مواجهات في الضفة الغربيّة والقطاع خلال تظاهرات مندّدة بـ«صفقة القرن».. وتباين في المواقف العربيّة والإقليميّة والدوليّة منها هنيّة: إرسال عباس وفدًا لغزة يؤسّس لمرحلة جديدة والنخّالة يقول إن «الصفقة» لا تستهدف الشعب الفلسطينيّ فقط
قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إنّ قرار رئيس السلطة، محمود عباس، إرسال وفد إلى قطاع غزة «يؤسّس لمرحلة جديدة من الحوار الوطني».
وأضاف هنيّة، إنّ «رسالتنا لـ»أبو مازن» يجب أن نعمل في خندق واحد ونتفق على استراتيجية تقوم على إنهاء حالة الانقسام».
وأعرب عن أسفه لحضور دول عربية إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنود خطته لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن».
وشدّد هنية على أنّ الموقف العربي يجب أن يكون مسانداً وداعماً للموقف الفلسطيني ولا يخرق المواقف التاريخية، مجدّدًا تأكيده على رفض أي اتفاق أو صفقة أو مشروع ينتقص من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
من جهته، اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة أن «صفقة القرن» لا تستهدف الشعب الفلسطيني فقط، بل هي خطة استقواء علينا جميعاً كعرب وكمسلمين وتمثل تحدياً كبيراً لأمتنا، مؤكّداً أن البيانات والخطابات والمجاملات لم تعُد تجدي.
وفي بيان له أمس، قال النخالة إن الكثير من المواقف العربية وردور الفعل تعني هروب أصحابها من مسؤولياتهم تجاه فلسطين، داعياً الشعب الفلسطيني وقواه السياسية وفصائله المقاتلة لأخذ زمام المبادرة ومغادرة الخلافات والأوهام.
وأشار إلى أن هذه الخطة المؤامرة (أي صفقة القرن) تفرض أمامنا تحدياً كبيراً يستوجب منّا تغيير منهجنا في التعامل مع كل شيء، مضيفاً أن هذا التحدّي «يجب أن يجعلنا نغادر المألوف ويدفعنا لخلق وقائع جديدة بتضحياتنا».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أمس الثلاثاء، «صفقة القرن» وأبرز البنود، القدس عاصمة «إسرائيل» وإسقاط حقّ العودة.
إلى ذلك، قال رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا: إن» صفقة العار لن تمرّ والمسرحية الهزلية التي شهدناها في البيت الأبيض لم تقدم أي شيء جديد، بل هي تكرار لمشاريع ومؤامرات ومخططات خبيثة شهدناها في الأعوام السابقة».
وأضاف حنا في تصريح صحافي أمس، أن هذه المخططات والمؤامرات كان هدفها وما زال هو تركيع واستسلام الفلسطينيين وقبولهم بالأمر الواقع الذي يُرسم لهم.
وأوضح أن «صفقة القرن» المشؤومة ليست موجودة إلا في عقول وعلى أوراق مَن يخطّطون لها، أما على الأرض، فالفلسطينيون موجودون وهم رقم صعب ولا يحق لأية جهة في هذا العالم أن تتجاهل وجودهم وحقوقهم وثوابتهم وجذورهم العميقة في تربة هذه الارض المقدسة.
مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال
اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، أمس، في مناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة حيث انطلق عدد كبير من الفعاليات الفلسطينية الرافضة لـ»صفقة القرن».
وتوافد الفلسطينيون إلى نقاط التماس في أكثر من منطقة بالضفة، تلبية لدعوة القوى الوطنية تنديداً بـ»صفقة القرن».
وأعلنت منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمها تتعامل مع 41 إصابة خلال مواجهات متفرقة في الأغوار الشمالية ومخيم العروب وطولكرم والبيرة.
وأوضحت المنظمة أن الحديث يدور حول إصابات بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والحي.
وفي مخيم العروب شمال الخليل، أصيب فتى (14 عاماً) بالرصاص المطاطي في الرأس وعدد من المواطنين وطلبة المدارس بالاختناق، واعتقلت قوات الاحتلال 3 شبّان.
وفي بيت لحم، أصيب 7 فلسطينيين جراء مواجهات مع القوات الإسرائيلية عند المدخل الشمالي للمدينة.
أما في طولكرم، فقد شارك الآلاف بمسيرة حاشدة ضمت الفصائل والمستويات الشعبية والرسمية كافة في ميدان الشهيد ثابت ثابت وسط المدينة.
