ملعون أبوها حمامة السلام
} جمال محسن العفلق
لقد تآمر دعاة السلام المزعومين على سورية وعلى المقاومة في لبنان وعلى إيران وعلى كلّ من قال لا بوجه الغطرسة الصهيونية ليصلوا الى هذا المشروع المسخ بجريمة إبادة موّلها العرب وكتبها الصهاينة وأعلنها ترامب، مئة وثمانين مليار دولار فقط لتدمير سورية، إلغاء الاتفاق النووي مع إيران ومعاداة دول الخليج لها وحصارها، الحرب على اليمن وإبادة أطفاله وتقسيمة، دعم الحرب في ليبيا وتقسيمها… ونتيجة لكلّ هذا الخراب والتخريب خرج علينا ترامب بجريمة لم يكتب التاريخ مثلها اسمها “صفقة القرن” صنعها تجار وسماسرة وذيول أميركا و”إسرائيل” في المنطقة فصفقوا بأمر من سيدهم في البيت الأبيض متجاهلين نهر الدماء التي نزفت من أجل الحرية والحق وضاربين بعرض الحائط كلّ القيم الأخلاقية والدينية. جريمة أقلّ ما يُقال عنها إنها عملية إبادة كاملة لتاريخ وجغرافيا وبشر، حتى المحرقة المزعومة بكلّ أوصافها وقصصها التي نُسجت عنها لا تشبه بشاعة ما أعلنه ترامب النخاس…! والأسوأ ردود من يدّعون أنهم عرب وانهم حماة الإسلام والمقدّسات.
فما أعلنة الرئيس الأميركي في احتفاليته وأمامه كورس التصفيق الصهيوني يكفي لقول لا وألف لا لهذا الهراء وهذا الإجرام، ورفض الاطلاع عليها أو دراستها، فالهدف المختصر منها في كلمات محددة (إبادة الشعب الفلسطيني وإلغاء حق العودة وتدمير المنطقة بالكامل)، فالقضية لن تتوقف عند إعلان الدولة اليهودية وحسب بل ستتجاوز ذلك بكثير لأنّ الخطوة التالية ستكون حروباً جديدة هدفها إعلان دولة سنية هنا وأخرى شيعية هناك وثالثة مارونية ودرزية وكردية… وحدّث ولا حرج لأنّ المنطقة أصلاً تحتوي على فسيفساء متنوّعة لن تقبل الصهيونية بوجودها متعايشة إنما ستعمل وبدعم أميركي وبمساعدة الرجعية العربية الجديدة على إثارة هذه المجموعات لخلق دويلات صغيرة تكون بخدمة الكيان الصهيوني وتفني بعضها البعض.
فمنذ اتفاق (كامب ديفيد) الذي وقعة السادات وما تبعه من مفاوضات ومؤتمرات عن السلام المزعوم لم ينتج إلا توسع صهيوني على حساب الشعب الفلسطيني، وما تمسك العرب بكلمة نحن مع السلام العادل والشامل وبرعاية أميركية إلا خضوعاً وهزيمة والتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني لا يخدم القضية الفلسطينية بل يخدم مصالح الصهيونية، فالكيان الغاصب لا يمكن أن يعيش على السلام لأنه تأسّس أصلاً على مبدأ القتل والإبادة والمجازر الصهيونية التي ما زالت في الذاكرة ولم يمرّ الوقت الكافي لنسيانها إذا كان لا بدّ من نسيانها فحجة السلام هي شماعة تمّ تعليق الشعوب العربية عليها وجلدها ليل نهار، ولم نعد بحاجة لوثائق مسرّبة لنعرف من يدعم الكيان الصهيوني ومن يموّله ومن يقاومه، فكلّ شيء أصبح في العلن اليوم وفد ترسله السعودية ليصلّي على ضحايا المحرقة المزعومة، وعاصمة أخرى تستقبل وزير سياحة صهيوني حتى وصل الأمر لمغازلة “إسرائيل” وإعلان التحالف العسكري معها ضدّ إيران. وبعد كلّ هذا تخرج علينا داعش ببيان يهدّد الكيان الصهيوني والمطلوب منا ان نصدّق انّ الإرهاب يمكن ان يتحوّل الى مقاومة وهذا البيان المزعوم والمكتوب في غرف الموساد الصهيوني هدفه نشر بدعة جديدة تقول انّ من سيقاوم صفقة القرن هم أنفسهم الإرهابيون الذين قتلوا ونهبوا وسرقوا كلّ شيء في سورية والعراق، صوره جديده تريد “إسرائيل” رسمها في عقول العالم لتجعل المقاومة إرهاباً ولتصنّف من يقاوم على أنه داعشي، وطبعاً لم تقصّر المحطات العربية العميلة بالترويج لهذا البيان.
انّ حمامة السلام التي أعمت عيوننا لم يعد لها جدوى اليوم، والمطلوب منا الوقوف خلف المقاومة ودعمها لا بل الالتحاق بها، فالقضية ليست شأناً فلسطينياً داخلياً كما يروّج البعض لأنّ فلسطين ليست جغرافيا محدّدة بمساحات مرسومة، فلسطين هي قضية أمة ومنطقة بالكامل واذا مرت صفقة القرن او حتى تم نقاشها هذا يعني مئة عام أخرى من الذل والقهر والاستعباد، مئة عام أخرى ستعمل فيها الصهيونية على إبادة من تبقى من شعوب المنطقة ونهب خيراتها وتقسيمها وتفتيتها، فشطب القدس سيليه بيروت ودمشق وبغداد وعمّان ومن ثم سيكون دور الدويلات العميلة التي ستشطب من الوجود، وهذا ما تعمل عليه الحركة الصهيونية وتنفذه بمال عربي وذراعها الإرهابي المتمثل بداعش والنصرة ومن قبلهما القاعدة.
ونحن هنا لا نخوّن أحداً بل نسمّي الأشياء بأسمائها لأننا مللنا الخطابات ومقرّرات الجامعة العربية وتصريحات الدول التي تدّعي انها ضدّ “إسرائيل”، فيما حقيقة الأمر انها تعمل ليل نهار وتنسّق مع الكيان الصهيوني وتتآمر علينا وتموّل الإرهاب لقتلنا.
وبعد كلّ هذا صار من حقنا ان نقول: ملعون أبوها حمامة السلام، ومعها مَن يريدنا ان نعيش بوهم أنها ستعطينا الخير والأمان والسلام…