المواجهة النوويّة الأميركيّة الإيرانيّة العراق مسرح عملياتها..!
محمد صادق الحسيني
ماذا تريد أميركا من العراق غير الهيمنة والتمكّن من مصادرة قرا ره المستقلّ…؟
ولماذا ستظل تحاول جهدها للبقاء فيه والامتناع عن النزول عند رغبة أهله بالخروج منه والرحيل..؟
الأسباب قد تكون عديدة، ولكن واحداً منها هو الآتي:
كشفت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، حسب ما نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز بتاريخ 7/9/2011، أن العراق يملك احتياطياً هائلاً من الفوسفات العالي الجودة. ويبلغ إجمالي هذا الاحتياط 5,75 مليارات طن (خمسة مليارات وخمسمئة وخمسة وسبعون مليون طن). وأضافت الصحيفة، نقلاً عن هيئة المسح الجيولوجي الأميركي، أن العراق يحتل المركز الثاني، بعد المغرب في احتياطات الفوسفات.
تتركّز هذه الكميات، بشكل أساسي، في محافظة الأنبار / منطقة عكاشات/ النخيب/ وتشكل 9% من احتياطيات العالم من هذه المادة التي تستخدم في مجالات صناعيّة عدة، أهمها صناعة الأسمدة والصناعات النووية، لكون الفوسفات تحتوي على نسبة معينة من خام اليورانيوم.
كما قامت شركة المسح الجيولوجي والتعدين العراقية بإجراء مسح جيولوجي واسع النطاق في العراق، بين سنوات 1986-1990، أسفر عن اكتشاف كميات كبيرة من معدن اليورانيوم في محافظات: الأنبار (منطقة عكاشات) / محافظة النجف / مثنى / واسط /.
كذلك اكتشفت شركة التعدين العراقية (إحدى شركات وزارة الصناعة) كميات كبيرة من معدن الزئبق الأحمر، الذي يستخدم في الصناعة النووية، في محافظة ميسان. وهو المعدن الذي يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه مليون دولار، حسب الصحافة المتخصصة.
إضافة الى ذلك فقد تمّ اكتشاف احتياطات كبيرة من مادة الكوارتز (البلّْور) في محافظة البصرة، وخاصة في منطقة الفاو. وتبلغ الكميات المكتشفة حتى الآن ثمانمئة وخمسة وخمسين مليون متر مكعب من هذه المادة.
علماً أن هذه المادة تسمّى في العلوم الفيزيائية نصف معدن لكونها تحتوي على صفات معدنية وغير معدنية في الوقت نفسه، ولكنها علمياً وصناعياً لا تصنف في خانة المعادن. ولكنها في الوقت ذاته مادة ذات أهمية استراتيجية كبرى، في صناعة الإلكترونيات على وجه الخصوص، التي تشهد تطوراً سريعاً جداً وذا أبعاد وتداعيات كبيرة على كل مناحي حياة البشر، لا بل على مستقبل البشرية بأكملها، وذلك من باب التغييرات التي سيسبّبها تطوّر الصناعات الالكترونية على حياة البشر وفي كل تفاصيلها.
تقوم جهات عراقية، من داخل شركة المسح الجيولوجي والتعدين، بشكل خاص، ومن وزارة الصناعة العراقيّة بشكل عام، بالترويج لما يُسمّى جلب الاستثمارات الخارجية لـ “تطوير” هذا القطاع من التعدين. وهو ما يعني بيع ثروة البلاد الاستراتيجيّة للشركات الأجنبيّة، وخاصة الأميركيّة والفرنسية والبريطانية.
ويواظب هؤلاء “المسؤولون العراقيون (هم في الحقيقة غير مسؤولين لا بل خونة)، على حضور مؤتمر لندن للتعدين، الذي تنظمه بورصة لندن في شهر تشرين الثاني / شهر 11 / من كل عام، وذلك بحجة جلب الاستثمارات الأجنبية لقطاع التعدين في العراق.
ولكن الإدارة الأميركية تعزف على وتر مختلف تماماً، في ما يتعلق بصناعة التعدين العراقية، وذلك باتباعها سياسة التدمير الكامل لهذه الصناعة. والدليل على ذلك التدمير الممنهج والشامل الذي قامت به عصابات داعش الصهيوأميركية، سواءٌ في منطقة عكاشات او في القائم.
فالإدارة الأميركية تعمل على سلخ محافظة الأنبار والمحافظات العراقية الشمالية، ذات الأغلبية السكانية من الأصول الأردنية، والتي تحتوي على نسبة معينة من احتياطات اليورانيوم وكذلك محافظة نينوى (منطقة الموصل)، وإقامة كيان مسخ في هذه المحافظات وتسليمه لشركات التعدين الغربية.
ترمي الإدارة الأميركية، من وراء تنفيذ هذا المخطط، الى ضمان عدم انعتاق العراق من الهيمنة الأميركية، من خلال تفتيته ومنع تطوره العلمي والتقني والصناعي. كما تهدف أيضاً الى منع قيام أي تعاون بين العراق وإيران، في مجال الصناعة النووية السلمية. خاصة أن احتياطيات إيران المكتشفة من معدن اليورانيوم هي احتياطات متواضعة يقتصر وجودها على منطقة يزد وسط إيران، مما يضطرها الى استيراد قسم من حاجتها من الخارج.
وإذا ما قرأ المرؤ بعين فاحصة لما يدور في المحافظات الجنوبية من تحرّكات فإنه سيكتشف، دون طول عناء، أن واشنطن وتل أبيب هما اللتان تديران الفوضى والتخريب التي تشهدهما هذه المحافظات. كما أن احتياطات اليورانيوم العراقية هي أحد الأسباب التي دفعت الرئيس الأميركي للموافقة على اغتيال الشهيد سليماني، الذي كانت إدارة بلاده تبدي استعداداً لتمهيد إقامة حوار استراتيجي سعودي إيراني، يهدف الى إعادة الاستقرار الى منطقة “الشرق الأوسط” بأكملها، من خلال التوافق على إقامة نظام أمني إقليمي يحمي مصالح الجميع ويؤدي إلى افتكاك دول الخليج من العبودية الأميركية.
وهذا يعني، بصريح العبارة، إنهاء السيطرة الأميركية على احتياطات اليورانيوم السعودية الكبيرة والتي هي من تدفع صقور الإداره الأميركية الى رفض توجهات ترامب للانسحاب من الشرق الأوسط، وذلك خوفاً من قيام تعاون علمي وتقني وصناعي نووي إسلامي يضم كلاً من إيران وباكستان والسعودية وربما مصر وغيرها في المستقبل.
مطالب الشعب العراقي في الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة مطالب محقة تماماً وتستحق الدعم والتأييد من كل شعوب العالم. لكن دعم واشنطن وتل أبيب لهذه المطالب هي كلمة حقٍ يُراد بها باطل. وما عمليات التخريب والقتل العمد، للمحتجين ورجال الأمن، في مختلف المحافظات العراقية، إلا تأكيد على هذه الحقيقة.
والمقبل من الزمان سيكشف المزيد من جرائم أميركا بحق العراق، وأطماعها بحق خيراته، والحجة غالباً ما ستكون دفع النفوذ الإيراني…!
ومكرهم سيبور.
بعدنا طيبين قولوا الله.