التعطيل الى ملعب عين التينة؛ فيما جهود ودور رئيس المجلس النيابي نبيه بري معروفة بتسهيل ولادة الحكومة ومؤازرة الرئيس المكلف»، مؤكدة أن هناك توافقاً بين الرئيسين بري ودياب ويتم النقاش واجتماع الأمس بحث في صيغ متعددة للحل»، وتوقعت المصادر «التوصل الى حلول للعقد خلال الأيام القليلة المقبلة».
ولم يفض الاجتماع الذي عقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب الى تذليل آخر العقد أمام التأليف، لا سيما عقدتي تمثيل تيار المردة والحزب القومي السوري الاجتماعي والحزب الديموقراطي. وسط إصرار عون والوزير جبران باسيل على توزير أيمن حداد بدلاً من أمل حداد التي يقترحها دياب. وفيما تحدثت معلومات عن إعلان المردة عدم مشاركتها في الحكومة مع منح الثقة، ما أدّى الى تعقيد جديد تمثل بمن سيتولى حقيبة الأشغال.
وقد تسببت الأحداث الأمنية في ساحة النجمة بذهول لدى الرؤساء الثلاثة ومعظم القيادات السياسية عدا عن قادة الأجهزة الأمنية الذين أصيبوا بارتباك شديد إزاء التعامل مع حالات عنف كهذه مع مندسّين يتلطون بمتظاهرين مدنيين سلميين وسط المعلومات الرسمية عن سقوط مئات الجرحى في صفوف عناصر قوى الأمن الداخلي فضلاً عن جرحى مدنيين. ما دفع برئيس الجمهورية للدعوة الى اجتماع أمني يعقد اليوم في بعبدا يحضره وزيرا الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية. فيما كان عون يعتزم عقد اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى لكن الرئيس سعد الحريري رفض المشاركة فاستعاض عنه باجتماع أمني، وأثار موقف الحريري استغراباً شديداً لا سيما وأنه استنكر الهجوم الذي تتعرّض له بيروت! ما دفع مصادر أمنية للتساؤل ألا يؤدي موقف الحريري وسلوكه كرئيس حكومة تصريف اعمال الى مزيد من الانكشاف الأمني للبلد؟
إلا ان علامات استفهام عدة تُرسم حول مفتعلي هذه المعارك والجهات التي تدعمهم وأهدافها: هل هي أهداف أمنية أم سياسية خارجية في اطار الضغط لتأليف الحكومة؟ اضافة الى ملاحظة تقصير قادة الأجهزة الأمنية والقضائية في لجم العابثين بالأمن عبر إجراءات أمنية وقضائية بحقهم! في ظل معلومات أن جهازاً أمنياً لبنانياً أوقف صحافياً أميركياً كان ينقل مشاهد أحداث وسط بيروت وعرضتها صحيفة «إسرائيلية»!
وتروي مصادر ميدانية من ساحة النجمة وجود عدد كبير من الأشخاص بمظاهر غريبة وملثمين وذوي لكنات تدل على خلفية «اسلامية» متطرفة تمّ استقدامهم من مناطق شمالية وبقاعية عبر باصات ومجهزين بأدوات حادة وعصي وكمامات مضادة للقنابل المسيلة للدموع وخوذ للحماية وعمدوا الى استهداف القوى الامنية بالزجاجات الفارغة والمولوتوف والحجارة فيما نزعوا بلاط الأرصفة والأعمدة من أسواق بيروت وتكسيرها قطعاً لرمي القوى الأمنية بها.
كما رُصد بعضهم يتواصلون هاتفياً مع جهات مجهولة بشكل متكرر! فيما المستغرب التعامل القضائي مع الموقوفين بإطلاق سراحهم خلال ساعات من توقيفهم بدلاً من التحقيق معهم لمعرفة من يحركهم والادعاء عليهم بجرائم جنائية ومحاكمتهم فضلاً عن ضرورة التحقيق مع بعض القادة الأمنيين لتقصيرهم في ملاحقة قطاع الطرق والاعتداء على المواطنين على الطريق الساحلية بين صيدا وبيروت وطرق البقاع في ظل توتر مذهبي شديد يسود المنطقة ومساعٍ حثيثة يبذلها حزب الله وحركة أمل لاحتواء غضب عشائر بقاعية ومنعها من القيام بردات فعل وحقناً للفتنة، بحسب ما علمت «البناء».
وتقول مصادر بعض مجموعات الحراك لـ»البناء» إن «عناصر مجهولة تندسّ في أي تحرك يدعو اليه الحراك السلمي وما يجري من أعمال شغب وعنف ضد القوى الأمنية والمؤسسات والاملاك العامة والخاصة لا يمثل الحراك».
