انتفاضة العراق لـ ترامب: الخروج سلماً… أو بالمقاومة المسلحة
} حسن حردان
كلّ من تابع مشاهد التظاهرة المليونية في بغداد، يخرج بنتيجة واضحة لا لبس فيها، وهي ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلقى صفعة ثالثة، بعد الصفعة الأولى التي وجهها له البرلمان العراقي بالغاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة ومطالبتها بسحب القوات الأميركية، وغيرها من قوات أجنبية من العراق، والصفعة الثانية التي وجهتها الضربة الصاروخية الإيرانية للقواعد الأميركية في العراق واضطرار واشنطن إلى ابتلاع الإهانة والتزام عدم الردّ خوفاً من ردود إيرانية أقوى وأوسع نطاقاً…
لقد جسدت هذه التظاهرة، انتفاضة الشعب العراقي ضدّ الوجود العسكري الأميركي والغربي، رداً على جريمة الجيش الأميركي باغتيال القائدين المقاومين، الفريق قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس… وأكدت على عدة رسائل بالغة الدلالة، وهي:
الرسالة الأولى: انّ الوجود العسكري الأميركي الغربي لا يحظى بالغطاء الشعبي، وأنّ قرار البرلمان العراقي إنما يعكس الإرادة الشعبية، ما يعني انّ الولايات المتحدة لا تملك، تأييداً شعبياً أو رسمياً لتبرير إبقاء قواتها في العراق التي باتت فاقدة للشرعية..
الرسالة الثانية: انّ الشعب العراقي يقف بقوة خلف فصائل المقاومة العراقية للبدء بالمقاومة المسلحة ضدّ القوات الأميركية، إذا ما رفضت الانصياع لإرادة العراقيين وخرجت سلماً من العراق، دون قيد ولا شرط…
الرسالة الثالثة: انّ ترامب لا يستطيع بعد اليوم أن يلعب على وتر التناقضات العراقية وإثارة الفتنة في ما بين العراقيين لتبرير إبقاء قواته، لمواصلة التدخل في شؤون العراق، ومنعه من التحرّر من الهيمنة الأميركية، وتمكين الشركات الأميركية من السيطرة على الثروة النفطية الضخمة للعراق…
الرسالة الرابعة: وهي إلى الشعب الأميركي، بأنّ ترامب يكذب عليه عندما يزعم انّ القوات الأميركية تحظى بتأييد الشعب العراقي، وأنّ قرار البرلمان العراقي لا يمثل إرادة العراقيين.. وبالتالي فإنّ إصرار ترامب على إبقاء قواته سيورّط أميركا في حرب جديدة ستكون أكثر كلفة من الكلفة التي تكبّدتها بين 2003 و2011، لأنّ المقاومة العراقية باتت اليوم أكثر قوة وقدرة وخبرة مما كانت عليه في حينه، وتستند إلى تأييد واحتضان شعبي واسع، ودعم من أطراف محور المقاومة…
الرسالة الخامسة: انّ الشعب العراقي بات يدرك جيداً الأهداف الاستعمارية للوجود العسكري الأميركي، وكذبة واشنطن بادّعاء محاربة تنظيم داعش الإرهابي، لا سيما بعد إقدامها على اغتيال القائدين سليماني والمهندس اللذين كان لهما الفضل في قيادة الحرب ضدّ تنظيم داعش وإلحاق الهزيمة به، كما بات يدرك السعي الأميركي الى استغلال أزمات العراقيين وإثارة الفتن في ما بينهم، لفرض الهيمنة وسرقة نفط العراق، وهو أمر جاهر به ترامب أكثر من مرة.. وانّ قرار العراقيين إنما هو الردّ على هذه الجريمة بتحرير العراق نهائياً من الهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية، وتحقيق استقلاله الوطني السياسي والاقتصادي..
الرسالة السادسة، الى ترامب، بأنّ مصيره السياسي سيكون في مهبّ الريح.. فهو قد يخسر الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، في حال أصرّ على بقاء قواته في العراق رغماً عن إرادته، وبدأت المقاومة عملياتها ضدّها، وبدأ معها مقتل الجنود الأميركيين وعودتهم بالتوابيت إلى الولايات المتحدة.. فالشعب الأميركي يُجمع على رفض التورّط في حروب جديدة، وترامب نفسه وعده بعدم التورّط في ايّ حرب جديدة، وكان قد انتقد بشدة الرؤساء السابقين الذين تسبّبوا بزجّ أميركا في حربي العراق وأفغانستان وخسارتها ٧ تريليونات من الدولارات، مما انعكس سلباً على الاقتصاد الأميركي…
انّ هذه الرسائل القوية التي وجهتها انتفاضة الشعب العراقي ضدّ بقاء القوات الأميركية على أرض العراق، إنما تندرج في سياق الردّ الاستراتيجي لمحور المقاومة على الجريمة الأميركية، باغتيال القائدين سليماني والمهندس، بفتح معركة طرد القوات الأميركية من غرب آسيا، بدءاً من العراق وسورية واليمن.. فهل يقرأ ترامب هذه الرسائل جيداً ويرحل عن العراق بأقلّ الخسائر، قبل أن يضطر إلى ذلك تحت ضربات المقاومة المسلحة؟