منفذيّة بعلبك في “القومي” وزعت خمسة عشر ألف نصبة حرجيّة ومثمرة.. و«البناء” تضيء على الواقع الاقتصاديّ ـ الاجتماعيّ
المنفذ العام علي عرار: لتعميم ثقافة التشجير خدمة للبيئة والاقتصاد وتحفيز المزارعين على البقاء في قراهم..
عبير حمدان
أشرّف عضو المكتب السياسي ـ منفذ عام بعلبك في الحزب السوري القومي الاجتماعي علي عرار على توزيع خمسة عشر ألف نصبة حرجية ومثمرة للوحدات الحزبية متحدات شمسطار، طاريا، حوش بردى، السفيري، الناصرية، الخضر، حوش النبي حام، تمنين الفوقا وتمنين التحتا. وتأتي هذه الخطوة استكمالاً لتوزيع عشرات آلاف النصوب في السنوات الماضية، حيث وزعت المنفذية خلال السنوات الثلاث الماضية سبعين ألف نصبة مثمرة وحرجية.
وشدّد المنفذ العام علي عرار خلال عملية التوزيع على ضرورة الاهتمام بالنصوب والتواصل مع البلديات والفاعليات والناس لتشكيل ثقافة عامة تهتم بالتشجير لما فيه مصلحة بيئية واقتصادية.
ولفت عرار إلى أننا وخلال السنوات الماضية، حصلنا على النصوب من الشام التي نشكرها على كل ما قدّمته وتقدّمه، وهذا العام نشكر «جهاد البناء» التي تولّت تقديم النصوب ونقلها من الشام الى لبنان.
ورأى عرار في حديث لـ «البناء» أنّ التشجير نقطة مضيئة في محيط الظل الذي يحكم الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمنطقة زاخرة بالإمكانيات ولا تنقصها إلا نية صادقة من قبل الجهات المعنية بالالتفات والاهتمام إلى ابسط مقومات العيش الكريم، بحيث لا تبقى مسؤولية المتابعة ملقاة على عاتق طرف واحد، ولكي تكون هذه المنطقة على الخريطة الإنمائيّة للدولة قولاً وفعلاً.
وفي الإطار المتصل بالتنسيق مع البلديات قال عرار: «البلدية دورها أساسي في التنمية من خلال الاستفادة من مصادر البيئة البشرية والمادية المتوفرة ضمن نطاقها والعمل على زيادة هذه المصادر كماً ونوعاً، وتطوير العنصر البشري مادياً وثقافياً وروحياً هو الشرط الأساسي لكل تنمية حقيقية، لذلك يجب أن تنشأ علاقة تعاون وثقة بين المواطنين والسلطة المحلية المتمثلة بالمجلس البلدي تقوم على الحوار والمساءلة والمشاركة في الرؤيا لتحسين المجتمع ووضعه العام. ونحن من موقعنا نتواصل مع بلديات المنطقة ونناقش مختلف الأمور بما يخدم المصلحة العامة».
التشجير ضرورة بيئية
ما لفت إليه عرار عن أهمية التشجير، تؤكده الدراسات، فالأشجار تعمل على تنقية الهواء من كافّة الشوائب كالدخان، والغبار، والأبخرة من طبقة الغلاف الجوي، كما تُساعد على تقليل تأثير الاحتباس الحراريّ عن طريق التخلّص من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجوّ وإطلاق الأكسجين. كما أنّ زراعة الاشجار تساعد على التقليل من درجة حرارة الجو، ويُمكن أن تعمل شجرة واحدة كمُكيّف طبيعي للهواء. وتشجير المساحات الجرداء يمنع تآكل التربة، مما يساهم في تحسين القدرة الزراعية، حيث إنها سلسلة مترابطة تبدأ في الحفاظ على الدورة الصحيحة للطبيعة وتبقى الحشرات والطيور في مكانها، حيث لكل منها مهمة تعود بالمنفعة على الاشجار المثمرة، كما أن جذور الأشجار تمنع تسرّب جريان المياه إلى طبقات المياه الجوفية في باطن الأرض. ويمكن الجزم أن التشجير بالإجمال ضرورة بيئية بالدرجة الاولى في ظل تصاعد التلوث في الجو مما يؤثر بشكل سلبي على المناخ والطبيعة ويضاعف الفايروسات المسببة للأمراض.
