من أجل هذا نحيا…
لكلّ شيء ضريبة، والحياة كذلك، فلا نجاح ولا صعود إلى القمة من دون أن تذوب ذوباناً مكلفاً للروح، من دون أن تتبدد في كوب حياة يغري فيه النظر إلى نصفه الممتلئ..
على ظهر ((عربة اسمها الرغبة)) لا محالة أنك ستجرّب فنّ العوم من دون أن تكون بحاجة إلى بزة سباحة ولا بحاجة إلى الماء. فهدفك الأسمى أن تصل برّ الأمان محققاً ما تصبو إليه من أحلام تقاتل لأجلها.
الإنسان المؤمن بهدفه يتمدّد تمدّد مكعب زبدة، يتمدّد تمدّد دودة أقسمت أن تأكل الأخضر والأخضر..
حياتك بحر، صانع الإرادة فيها بوصلة، وليكن موطأ قدميك سفينة، في هذه الفلاة. أمّا مُضيّك في هذه الفلاة، فلا يختلف عن رحلة بحّار استهوته مغامرات عالم البحار..
عناقيد الصبر الواعدة بشيء من الفرج حتى حين، غد لا يكاد يستبين، مساحات الصمت الغارقة تحت الماء، فائض الأهواء التي تجدّد بيعها لعقيدة السماء، ضوء وظلّ، صمود لا يكلّ، النصف المضيء لقمر الأيام، المسافة الضيقة بين داخلك والباب، مطر المنى وفاكهة السراب، التمسّك بهدفك في ظلّ معمعة الخراب. لأجل هذا تصمد، لأجل هذا تغامر، لأجل هذا تعيش..
مشقة الجنون تنأى بك عن عقارب ساعة الحقيقة التي تؤذن باستحالة استئناف العبور غوصاً في اللامحيط، لكنه الجنون المبدع والخلّاق والرغبة في تحقيق الذات. من يصطادك بحرارة تيار الأشواق العابر بك قارات النفس..
إنّها النفس المتشظّية بلا نار ولا دخان، إنّها النفس المنفصلة عن قفص أضلع الزمان، وهي تبصم حضورها الآيل للانكشاف ببصمة الساحر المبدع في اكتشاف هدفه والسعي إليه..
تشتدّ أحوال تسونامي التقلبات النفسية والعصبية، تتجمد الأصابع الباردة من فرط إحساسها بالعجز في خضم وقائع الحياة التي لا ترضي صاحب الفكر الفذّ؛ وإذ بنداء القلب يرسل موجات تحفيزية لإكمال الطريق رغم الشوك، رغم الألم لا بد أن تكمل ما بدأت به..
((عربة اسمها الرغبة)) هي بمثابة القطعة الجميلة الهاربة من خلف ستائر خشبة مسرح الحياة، تتجلّى بلحظة معانقتك مرآة الكاميرا وأنت توثّق لحظة الوصول، وأنت تتربّع عرش بطولتك الخاصة..
بين الثروة والثورة حسابات خاطئة، وحدها حسابات تحقيق الذات مَن تنتصر في نهاية المطاف لمن يملك ثروات من الإرادة, وثورات داخلية تحفّزه بين الحين والآخر إنّ ما تصبو إليه يستحق أن تتحمل كلّ هذا العناء..
عندما تضع نقطة النهاية لرحلة كفاحك ستجد نفسك أنك عبّدت مسالكها الوعرة بكثير من الصبر والحذر.
صباح برجس العلي