هل يستفيد رئيس الحكومة من الفرص؟
} علي بدر الدين
بعد تجاوز قطوع تشكيل الحكومة وإنهاء عملية التسليم والتسلّم الفولكلورية بين وزراء السلف والخلف وانكباب لجنة البيان الوزاري على إنجازه وصولاً إلى جلسة الثقة النيابية حيث ينام رئيس الحكومة على وعد نيلهاة بضمانة الكتل النيابية ومرجعياتها السياسية التي سمّته وشكلت حكومته، مع انّ البلد يعيش على التحوّلات وانعدام الضمانات لما هو آت، وخاصة أنه مقيم على فوهة بركان قد ينفجر بأية لحظة أو على رمال متحركه قد تغيّر مسار الأحداث إذا ما هبّت عليها الرياح وقد تقلب الأمور رأساً على عقب…
والأسوأ انّ الطبقة السياسية هي دائماً في مزاج متقلب لا قاسم مشترك بينها سوى المصالح والعرض والطلب، فإنّ تقاطعت مصالحها اتفقت وإن تضاربت اختلفت وفي الحالتين فإنّ الشعب هو الذي يدفع الثمن.
يبدو انّ رئيس الحكومة الذي قرّر الاقامة في السراي الحكومية وعدم انتظار البيان الوزاري والثقة لديه من المعطيات والضمانات ما يكفي بأنّ قطار حكومته على سكته الصحيحة وان لا قدرة لأحد على إيقاف اندفاعه من المعارضين لها ولا من ضغط الشارع الذي أصبح برأيه ومن خلفه مهيض الجناح ولا حول له ولا قوة على إسقاط الحكومة وهو يواجه وابل من الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والعصي وليس مهماً إنْ أصيبت العيون او تكرسحت الأرجل او أغمي على العشرات واختنق أمثالهم لأن الأهمّ أن لا تهتز هيبة الحكومة المضمونة والمدعومة من قوى سياسيه ساهمت بولادتها.
الواضح انّ هناك ضمانات ودعماً وانْ كان مشروطاً من دول إقليمية ودولية فاعلة للسماح بفرصه غير محدّدة للحكومة لمعرفة قدرنها على اختراق جدار الأزمات والنجاح في إيجاد حلول على تواضعها لكثير من الملفات الساخنة وخاصة الاقتصاديه والمالية. هذه الفرص هدّأت من أعصاب رئيس الحكومة وأعطته جرعات تفاؤل إضافية لتحقيق ما وعد به ولو بحدّه الأدنى.
ولكن اللافت هذا الكمّ من النفاق والمجاملات والوعود الفارغة التي واكبت عملية التسليم والتسلّم الوزارية التي ورطت وزراء جدداً بوعدهم السير على خطى من سبقهم وأخذ الدروس والعبر من أدائهم في الوزارات التي تسلّموها وهي التي ساهمت بإغراق البلد بالديون وأفلسته وأفقرت مواطنيه وشرعت الفساد والمحاصصة.
والأغرب مبالغة بعض الوزراء بقدرتهم على تحقيق المعجزات وانهم سيحققون ما يدهش العالم مما أصاب اللبنانيين بنوع من خيبة الأمل.
هذه الأريحية أوقعتهم في الخطأ وزلات اللسان فأفسدت فرحتهم بولادة الحكومة ولكنهم شفعوا لهم لأنّ ما حصل ناتج عن قلة خبره ورهبة المنصب وانّ الوقت كفيل بتحسين الأداء وضبط الألسن والتقليل من الكلام والإكثار من الفعل ولا بدّ من أخذه على المحمل الحسن والنية الطيبة واستبعاد مقولة إكذب وإكذب حتى يصدقك الناس، وهو نهج اعتمدته الطبقة السياسية وحكوماتها المتعاقبة، وعلى هذه الحكومة ان تسرع الخطى لإنجاز بيانها الوزاري الذي لا يحتاج الى كثير من الوقت والجهد لأنه لن يختلف عما سبقه من بيانات وزارية، والمهمّ أن يبقي الثوابت الوطنية والقومية والحفاظ على المقاومة ما دام هناك عدو إسرائيلي يحتلّ أجزاء من لأرضنا ويتوعّد ويهدّد… لأنّ المطلوب الإسراع في فتح الطريق أمام هذه الحكومة لعلّ وعسى تنجح حيث فشلت الحكومات السابقة، وهي الآن تحت المجهر المحلي والإقليمي والدولي وهي قبل ان تنمو ويكتمل عقدها ويطلع ريشها بدأ نتفها وتخضع لاختبارات اقتصادية ومالية وأمنية صعبة ومعقدة، وعلى الحكومة ورئيسها ان يواجهوا بجرأة وشجاعه التحديات بالإصرار والفعل وليس بالتفرّج على المشهد السياسي والاقتصادي والمالي المعقد، ولا تكفي بيانات الشجب والاستنكار لما يخطط لهذا البلد على والمطلوب منذ البدايه قطع رأس قط الفساد ومحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة قبل ان يتمدّد الضرر ويصعب لجمه ويختلط الحابل بالنابل وتعمّ الفوضى وتضيع الحكومة في متاهات السياسه وتتبخر الآمال، وعندها لا يفيد صديق أو حليف أو متسلق… كلّ واحد يا رب نفسه.
لا مجال أمام الحكومة لاسترضاء هذا الفريق او مسايرة ذاك الفريق حرصاً على البقاء في السلطة لأنّ مصلحة البلد والناس فوق كلّ مصلحة، ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك…