استشهاد 12 عراقياً خلال تظاهرات اليومين الماضيين والبابا فرنسيس وصالح ركّزا على أهمية تعزيز الاستقرار وتشجيع الحوار
نفى السيد مقتدى الصدر أن يكون قد دعا إلى تظاهرات احتجاجية أمس أمام السفارة الأميركية في بغداد.
وأتى النفي بعدما أوردت وكالات أنباء عالمية أنّ السيد مقتدى الصدر ألغى مكتب مظاهرات مناهضة لأميركا في العراق لتجنّب «فتنة داخلية».
وقد نشر صالح محمد العراقي الملقب بـ«ثقة الصدر» عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» رسالة الصدر إلى الشعب العراقي، والتي نهاهم فيها عن التظاهر تجنّباً للفتنة.
وفي هذا الصدد قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي «أثير الشرع» إنّ أنصار الصدر هم من أطلقوا دعوة التظاهر، مشدداً على أن زعيم التيار الصدري رفض هذه الدعوات «حفظاً للسلم الأهلي ودرءاً للفتنة»، على حدّ قوله.
وأوضح الشرع في تصريحات أن «زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يدعو لدعم الجهات الأمنية وتقويتها للحفاظ على أمن العراق والحفاظ على السلم المجتمعي».
وعن الأسباب الحقيقية لدعوة أنصار التيار الصدري لهذه المظاهرات، قال الشرع «إن هذه الدعوات جاءت رداً على الهجوم الذي شنّه بعض المحتجين عبر الفضاء الإلكتروني على شخص زعيم التيار الصدري، بعد انسحاب أنصاره من ساحات التظاهر، السبت».
ولم يستبعد الشرع وقوع أحداث عنف واشتباكات بين أنصار الصدر الغاضبين وغير المؤتمرين بأمره مع المحتجين بسبب الهجوم على شخص الصدر بعد انسحاب أنصاره من ساحات الاعتصام.
إلى ذلك، أعلنت المفوضيّة العليا لحقوق الإنسان في العراق، أمس الأحد، توثيقها استشهاد 12 مواطناً، مع استمرار التظاهرات في بغداد وعدد من المحافظات.
وذكرت المفوضية في بيان صحافي: «وثقنا استشهاد 12 متظاهراً، من بينهم 9 في محافظة بغداد، و3 في محافظة ذي قار. كما وثقنا إصابة 230 من المتظاهرين والقوات الأمنية، منهم 118 في محافظة بغداد، و78 في محافظة ذي قار، وفي البصرة 34 شخصاً، بالإضافة إلى حصول 89 حالة اعتقال لمتظاهرين في محافظتي بغداد والبصرة».
ودعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، الأطراف كافة إلى وقف أي شكل من أشكال العنف، وضبط النفس والحفاظ على سلمية التظاهرات، والابتعاد عن أي تصادم يؤدي إلى سقوط ضحايا، والتعاون بغية حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وإيقاف الانتهاكات في حقوق الإنسان والتي تؤدي إلى تقييد حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي.
وكان قد توافدت أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، أمس، لإحباط محاولات اقتحام مواقع الاعتصام، وإحراق الخيام.
وردّد المتظاهرون الذين دعموا الملازمين لساحة التحرير، والنفق المجمّل برسوم الثورة، عبارات أبرزها «بالروح بالدم نفديك يا عراق».
ورفع المتظاهرون علماً كبيراً للعراق، معلنين تمكنهم من إفشال محاولات فض الاعتصام، واقتحام الساحة، التي تحتضن الثورة الشعبية الكبرى منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت مصادر، أنه سرعان ما أعاد المتظاهرون نصب خيم جديدة عوضاً عن التي أحرقت عند مدخل نفق السعدون، من جهة جسر السنك، وساحة الخلاني.
وحتى المساء، استمر إطلاق الرصاص الحي والقنابل الدخانية، من قبل جهات مجهولة، بالقرب من الشارع الجمهوري وجسر السنك وساحات الخلاني والوثبة والكيلاني القريبة من جسر الطريق السريع «محمد القاسم» الذي يلازمه المعتصمون.
وشهدت محافظة ذي قار، جنوبي البلاد، هجوماً مماثلاً من قبل القوات، لتفريق المعتصمين من الطريق السريع الدولي الرابط بين العاصمة بغداد، وعموم محافظات الجنوب، ما أسفر عن مقتل 3 متظاهرين، وإصابة 17 آخرين بينهم مصابون بجروح خطيرة.
وتعرّضت خيام المعتصمين في البصرة أغنى مدن العراق نفطياً في أقصى الجنوب، منذ الليلة قبل الماضية، للإحراق على يد القوات الأمنية، بعد انسحاب المتظاهرين الموالين للتيار الصدري، وسط انتشار كبير لفوج قوة الصدمة.
وأشرفت القوات الأمنية التي انتشرت بشكل كثيف في موقع الاعتصام أمام مبنى محافظة البصرة، على تنظيف الساحة من الخيم المحترقة، وسط استعداد لعودة المعتصمين إلى التظاهر ونصب الخيم مجدداً.
إلى ذلك، اتفق البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، والرئيس العراقي، برهم صالح، على ضرورة احترام سيادة العراق، بعد هجوم أميركي وآخر إيراني على الأراضي العراقية خلال الشهر الحالي.
وعقد الرئيس العراقي محادثات خاصة مع البابا، استغرقت نحو 30 دقيقة، ثم اجتمع مع أكبر دبلوماسيين في الفاتيكان، وهما أمين سر دولة الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، وكبير الأساقفة بول غالاغر، الذي يشغل منصب وزير الخارجية.
وقال الفاتيكان في بيان إن المحادثات «ركّزت على التحديات التي تواجهها البلاد حالياً وأهمية تعزيز الاستقرار وعملية إعادة البناء وتشجيع طريق الحوار والبحث عن حلول مناسبة في مصلحة المواطنين مع احترام السيادة الوطنية».
وكان الرئيس العراقي، برهم صالح، قال على هامش لقائه بالبابا فرنسيس، بحسب بيان للرئاسة العراقية، إن «التآخي والتعايش السلمي هو الطريق الوحيد للقضاء على التطرف بكل أشكاله»، فيما أكد البابا فرانسيس ضروري المضي بدعم استقرار العراق.
وذكر بيان الرئاسة أن «رئيس الجمهورية برهم صالح التقى، اليوم السبت، في الفاتيكان، قداسة البابا فرنسيس»، مبيناً أنه «تمّت، خلال اللقاء، مناقشة ترتيبات الزيارة البابوبية التي يزمع قداسته القيام بها إلى العراق في وقت لاحق».