كلّف قيس سعيّد، رئيس الجمهورية التونسية، إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة في أقرب وقت، على أن لا تتجاوز فترة تكوينها مدة شهر ابتداء من تاريخ 21 من كانون الثاني الحالي، وهي مهلة غير قابلة للتجديد بحسب ما تنص عليه الفقرة الثالثة من الفصل الـ89 من الدستور التونسي، على أن تُعرض تركيبة الحكومة الجديدة على البرلمان لنيل الثقة.
يأتي هذا التكليف في ختام سلسلة من المشاورات الكتابية التي أجراها رئيس الجمهورية مع الأحزاب والكتل والائتلافات في مجلس نواب الشعب، وبعد لقاءات مع المسؤولين عن أكبر المنظمات الوطنية ومع عدد من الشخصيات التي تم ترشيحها.
وباركت بعض الأحزاب السياسية، تكليف رئيس المجلس الوطني لحزب التكتل ووزير المالية السابق في حكومة الترويكا (2012) إلياس الفخفاخ رئيساً للحكومة الجديدة، معتبرة أنه «يتماشى وتصوّراتها لمقتضيات المرحلة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً».
في هذا الصّدد، أوضح رئيس الكتلة الديمقراطية والقيادي في التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، أن «التيار الديمقراطي تلقى بكل ارتياح تعيين الياس الفخفاخ رئيساً للحكومة الجديدة، على اعتبار أنه من ضمن الشخصيات التي دعمها الحزب»، مشيراً إلى أن «المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة»، وأضاف أن حزبه سيدخل المفاوضات بكل إيجابية، وسيشارك في صياغة برنامج الحكومة، كما سيعمل التيار الديمقراطي على جمع حزام سياسي قويّ لهذه الحكومة، وفق قوله.
من جهة أخرى، أكد غازي الشواشي، أن «التيار لن يقدم لرئيس الحكومة الجديد، إلياس الفخفاخ، صكاً على بياض، مشيراً إلى ضرورة انتظار برنامج وتركيبة حكومته».
وأكد الشواشي أن حزبه لديه بعض التحفظات بشأن مشاركة بعض الأطراف السياسية، من بينها «قلب تونس»، مبيناً أنه «إذا رأى الفخفاخ ضرورة مشاركة «قلب تونس» في الحكومة، فإنه لا بد من الاتفاق مسبقاً على صيغة مشاركته».
من جهتها، أكدت عضو البرلمان عن حركة النهضة السيدة الونيسي أن «إلياس الفخفاخ هو جزء من المنظومة السياسية ما بعد الثورة والنهضة اشتغلت معه في حكومتي كل حمادي الجبالي وعلي العريض، وليس لديها تحفظات بشأن تعيينه رئيساً للحكومة المرتقبة»، مشيرة إلى أن «الموقف النهائي سيكون بناءً على المنهجية التي سيتبعها الفخفاخ في إعداد هذه الحكومة برنامجاً وتركيبة».
في المقابل، وفي الوقت الذي وجد فيه رئيس الحكومة المكلف، إلياس الفخفاخ، دعماً وترحاباً من بعض الأحزاب السياسية، منها التيار الديمقراطي، وحركة الشعب وحركة النهضة و»تحيا تونس»، فإن أحزاباً أخرى أبدت تحفظاً بشأن هذا التعيين، وتساءلت عن مقاييس اختياره، باعتباره لم يكن محل إجماع كل الأحزاب.
وأكد القيادي بـ»قلب تونس» فؤاد ثامر، أن «المكتب السياسي لحزب قلب تونس سينعقد لتحديد موقف الحزب من مسألة تعيين الياس الفخفاخ لتشكيل الحكومة الجديدة»، مشيراً إلى أنه يستغرب هذا الاختيار، على اعتبار أن إلياس الفخفاخ اقترح من قبل 14 نائباً فقط، في إشارة إلى حزب «تحيا تونس»، مذكراً في الوقت نفسه بـ»ضعف أدائه حين كان وزيراً للمالية في حكومة الترويكا بعد الثورة التونسية».
بدوره، عبّر ائتلاف الكرامة عن استغرابه من اختيار رئيس الجمهورية، قيس سعيد، لإلياس الفخفاخ من بين عدد كبير من المترشحين، إذ قال عضو البرلمان عن كتلة ائتلاف الكرامة، يسري الدالي، إن «هذا الاختيار يطرح العديد من الأسئلة بشأن مقاييس الاختيار»، متسائلاً في الوقت ذاته لماذا لم يختر سعيد شخصاً آخر أكثر كفاءة منهم على غرار، عماد الدايمي، مرشح ائتلاف الكرامة، ومنجي مرزوق.
وأشار الدالي إلى أن «المكتب السياسي للكتلة سيجتمع ليحدد موقفه من تعيين إلياس الفخفاخ رئيساً للحكومة الجديدة».
يذكر أنّ إلياس الفخفاخ هو مرشح عدد من الأحزاب، من بينها «تحيا تونس»، ويحظى بدعم التيار الديمقراطي، وهو مهندس وسياسي تونسي، تخرج من المعهد الوطني للعلوم التطبيقية في ليون كمهندس، وعمل سنوات عدة في شركة «توتال» النفطية أولاً في تونس، ثم في بولونيا، قبل أن يدير عام 2006 معمل «كورتريل»، المتخصص في قطع السيارات.
وكلف في 2011 بحقيبة السياحة في حكومة حمادي الجبالي، ثم تمّ تعيينه كوزير للمالية في سنة 2013 في حكومة علي العريض.
ولرئيس الحكومة المكلف، إلياس الفخفاخ، 30 يوماً للإعلان عن تشكيلة حكومته حسب الفصل 89 من الدستور التونسي، بعد فشل حكومة الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان، وهو الفصل نفسه من الدستور الذي خول لرئيس الجمهورية، قيس سعيد، تحديد الشخصية التي يراها الأقدر على تكوين حكومة، متيحاً بذلك الخيار الآن أمام نواب البرلمان في دعم الحكومة أو رفضها، في فرصة أخيرة قد تجنب البلاد سيناريو إمكانية اعادة الانتخابات البرلمانية، في حالة لم تحظَ حكومة الفخفاخ بالأغلبية البرلمانية، والمقدرة بـ109 أصوات.