ولفت وزير الداخلية الأسبق العميد مروان شربل لـ»البناء» الى أنه «من غير المسموح أن يبادر بعض المندسين بين المتظاهرين للمواجهة مع القوى الأمنية الذين هم أيضاً من الشعب ولديهم المطالب نفسها التي يطالب بها الحراك، لكن لا يستطيعون التعبير»، وحذّر من الاحتكاك مع القوى الأمنية بأي شكل من الأشكال فضلاً عن تكسير المؤسسات العامة والأملاك الخاصة والمؤسسات المصرفية والتجارية»، معتبراً ذلك مؤشراً خطيراً.
وإذ يتساءل بعض المراقبين عن دور فرع المعلومات واستخبارات الجيش في تتبع مصدر تحرك العناصر المندسة باتجاه وسط بيروت ومنعهم من دخول العاصمة، بيّن شربل أن «الأجهزة لديها داتا معلومات عن حركة هؤلاء وبالتأكيد ستتحرّك، لكن الحسم معهم ليس سهلاً في ظل ظروف احتجاجات عامة كالتي نشهدها»، وموضحاً أن «الاجتماع الأمني في بعبدا اليوم سيطرح ملخصاً للمعلومات التي جمعتها الاجهزة لاتخاذ القرار المناسب».
وحول المعلومات التي نقلت عن مسؤول أميركي باتجاه لتأليف حكومة عسكرية في لبنان إذا تعرقل تأليف الحكومة، وهل هناك آليات دستورية بعد اتفاق الطائف لهذه الفرضية، استبعد شربل ذلك «في ظل نظام سياسي ديمقراطي يتبع فصل السلطات». وفي حين تحذر مصادر من تأثير استمرار الضغط على القوى الأمنية على أدائها في حفظ الامن والنظام العام في البلد، أوضح شربل أن «الاجهزة مدربة على اصعب الظروف ولمدة طويلة ولا خوف من تهديد الأمن العام».
وتشير مصادر دستورية الى أنه قبل الطائف لم تكن هناك آليات دستورية تعيق تأليف حكومة عسكرية وهناك سوابق لذلك أبرزها كان تكليف العماد ميشال عون تأليف حكومة عسكرية في عهد الرئيس أمين الجميل في العام 1989، أما بعد الطائف فباتت هناك آلية دستورية معقدة لهذا الطرح تتطلب اتفاق المجلس النيابي»، فيما يشير مراقبون الى أن هذا الاقتراح طرح مع بدء الأحداث من قبيل حكومة عسكرية أو دفع رئيس الجمهورية للاستقالة في الشارع وتكليف الجيش حفظ الامن ملاحظين ان الهدف من اعادة طرحه جس نبض القوى السياسية لا سيما فريق المقاومة، وربما يدفع البعض الى خلق مشهد فتنة أهلية وصدامات عنيفة بين المتظاهرين والجيش والقوى الأمنية واظهار الأجهزة الأمنية كضحية لخلق ذريعة للذهاب الى حكومة عسكرية لملء الفراغ الحكومي إذا ما وصلت مساعي تأليف الحكومة الى طريق مسدود. وما يثير الريبة أكثر هو دخول النائب نهاد المشنوق على خط هذا الاقتراح بدعوته أمس الى «انتخابات رئاسية مبكّرة تنهي مرحلة تحطيم الوفاق وتدمير التوازن وتفجير الاستقرار في لبنان وقانون انتخابي عاقل وانتخابات نيابية جديدة»! فيما حاول المشنوق اللعب على وتر الفتنة باتهامه عناصر شرطة مجلس النواب بخرق حرمة جامع الأمين في وسط بيروت لملاحقة المتظاهرين، الأمر الذي نفته شرطة المجلس نفياً قاطعاً. كما لفت تنبؤ المشنوق بسقوط دماء الاسبوع الحالي وتحميل التيار الوطني الحر المسؤولية؟ فهل لدى وزير الداخلية الأسبق معلومات عن اشتباكات وسقوط دماء وفتنة يجري إعدادها؟ ومن أين له ذلك؟
وحذّرت أوساط رسمية مما يجري أمام المجلس النيابي الذي يمثل صورة عن المكونات السياسية وليس جهة سياسية أو رئاسة معينة، موضحة لـ»البناء» أن «ذلك مؤشر باتجاه تصعيد في الايام المقبلة ضمن خطة ممنهجة لتعطيل جلسات إقرار الموازنة»، مستائلة: من المستفيد من تعطيل إقرار الموازنة التي تمثل استمرارية للاستقرار النقدي والمالي ومن شل المؤسسات؟