ويعمّ إضراب عام وشامل اليوم في قطاع غزة، ويشمل المؤسسات ومرافق الحياة كافة، ما عدا المؤسسات الصحيّة.
وفي القدس، اندلعت مواجهات بين شبان وقوات الاحتلال قرب جامعة القدس ببلدة أبو ديس، وأطلق جيش الاحتلال قنابل الغاز والعيارات المطاطية تجاه المواطنين والطلبة، من دون تسجيل إصابات.
مواقف مُدينة للصفقة والتطبيع
وفي السياق نفسه، رفضت الجبهة العربية التقدمية ودانت بشدة «صفقة القرن» التي وصفتها بـ «المشؤومة» ودعت كلّ الشعوب العربية وقواها الوطنية إلى إسقاطها، معتبرة أنها أخطر خطوة بعد اتفاقيات كامب ديفيد بما تحمله من مخاطر على شعوب المنطقة.
البطريرك غريغوريوس الثالث لحام قال رداً على صفقة ترامب القدس ليست سلعة.. وفلسطين ليست سلعة.
عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني محمد علي الحوثي أعلن أيضاً أن أول فشل لخطة ترامب أنها لم تستطع أن تحشد سفراء الدول جميعاً وليس زعماءها، معتبراً أن الخطة المعلنة تؤكد استمرارية الإجرام ومصادرة الحقوق وانتهاك القانون وقرارات مجلس الأمن.
«مجلس التلاحم القبلي في اليمن» رفض «صفقة ترامب التآمرية بأبلغ عبارات السخط والاستنكار».
من جهته، اعتبر الحزب الإسلامي العراقي أن كلّ محاولات إنهاء القضية الفلسطينية وتحت شتى المسمّيات، باءت بالفشل لكونها تتنكر لحقائق التاريخ والجغرافية وحقوق أهلنا في فلسطين وتضحياتهم طيلة عقود.
المتحدث باسم كتائب حزب الله العراق محمد محيي رأى أن «صفقة ترامب المشؤومة تعبّر عن وقاحة الإدارة الأميركية»، وقال «إننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسنساعد الشعب الفلسطيني على عكس بعض الأنظمة العربية».
وفي تركيا، تجمّع المئات من المحتجين أمام السفارة والقنصلية الأميركيتين في أنقرة وإسطنبول رفضاً لـ «صفقة القرن» التي أعلنها ترامب.
مئات المحتجين ردّدوا شعارات مناهضة للرئيس الأميركي ولـ «صفقة القرن» وسط إجراءات أمنية مشددة.
مقر السفارة الأميركية في العاصمة الأردنية عمان شهد أيضاً مسيرة احتجاج ضدّ ما يُسمّى «صفقة القرن»، حيث شارك العديد من المواطنين والبرلمانيين والأحزاب الإسلامية واليسارية للمطالبة بإسقاط الصفقة.
حزب التيار الشعبي في تونس دعا أيضاً إلى تجذير المقاومة وتصعيدها في مواجهة الصفقات المشبوهة، معتبراً أن الصفقة هي اعتداء جديد على الشعب الفلسطيني والأمة العربية، مديناً ضلوع بعض الأنظمة العربية في مساعي تثبيت الاستيطان وتأييد الصفقة.
الحزب، وفي بيان ٍله، دعا الى تجذير المقاومة وتصعيدها في مواجهة الصفقات المشبوهة، مؤكداً شرعية سلاح المقاومة بوصفه خياراً استراتيجياً لتحرير كلّ الأراضي الفلسطينية.
كما استنكر بيان لرابطة «برلمانيون لأجل القدس» في الجزائر إعلان الرئيس الأميركي «صفقة القرن».
بدورها، أطلقت حركة مجتمع السلم في الجزائر حملة شعبية وعلى مواقع التواصل باسم «تسقط صفقة القرن.. القدس عاصمة أبدية لفلسطين».
ردود عربيّة إقليميّة ودوليّة
تباينت الردود العربية والدولية من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الثلاثاء بنود خطته لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن»، في مؤتمر صحافي عقده بالبيت الأبيض إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
وانقسمت المواقف من «صفقة القرن» بين مؤيّد وداعم لها باعتبارها نقطة انطلاق جديدة للمفاوضات، وأخرى مؤكّدة على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها شرقي القدس، وثالثة قالت إنّها «ستدرس» الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية.
