حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقال نشر في مجلة «بوليتيكو» السبت، من أن «المنظمات الإرهابية ستجد موطأ قدم لها في أوروبا إذا سقطت حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة».
وكتب أردوغان في المقال الذي نُشر عشية مؤتمر برلين من أجل السلام في ليبيا أن فشل الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم المناسب لحكومة الوفاق الوطني الليبية سيشكّل «خيانة لقيمها (أوروبا) الأساسية، بما في ذلك الديموقراطية وحقوق الإنسان».
وأضاف «ستواجه أوروبا مجموعة جديدة من المشاكل والتهديدات إذا سقطت الحكومة الليبية الشرعية. ستجد منظمات إرهابية على غرار تنظيم داعش والقاعدة، اللذين منيا بهزائم عسكرية في سورية والعراق، أرضًا خصبة للوقوف مجدداً على أقدامهما»، حسب تعبيره.
وتواجه حكومة الوفاق برئاسة فايز السرّاج منذ نيسان هجوماً تشنه قوات المشير خليفة حفتر الذي يتّخذ من شرق ليبيا معقلاً. وأسفرت المعارك عن مقتل أكثر من 280 مدنيًا وألفي مقاتل.
وعملت تركيا وروسيا بمبادرة مشتركة على إقناع طرفي النزاع بوقف إطلاق النار، لكن حفتر غادر هذا الأسبوع المحادثات الرامية لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الهدنة بدون التوقيع عليه.
واتّهم اردوغان حفتر بالهرب من موسكو وهدّد بـ»تلقينه درسًا» إذا استأنف القتال.
وتدعم حكومة أردوغان السرّاج ووافق البرلمان التركي على نشر قوات في ليبيا في وقت سابق هذا الشهر بعد اتفاق أمني وبحري مثير للجدل تمّ التوقيع عليه بين طرابلس وأنقرة.
وقال الرئيس التركي «ستكون مغادرة ليبيا (وتركها) تحت رحمة أمير حرب خطأ بأبعاد تاريخية»، حسب تعبيره، في إشارة مبطنة إلى حفتر.
وتسعى قوى العالم للتوسط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا خلال مؤتمر برلين الأحد الذي أعلن طرفا النزاع الليبي مشاركتهما فيه.
وكتب أردوغان، الذي من المقرّر أن يحضر محادثات برلين، في «بوليتيكو» أن الحرب الليبية شكّلت «اختباراً» للاتحاد الأوروبي لإظهار إن كان قادته سيتخلّون عن مسؤولياتهم وسيقفون متفرجين أمام الأزمة.
وقال «على الاتحاد الأوروبي أن يظهر للعالم بأنه لاعب معنيّ في الساحة الدولية».
وأشار إلى أن «مؤتمر السلام المقبل في برلين يُعدّ خطوة مهمة للغاية باتّجاه هذا الهدف. لكن على القادة الأوروبيين التحدّث بدرجة أقل والتركيز على اتّخاذ خطوات ملموسة».
الى ذلك، أعرب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، عن تطلع بلاده لنجاح مؤتمر برلين في إنهاء الصراع الدائر في ليبيا، ودعمه لاستقرار هذا البلد.
وكتب قرقاش بالإنجليزية عبر حسابه في تويتر: «نتطلع إلى مؤتمر برلين ناجح في جهودنا المشتركة من أجل إنهاء الصراع في ليبيا. تدعم الإمارات دون تحفظ الجهود الألمانية في عقد المؤتمر وأهداف المجتمع الدولي المتمثلة في السلام والاستقرار في ليبيا».
وكانت العاصمة الليبية طرابلس ومدينة مصراتة شهدتا يوم الجمعة تظاهرات، تنديداً بهجوم قوات حفتر على طرابلس ورفضاً لمشاركته في مؤتمر برلين.
من جهة أخرى، قام المئات من محتجين يؤيدون حفتر باقتحام ميناء الزويتينة النفطي شرقي ليبيا وطالبوا موظفيه بإقفاله؛ بدعوى أن أموال بيع النفط تستخدمها حكومة الوفاق.
من جانبه، اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أن ليبيا «تحتاج إلى وقف كل التدخلات الخارجية» في شؤونها، عشية المؤتمر الدولي الذي تستضيفه برلين.
وقال سلامة إن «كل تدخّل خارجي يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على المدى القصير»، في إشارة خصوصاً إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في ليبيا الأحد الماضي، بمبادرة قامت بها موسكو وأنقرة.
وأكد «لكن ليبيا تحتاج إلى وقف كل التدخلات الخارجية. إنه أحد أهداف مؤتمر» برلين.
وأضاف سلامة «لأن ما لدينا اليوم هو مجرّد هدنة، نريد تحويلها إلى وقف فعلي لإطلاق النار، مع رقابة وفصل (بين طرفي النزاع) وإعادة انتشار الأسلحة الثقيلة (خارج المناطق المدنية)».
وشدّد على أنه «يجب أن تصمد هذه الهدنة».
ودُعَي السراج وحفتر إلى مؤتمر برلين، لكن سلامة استبعد أن يتمكّنا من التوصل لاتفاق خلال المؤتمر.
ورغم أنّ البيان الختامي لمؤتمر برلين، لا يختلف كثيراً عن روح اتفاقات سابقة، مثل الصخيرات وباريس وأبو ظبي وباليرمو، التي نسفها حفتر بحروبه المتكررة شرقاً وغرباً وجنوباً، فإن أهم ما جاءت فيه دعوته لفرض مجلس الأمن عقوبات على من يهدّد وقف إطلاق النار.
ويمكن تقسيم مقترح حل الأزمة الليبية – وفق البيان الختامي – في ثلاثة مسارات: سياسية وعسكرية واقتصادية.
المسار العسكري: يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار، مع التزام الدول المعنية بالامتناع عن التدخّل في النزاع المسلح، والرصد البحري والجوي والإقليمي لأي خروق لكسر حظر توريد السلاح، مع تسريع تفكيك الجماعات المسلحة، وإدماج منتسبيها المناسبين للمؤسسة العسكرية، وإنشاء قوات أمنية وقوات عسكرية موحّدة، بعد تشكيل لجنة مؤلفة من خمسة عسكريين من كل طرف.
المسار السياسي: مفاده تشكيل لجنة من 14 عضواً في مجلس النواب و14 عضواً في المجلس الأعلى للدولة، و14 عضواً من بقية القوى الأخرى.
المسار الاقتصادي: يؤكد احترام ووحدة المؤسسات الاقتصادية السيادية، على رأسها البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وهيئة الاستثمار، بالإضافة إلى ديوان المحاسبة، بعد محاولة حفتر – الذي تسيطر قواته على آبار النفط – إنشاء مؤسسة نفط وبنك مركزي موازيين في شرق البلاد.