السندات الدولاريّة تقفز وطمأنة مصرفيّة لا HAIRCUT ولا خوف على الودائع
قفزت السندات الدولاريّة السياديّة للبنان أمس، وسجّل بعضها أكبر زيادة ليوم واحد منذ أوائل كانون الأول، وسط آمال متزايدة بين المستثمرين لخطة لمكافحة أسوأ أزمة اقتصاديّة تضرب البلاد في عقود”.
وقال نافذ صاووك كبير الخبراء الاقتصاديين ومحلل الأسواق الناشئة في أوكسفورد ايكنوميكس: “إن معنويات السوق تلقت دفعة بعد اجتماعات أمس، بين وزراء ومسؤولين مصرفيين لمناقشة سبل تخفيف الأزمة”.
وأضاف في تعقيب بالبريد الالكتروني: “المناخ العام مطمئن، لأن الجميع يحاولون ارسال إشارات ايجابيّة توحي بأننا لسنا بعد على حافة الأزمة وأنه ما زال لدينا وقت. أظنّ أن الأسواق تعتبر أن ذلك يعني أن الإصدار المستحق في آذار سيجري سداده”.
وأعلن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي أن لبنان لم يطلب خطة مساعدة ماليّة من المؤسسة النقدية. وقال جيري رايس خلال مؤتمر صحافي: “لم تقدّم الحكومة اللبنانية طلباً للحصول على مساعدة مالية”.
وأضاف “لكننا نقدم مساعدة تقنية” موضحاً أن الأمر يتعلق مثلاً بتقديم استشارات في مجال الخبرات الاقتصادية ودعم المؤسسات. وتابع “لكنني أريد التمييز بين الأمرين”.
إلى ذلك، وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت – مبنى الشحن، طرود من الخارج تحتوي على كميات من العملة الوطنية اللبنانية، وذلك على متن طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، وقد تسلّمها مصرف لبنان.
وشدد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أن “سعر صرف الليرة الرسمي سيبقى كما هو لمصلحة لبنان واللبنانيين”.
وأوضح أن “الأزمة أتت نتيجة تراكمات بدأت بالحرب السورية منذ الـ2011”.
وذكّر سلامة في حديث لقناة “France 24”، أنه “في تشرين 2017 استقال سعد الحريري من رئاسة الحكومة من السعودية، وهذا كان تاريخًا أساسيًا في التأثير على حركة الأموال، وبدأت الفوائد بالارتفاع، تَبِعت ذلك أزمات سياسية امتدت لسنوات، بالإضافة الى الفراغ الرئاسي والتأخر في تشكيل الحكومات، وبعد الانتخابات النيابية 2018 شهدنا فراغًا لـ9 أشهر في الحكومة التي كنا ننتظر تشكيلها من أجل الإصلاحات والاستفادة من سيدر”. وأضاف، “كل ذلك بالإضافة الى الحملات المبرمجة منذ الـ2015 الى اليوم التي استهدفت القطاع المصرفي والليرة اللبنانية”.
واستغرب “الكلام السلبيّ اليوميّ لتخويف الناس وبالأخص تصاعد وتيرة الكلام في عطلة نهاية الأسبوع، وكأنَّ هناك منهجًا متَّبعًا خلفه أهدافٌ سياسيةٌ محليةٌ أو إقليميّةٌ وأشخاصٌ يعتقدونَ أّنهم يريدونَ نظامًا مختلفًا”.
ولفت سلامة الى أن “مصرف لبنان أعلن بعدما فتحت المصارف بعد 17 تشرين الأول، أنَّ أي مصرف لن يُفلس لذلك المودع لن يخسر ودائعه وهي تستخدم بالعملة التي يريدها الزبون، لكن التحاويل أصبحت صعبة على الأفراد والمؤسسات. لكننا برهنا جدية سياستنا بعدم إفلاس أي مصرف”، مبيناً أنه “لا يمكن تحويل من عملة الى أخرى الا بموجب قانون، وأنا لا أدعم ولا أطالب بقانون كهذا ولا أحبذ الكلام عن haircut “.
وعن اختلاف سعر صرف الليرة في سوق الصيارفة، أشار سلامة الى أن “السعر اختلف لأن المصارف أمام ضغط السحوبات النقدية لم تعد لديها قدرة على تلبية الطلب التجاري في البلد، لذلك ارتدوا إلى الصيارفة وهذا السوق ليس منظماً من مصرف لبنان”، مشدداً على أن “الفروق التي حصلت نعتبرها مؤقتة لحين تصبح الأجواء أفضل ويعود سوق الصيارفة يندرج تدريجياً ليصبح قريباً من سعر الصرف الرسمي”.
وجزم أنه “لا يوجد haircut لا الآن ولا لاحقًا، وبعد 17 تشرين الأموال التي دخلت هي حرة في تحويلها الى الخارج”.
وعن كيفية حلّ الأزمة، قال: “نحن اليوم في منطقة الأوضاع فيها صعبة، نهاية هذه الأزمة لها جانب سياسي لا علاقة لي به، وجانب دعم من المجتمع الدولي لإدخال سيولة الى البلد مما يعطي ثقة والسيولة الموجودة في المنازل والمتاجر تعود الى المصارف، وبالتالي لبنان سيبدأ بالتحرّك كما بدأ تاريخياً بممارسة عملية الصيرفة بكل حرية”.
أما رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير طمأن إلى أن “لا خوف على الودائع في المصارف اللبنانية”، مؤكداً أن “سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانيّة ما زال محافظاً على مستواه، كما أن سوق الصيرفة لا تمثل سوى ستة إلى سبعة في المئة من سوق النقد”.
وأوضح أن “الإجراءات التي اتخذتها المصارف بُعيد 17 تشرين الأول المنصرم، هي موقتة وتدابير استثنائية لإدارة الأزمة الطارئة، والأمور ستعود إلى طبيعتها قريباً مع بدء انطلاقة الحكومة الجديدة، حيث لمست جديّة من رئيسها حسان دياب في إعطاء الأولوية للإصلاحات التي يتعطش اللبنانيون إلى تحقيقها كممرّ إلزامي لإنقاذ البلاد”.
وشدّد صفير خلال لقائه نقيب محرّري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي وأعضاء مكتب مجلس النقابة نافذ قواصّ وجورج شاهين وعلي يوسف، على وجوب أن يميّز اللبنانيون بين أدوار المعنييّن بهذه الأزمة: الحكومة، مصرف لبنان والمصارف.
وأشار إلى أن “التنسيق القائم بين حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف مستمرّ، وهو ضروري في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمّر به لبنان”.
وقال “بعد تشكيل الحكومة الجديدة، يجب أن يكون التفكير اليوم، مختلفاً عمّا كان عليه قبل ثلاثة أشهر. ونحن أمام مرحلة جديدة، وينبغي أن يبدأ البحث عن سياسة واضحة وفاعلة لتنشيط القطاعات الإنتاجيّة وفي مقدّمها الصناعة الوطنية”.