مصادر «البناء»: البيان الوزاري لن يكون عقدة وشروط دولية مقابل دعم لبنان طبارة لـ«البناء»: المناخ الدولي إيجابي تجاه الحكومة.. والخليج سيستقبل دياب
} محمد حميّة
مع انحسار موجة العنف التي رافقت إعلان مراسيم الحكومة وغياب أي مواجهة أمس، بين المتظاهرين والقوى الأمنية في وسط بيروت وساحة النجمة تحديداً بعد قرار سياسي حاسم ترافق مع إجراءات أمنية مشدّدة في محيط المجلس النيابي، تنفست الحكومة الصعداء لتبدأ برحلة العمل لإنقاذ لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية التي يعاني منها منذ عقود.
وتعقد اللجنة الوزاريـــة المكلـــفة صياغة البيان الوزاري بدءاً من صبـــاح اليوم اجتماعات لإعداد البيان ليقره مجلس الوزراء وتنال الحكومة على أساسه الثقة في المجـــلس النيابي. ونفى المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري جملة وتفصيلاً ما ورد عن تأجيل جلسة الموازنة.
وتشير مصادر «البناء» الى أن البيان شبه منجز واللجنة اليوم ستضع اللمسات الأخيرة عليه، ولفتت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» الى أن «الحزب كما سهّل عملية التكليف والتأليف سيسهل إنجـــاز البيان الوزاري لتنصرف الحكومة الى عملها وتســـتغل كل دقيقة للعمل لمعالجة الأزمات المتعددة»، مضيفة أنه «لن تكون الصيغة التي ستـــظهر دور المقاومة في الدفاع عن لبنان، محلّ إشكالية لدى المقاومة، فأغلب الحكومة هم حلفاء للحزب والمقاومة ولا خوف من أن تتخذ الحكومة أي قرار تصادمي مع الحزب».
في غضون ذلك، بقيت المواقف الدولية والعربية من الحكومة الجديدة محل متابعة ورصد لدى الأوساط السياسية والحكومية لسبر أغوار المناخ الدولي والعربي حول كيفية التعاطي مع الحكومة وأفق تقديم الدعم المالي لها. وكان الموقف الفرنسي أبرز المعلنين عن دعم الحكومة، فبعد تصريح الرئيس الفرنسي، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان «فرنسا على استعداد لدعم السلطات اللبنانية في تنفيذ الإصلاحات اللازمة، وستبذل قصارى جهدها لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته». كما أكدت مجدداً «تمسكها بسيادة لبنان واستقراره وأمنه، وبضرورة النأي بالنفس عن الأزمات الراهنة في سياق التوترات الإقليميّة». فيما حمل موقف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تفسيرات مختلفة.
ويرى سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبارة في المواقف الدولية الأولى تجاه الحكومة إيجابية، مشيراً لـ«البناء» الى أن الخوف كان إن اعتبر المجتمع الدولي الحكومة بأنها حكومة حزب الله وبالتالي رفض التعامل معها، مضيفاً: حتى وزير الخارجية الأميركي لم يربط بين الحكومة وحزب الله بل فصل بينهما رغم هجومه على الحزب لناحية دوره الإقليمي. ويربط طبارة بين ترجمة المواقف الدولية وقدرة الحكومة على إثبات مصداقية وشفافية وإصلاحات اقتصادية ومالية جذرية وحيادية إزاء الأزمات الإقليمية. موضحاً أن الحركة الدبلوماسية في السرايا الحكومية دليل إيجابي على الانفتاح الدولي عليها لكن ترجمة ذلك مرتبط بسياسات الحكومة الخارجية وعلى الصعد الاقتصادية والمالية».
وعلق طبارة على تصريح الرئيس حسان دياب بأنه سيزور أولاً دول الخليج بالقول ان العلاقة الايجابية مع دول الخليج ضرورية لمساعدة لبنان، وتوقع استجابة خليجية لزيارة دياب، لكنه اوضح أن قرار الخليج بدعم لبنان مرتبط بقرار المجتمع الدولي الذي سينتظر ويراقب عمل الحكومة قبل أن يبدأ المساعدة». ويرى طبارة الى أن المنطقة ستواجه تصعيداً في الشهور المقبلة، لكن ستتجه الى التفاوض لا سيما الأميركي – الإيراني، مشيراً الى «وجود مصالح مشتركة إيرانية سعودية تســـتدعي الحوار بينهما، معتبراً أن أميركا ترامب يحــتاج الى إنجاز على صعيد السياسة الخارجية لاستثماره في الانتخابات الاميركية وقد يكون عقد اتفاق جديد مع إيران».
في المقابل تشير مصادر في 8 آذار لـ»البناء» الى أنه «من المبكر الحديث عن نجاح الحكومة الجديدة في معالجة الأزمات أو فشلها، لأن ذلك مرتبط باعتبارات عدة أبرزها الوضع الإقليمي الذي سينعكس على عمل الحكومة ومسارها». وبرأي المصادر «فإن المنطقة مقبلة على مرحلة صعبة ومعقدة»، مركزة على الموقف الأميركي الذي ربط دعمه للحكومة بمجموعة من الإجراءات ما يؤشر على عدم تفاعـــل وحماســة للحكـــومة إلا اذا قامت بتلبـــية الشروط الأميركـــية والحكومة ليست بوارد الخوض بملفـــات إقليـــمية دقيــقة وحساسة بل ستــتركز مهمـــتها علــى انقاذ الوضع المالي والاقتصادي ولن تتخذ خيار المواجهة لا مع أطراف المعارضة ولا مع الخارج».
وبناء على المهمة المحدودة للحكومة تضيف المصادر، فإن «ملفات النازحين والانفتاح الاقتصادي على سورية باتت بحكم المؤجلة، كما أن الاحتجاجات العنفية ليس معلوماً أن تتوقف وموقف القوى السياسية المعارضة من المستقبل والقوات والكتائب مع تمايز النائب السابق وليد جنبلاط»، فهذه الأطراف من الواضح أنها اختارت التساكن مع الحكومة لكن هل يستمر ذلك أم تنتقل الى التصعيد على وقع التصعيد الإقليمي الدولي؟».
وتبدي المصادر مخاوف من الاعلان الاميركي عن خطة لتنـــفيذ صفقة القرن والقرار الفرنسي بإنشاء تحالف دولي في مضيق هرمز ما يؤشر الى أن «الأزمة الإقليـــمية الى مزيد من التعقيد»، فهل يستطيع لبنـــان النأي بالنفس؟ وتضيف أن «موقف بومبيو ملتـــبس وغامض»، مرجحة أن نكون في لبنان أمام مرحلة تقطيع الوقت بأقل خسائر ممكنة حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية الاميركية، لكن الخوف أن «لبنان بحاجة الى أموال خارجية وليس لديه موارد وقدرات للصمود طيلة هذه الوقت».