وعليه، يؤكد عرار أن منفذية بعلبك في الحزب السوري القومي الاجتماعي أخذت على عاتقها متابعة موضوع التشجير في قرى بعلبك الهرمل بهدف الحفاظ على البيئة من جهة، وتحفيز المزارعين على البقاء في قراهم من جهة ثانية، وقال: «نحن على تواصل دائم مع مختلف القطاعات الثقافية والاجتماعية ونجهد جميعنا لتكريس ثقافة الزرع لا القلع، من هنا أشرفنا على توزيع النصوب الحرجية والمثمرة في القرى، حيث إن الأشجار المثمرة إلى جانب منفعتها البيئية هناك الفائدة التجارية حيث تتنوّع المواسم شرط أن تتوفر أسواق لتصدير ما تنتجه هذه المواسم بشكل ينصف المزارعين وكل مَن يستثمر في أرضه ويتّكل على خيراتها».
الواقع الاجتماعي والاقتصادي
إشارة منفذ عام بعلبك في الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى فوائد التشجير بيئياً واقتصادياً، حتّمت علينا الإضاءة على الواقع الاقتصادي الاجتماعي في بعلبك ـ الهرمل، فهذه المنطقة تكاد تكون خارج الإطار الإنمائي للدولة التي من المفترض أن تعمل على تفعيل سياسة الإنماء المتوازن لينسحب على امتداد لبنان، وبالتالي يرسخ هذا التعاطي فكرة التمسك بالأرض والانتماء إليها فلا يضطر أبناء القرى إلى تركها بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل.
إنّ معظم قرى بعلبك زراعية في أساسها، وإذا ما قرأنا التاريخ جيداً نجد أن سهل البقاع كان يُعتبر إهراءات روما. هذا في الإطار التاريخي أما في الواقع الآني فيرزح القطاع الزراعي على امتداد السهل والقرى البقاعية تحت ثقل كبير من المشاكل لناحية عدم قدرة المزارعين على تصدير منتوجاتهم في مقابل ارتفاع كلفة المواد الأولية والأساسية التي يحتاجها كل مزارع، أضف إلى مشكلة شحّ المياه في فصل الصيف وعدم توفر شبكة للري ولا ننسى تلوّث جزء كبير من مياه الري والشفة.
ويضاف إلى مشاكل المزارعين المذكورة آنفاً ظاهرة السيول التي تجرف كل ما في طريقها وتقضي على المواسم بالكامل، لذلك يتطلب الأمر جهداً مضاعفاً لتشجير كافة المساحات الجردية لتثبيت التربة، وكذلك الإكثار من زراعة الأشجار المثمرة بهدف تنوّع المواسم وتحريك العجلة الاقتصادية خدمة للمزارعين وللمجتمع البقاعي برمّته.
ولأن القطاع الزراعي في منطقة بعلبك الهرمل بات مزرياً نتيجة غياب السياسات الزراعية وعدم تحمّل الدولة لمسؤولياتها في دعم المزارعين وضمان تصريف منتوجاتهم، اتجه جزء كبير من أهالي هذه المناطق لا سيما الشباب منهم، إلى «النزوح» من القرى باتجاه العاصمة سعياً وراء عمل يؤمّن قوت عيشهم ويحسّن واقعهم الاجتماعي والاقتصادي.
