لمن يعنيهم الأمر… فلسطين لن تباع في مزادكم العلني
} علي بدر الدين
خرجت صفقة القرن الأميركية الصهيونية المدعومة من بعض العرب أصالة أو بالوكالة سراً وعلانية وعلى مرأى ومسمع من العالم ومنظماته الأهلية والرسمية الذين رحّبوا فيها وتبنّوها كرمى لعيون أميركا ولمصلحة الكيان الصهيوني التي تدعمه سياسياً وأمنياً واقتصادياً وفيتوات تحول دون إدانته على اغتصابه لفلسطين وإرهابه وجرائمه ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني القانونية والشرعية ومقدساته وتشريده… حتى وصل بهم الأمر الى إزالة اسم فلسطين عن الخارطة الدولية واستبدلوه بما يسمّى دولة «إسرائيل» هذا الكيان الغاصب.
أراد الرئيس الأميركي بإعلان هذه الصفقه في حضور رئيس حكومة العدو وممثلين عن بعض أمراء العرب اللعب على المكشوف وتوجيه الرسائل بكلّ إتجاه وبوقاحة سافرة إعلان الحرب على فلسطين وشعبها والمحور العربي الإسلامي الدولي الذي يدعم حقها وقضيتها العادلة وهو يدرك سلفاً انّ العرب غائبون ولا أهمية لوجودهم وقد تآكلتهم الصراعات الداخلية والحروب الخارجية، وقد جرّبهم عندما تبنّى نقل سفارة بلاده الى القدس وعندما اعترف فيها كعاصمة للكيان الصهيوني ولدى مجاهرته باستمرار دعمه لهذا الكيان بالسلاح والمال والسياسة ولم يسمع منهم سوى الصمت الذي هو علامة القبول، وإذا تجرأوا ورفعوا سقفهم السياسي واصدروا أطناناً من بيانات الإدانة والشجب والاستنكار كرفع عتب لأنه مجرد بالونات هوائية تذهب هباء، وقد قرّر تسويق صفقته بصلف وتجبر وأسلوب هزلي وهو يتبادل الابتسامات الصفراء والتصفيق مع نتنياهو، قرّر إبلاغ الملأ وكل من يعنيهم الأمر في الدول العربية والإسلامية وللفلسطنين تحديداً انّ صفقته هي رسالة سلام الى الجميع ولها ثمن مادي وتحميل هؤلاء مسؤولية فشل كلّ مبادرات السلام بادّعاء وتزوير للحقائق بهدف تبرئة الكيان الصهيوني والقول انه تجاوب مع كلّ هذه المبادرات وانه هو صاحب الحق والضحية وكأنّ حقوقه مغتصبة وليس حقوق الشعب الفلسطيني.
إنّ توقيت إعلان الصفقة مخطط له ومقصود لأنّ الإدارة الأميركيه ومحور الشر نجحوا في إدخال العرب في الصراعات والحروب والفتن الطائفية والمذهبية وإفقار الشعوب وتجويعها حتى نخرها الوهن وأنهكها الجوع وأصبحت عاجزة حتى عن لملمة أشلاء الداخل، وفقدت القدرة على ايّ مواجهه للدفاع عن حقوقها بفعل تآمر الأنظمة والحكام وارتهانهم للمتوحش الأميركي الصهيوني، ما دفع أميركا والكيان الصهيوني الى تسويق هذه الصفقة مردّه الى عدم توقع ايّ ردة فعل تكون على مستوى هذا الخطر الذي يتهدّد الدول العربية والإسلامية لأنّ أكثر ما يمكن فعله هو المزيد من التصريحات والمواقف المستنكرة والشاجبة وإطلاق الدعوات الى وحدة الصف الفلسطيني والعربي والإسلامي من دون ان نشهد هذه الوحدة منذ السطو على فلسطين من هولاء الحكام.
هل يكون لهذه الصفقة مفعول السحر وتشكل للأنظمة والحكام العرب الغارقون في سبات وغيبوبة دائمين وهل تحدث الصدمة الإيجابية المطلوبة التي تنشلهم من حال الانقسام والضياع والهروب من المسؤولية وتحفزهم على الخروج من نفق الاستسلام والتبعية وتقديم التضحيات على مذبح فلسطين وقضيتها المركزية ومقدساتها التي تستحق أن يقدّم من أـجلها الأرواح والدماء الزكية، أم أنهم مواظبون على الطاعة العمياء للأميركي والاستسلام لقدرهم وعجزعم واستسهال حياتهم من دون أوطان حرة وكرامات، وهل يبقى العرب والمسلمون تائهين غارقين في ملذاتهم متسمّرين على كراسيهم وعروشهم التي ستتحوّل بإرادة الشعوب الى وبال عليهم، وكيف يرتضون لأنفسهم ان يظلوا عبيداً صغاراً ومرتهنين وخائفين وفلسطين تضيع أمام أعينهم وشعبها يتشرّد في بلاد الله الواسعة ومشروع توطينه قد يتحوّل الى أمر واقع وقد خلت الصفقة من حق العودة الى وطنه، ويجب أن يعرفوا انه أُكِل الثور الابيض يوم أُكِل الثور الأسود وأنّ العروش ستنهار إذا ما بعتم فلسطين.
لكن الرهان يبقى على أحرار هذه الأمه ومقاوميها والداعمين لهم الذين لن يتخلوا عن فلسطين وسيقدّمون الغالي والنفيس لإسقاط هذه الصفقة اللعنة ومن أجل تحرير فلسطين العصية على الاحتلال لتعود حرة أبية.