المواقف العربية
وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول التي أعلنت تأييدها وترحيبها بالخطة الأميركية.
ونشر الحساب الرسمي للسفارة الإماراتيّة بالولايات المتحدة بيانًا عن السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة قال فيه إنّ «دولة الإمارات تقدّر الجهود الأميركيّة المستمرّة للتوصل إلى اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي. هذه الخطة هي مبادرة جادّة تتناول العديد من المشاكل التي برزت خلال السنوات الماضية».
من جانبها، قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان صحافي إنّ المملكة تقدر الجهود التي تقوم بها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتطوير خطة شاملة للتسوية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأعلنت أنّ المملكة تشجّع على «بدء مفاوضات مباشرة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية ومعالجة أي خلافات حول أي من جوانب الخطة من خلال المفاوضات».
بدورها، أعلنت جمهورية مصر العربية تقديرها للجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية «من أجل التوصُل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهِم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، ويُنهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي».
وتابعت «تدعو مصر الطرفين المعنيين بالدراسة المتأنية للرؤية الأميركية لتحقيق السلام، والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أميركية، لطرح رؤية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها، من أجل التوصل إلى اتفاق يلبي تطلعات وآمال الشعبين في تحقيق السلام الشامل والعادل فيما بينهما، ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».
من جهتها، أكّدت المملكة الأردنية أن «حل الدولتين الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، خاصة حقه في الحرية والدولة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب «إسرائيل» وفق المرجعيات المعتمدة وقرارات الشرعية الدولية، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم».
وقال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في بيان صحافي إن القضية الفلسطينية كانت وستبقى القضية العربية المركزية الأولى، موضحًا أنّ الأردن سينسق مع الأشقاء في فلسطين والدول العربية الأخرى للتعامل مع المرحلة المقبلة في إطار الإجماع العربي.
أمّا دولة قطر فرحّبت «بجميع الجهود الرامية إلى تحقيق السلام العادل والمستدام في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وأعربت قطر– بحسب ما نشرت صحيفة «الراية» القطرية – عن تقديرها لمساعي الإدارة الأميركية الحالية لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي «طالما كان ذلك في إطار الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
من جانبه، انتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط «الأسلوب الأحادي» الذي يتم من خلاله فرض خطة التسوية الأميركية.
وأضاف أبو الغيط في بيان صحافي بأنّ الموقف الفلسطيني من خطة التسوية الأميركية للشرق الأوسط «سيمثل العامل الحاسم في بلورة الموقف العربي إزاءها».
مواقف إقليميّة
إقليميًا، أعلنت تركيا رفضها لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ»صفقة القرن»، ووصفتها بمحاولة لسرقة الأراضي الفلسطينية والقضاء على احتمالات إقامة دولة فلسطينيّة إلى جانب «إسرائيل».
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان صحافي، إنّ خطة ترامب تهدف إلى القضاء على حل الدولتين وسرقة الأراضي الفلسطينية.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط والمعروفة باسم «صفقة القرن» ستكون «كابوسًا ليس فقط للمنطقة بل وللعالم».
وقال ظريف في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع «تويتر»: «ما يُسمّى برؤية السلام مجرد مشروع أضغاث أحلام لمطوّر عقاري مفلس، إلا أنّها كابوس ليس فقط للمنطقة، بل وللعالم».
مواقف دولية
دوليًا، أعلنت روسيا أنّها «ستدرس» خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، موضحة أنّها تنتظر أيضًا «ردود فعل الأطراف الأخرى».
وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف إنّ «المهم هو موقف فلسطين وباقي الدول العربية من الخطة».
أمّا المملكة المتحدة، فأعلنت أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بحث مع ترامب خلال اتصال هاتفي «صفقة القرن».
وذكر بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء البريطانية، أنّ «الاقتراح الأميركي يمكن أن يكون خطوة إيجابية للأمام».
بدورها، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنّ الخطة الأميركية «تثير أسئلة، وتنوي برلين مناقشتها مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي».
أمّا الاتحاد الأوروبي فأعلن التزامه الكامل بالتفاوض لإيجاد تسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين «على أساس مقترح حل الدولتين».
بدورها، أعلنت الأمم المتحدة أنّها ستظل «ملتزمة بمساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على حل الصراع على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية».
وأضاف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان إنّ «منظمته تتمسك بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الثنائية حول إقامة دولتين فلسطين واسرائيل، تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدود معترف بها على أساس حدود عام 1967».