خارج خريطة الإنماء
المؤسف أن منطقة بعلبك الهرمل مغيبة عن خارطة الإنماء المتوازن. وهذه السياسة الخاطئة تظلم شريحة كبيرة من المجتمع، مع العلم أن المنطقة تزخر بالكفاءات على مختلف الصعد، ولكن في ظل تصاعد البطالة التي تفتك بجيل شاب من أبناء هذه المنطقة يختار كُثر من هؤلاء الشباب الهجرة الداخلية او الخارجية مما يُفرّغ المنطقة من الطاقات الإبداعية الشابة، الى جانب تراجع القطاع الزراعي كما أشرنا في سياق النص، ولا ننسى انعدام أي وجود للجانب الصناعي والإنتاجي في ظل غياب المشاريع الصناعية وعدم وجود أي مصنع أو معمل في المنطقة. علماً أن هذه المنطقة تتطلب الكثير من الاهتمام والالتفات من قبل كل الجهات الرسمية المعنية لكونها جزءاً حيوياً لا يمكن سلخه عن بلد من المفترض أن يتمسك أبناؤه بالوحدة الاجتماعية.
الواقع في منطقة بعلبك الهرمل متردٍ للغاية على الصعد الاقتصادية الاجتماعية كافة، وهذا يستدعي معالجات حقيقية لتقويم الوضع والكفّ عن تهميش هذه المنطقة ووسمها بصورة نمطية لا تشبهها، وهذه المسؤولية تحتّم على المؤسسات المعنية في الدولة تحملها، من أجل وضع منطقة بعلبك الهرمل على خارطة الإنماء اجتماعياً واقتصادياً وزراعياً وسياحياً وثقافياً بعيداً عن الوعود الوهمية، لأنه حين يخيّم شبح الكساد على المزارع البقاعي فإن مسؤولية الدولة أن تحفظ حقوقه بالتعويض المنصف لا سيما في مواجهة الكوارث الطبيعية، إضافة إلى ضرورة إيجاد حل جذري وفعلي يحول دون أن تتحوّل الأشجار المثمرة الى عبء يثقل كاهل اصحاب الأرض التي تمنح الخير ولا تنتظر في المقابل إلا الوفاء لعطائها.
البلديات نقطة التحوّل الأولى
أمّا البلديات التي أشار الى دورها منفذ عام بعلبك، فيُفترض أنها هي الجهة الرسمية المصغّرة عن الدولة وهي المعنية بالأمور البديهية العامة التي تهمّ الناس، لذلك عليها أن ترسّخ الثقة مع محيطها من خلال الخدمات التي تقدّمها وفق إمكانياتها المتاحة، وفي حال كانت هذه الإمكانيات محدودة يجب على المجلس البلدي التوجّه إلى الجهة الرسمية المعنية لمعالجة العجز بما يخدم المصلحة العامة، لذلك يجب أن يكون التنسيق قائماً بين البلديات وبين المؤسسات الرسمية وخاصة الوزارات فيما يتعلق بالمشاريع المنفذة داخل النطاق البلدي.
قانونياً إن البلدية هي إدارة محلية، تقوم، ضمن نطاقها، بممارسة الصلاحيّات التي يخوّلها إياها القانون، وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري في نطاق هذا القانون، وعليه فإن اختصاص المجلس البلدي هو كل عمل ذي طابع أو منفعة عامة في النطاق البلدي مثل إقامة المشاريع الإنتاجية وتحقيق التنمية المحلية، وتولي البرامج العامة للأشغال والتجميل وتخطيط الطرق وتوسيعها وإنشاء الحدائق والساحات العامة ومشاريع المياه والصرف الصحي والإنارة وحلّ مشكلة النفايات وإنشاء الأسواق والمنتزهات والملاعب والمكتبات العامة والمدارس والمساكن والمراكز الصحية وتنظيم النقل وإسعاف المعوقين والمعوزين ومساعدة النوادي والجمعيات، وغير ذلك من النشاطات والخدمات المحلية التي تقع ضمن النطاق البلدي.
مما تقدّم تبقى المشاركة ضرورة حتمية بين البلدية والجمعيات الاهلية مما يمنح القوى المدنية دوراً أكبر في إحداث التغيير المنشود والتأثير على السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم في تطوّر المجتمع في مختلف المجالات.