الكيان «الإسرائيلي» وعنصريّة الممارسات… المراوح الهوائيّة والجولانيّون
ربى يوسف شاهين
«نحن جماهير الجولان السوري المحتلّ نعلن رفضنا التامّ وإدانتنا المطلقة لقرار حكومة العدو الصهيوني المحتلّ بالمصادقة على إقامة مزارع التوربينات الهوائية على أراضينا الزراعية، ونؤكد عبر هذا البيان الصادر عن اجتماع جماهيري عام لسكان الجولان في مقام أبي ذر الغفاري عن تمسّكنا بأرض الآباء والأجداد وبهويتنا العربية السورية، واعتبار هذا القرار عدواناً جائراً ضدّنا وإعلان حرب بحقنا للنيل من أرضنا وتهجيرنا وسلب أراضينا الخاصة والموروثة عبر الزمن».
هذا البيان الذي أطلقه أهلنا في الجولان السوري المحتلّ، لمناهضة مشروع المراوح الهوائية، والتي تعتزم دولة الكيان البدء به.
الجولانيّون نظموا أنفسهم لمواجهة المشروع الإسرائيلي، والذوْد عن مُقدرات الجولانيين، لما لهذا المشروع من أهداف تخريبية، تطال السوريين في الجولان.
«إسرائيل» التي تعتبر مشروع إنتاج الكهرباء من الرياح هدفاً استراتيجياً من الدرجة الأولى، وهو يؤمّن لها أرباحاً هائلة، وفي جانب آخر تحاول «إسرائيل» فرض نفسها وقراراتها في الجولان، وذلك باستغلال مواقعه المهمة لأهداف استراتيجية. هذه المرة أعلنت أنّ مشروعها لاستخراج الطاقة الكهربائية من الجولان سينطلق عبر نصب مزيد من التوربينات الهوائية (المراوح)، الذي تعتبره الحكومة الإسرائيلية مشروعاً استراتيجياً من الدرجة الأولى.
مرات كثيرة أعلن خلالها الجولانيون، رفضهم للمشروع العنصري، ليطلقوا صرخاتهم في وجه المُحتلّ الغاصب، خاصة بعدما تبيّنوا أنّ الكيان الغاصب مُصرّ على تنفيذ هذا المشروع، وقضم الأراضي التي تُستثمر من قبل الأهالي. فالمرحلة الأولى التي تعتزم «إسرائيل» القيام بها، هي مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي، التي يملكها الجولانيّون ويعتاشون منها، لتُنصب فيها هذه المراوح.
ويستهدف هذا المشروع تركيب 52 مروحة عملاقة بين القرى المحتلة المأهولة بالسكان، وذلك بهدف توليد الطاقة الكهربائية، فقد أكدت مصادر أهلية، أنّ سرعة كلّ مروحة تؤمّن 3 ميغاوات في الساعة، أيّ 3000 كيلوات وتكفي لـ 1500 بيت، علماً أنّ عدد البيوت في قرى الجولان لا يتجاوز الـ 5000، أيّ أنّ خمس مراوح تكفي لتأمين الكهرباء لبيوت هذه المنطقة. لكن وفق مساحة الأراضي المرتفعة في الجولان، وهي أراضٍ زراعية، ووفق المعايير الدولية في بناء المراوح والمسافات بينها وبُعدها عن البيوت السكنية، يمكن نصب 90 مروحة.
وقد اختارت «إسرائيل» الجولان لكون سرعة الرياح فيه وكميته هما الأعلى في المناطق التي تحتلها. وقد اهتمّ الخبراء في الجولان بتوعية السكان على تفاصيل هذه المراوح ومدى خطورتها على مستقبل الجولان وملكيته، خاصة أنّ أراضي الجولان المُحتلّ تُعتبر «أراضي زراعية»، وفقاً للمعايير الدولية، إلا أنّ حكومة الاحتلال قرّرت الاستيلاء على هذه الأراضي بحجة أنّ سرعة الرياح وكميتها، في الجولان المحتلّ هي الأعلى من بين الأراضي التي تحتلها.
ويستمرّ مسلسل العنصرية الإسرائيلية، فقد حدّدت سلطة الكهرباء الإسرائيلية مبلغاً لكلّ كيلوات تنتجه المراوح، وبموجبه فإنّ إنتاج المروحة الواحدة وبسرعة الرياح الموجودة يصل إلى 3 ملايين شيكل سنوياً، وبعد دفع تكاليف الصيانة والتأمين وإيجار الأرض والشوارع، تتراوح الأرباح بين 2 و2.5 مليون شيكل لكلّ مروحة. وقد أعلن الكيان الاسرائيلي أنه حدّد هدفاً لإنتاج 10 في المئة من طاقة «إسرائيل» من مصادر متجدّدة، وبأنه منح تراخيص لتوليد 200 ميغاوات من الكهرباء. أما بقية قطاع الطاقة فسيستخدم الغاز الطبيعي المستخرج من حقول بحرية جديدة وواردات الفحم.
ولمواجهة هذا المشروع بأبعاده العنصرية، قام الجولانيون بتنظيم أنفسهم لمواجهته، وأطلقوا على أنفسهم اسم «التحرك الشعبي دفاعاً عن الأرض».
في البداية، سعوا إلى توعية السكان حول المشروع ومخاطره وعقدوا اجتماعات عدة لمناقشته وأجمعوا على رفضه والتصدّي له، من دون تردّد في كلّ مرة يحاول فيها الكيان الغاصب البدء بمشروعه الإجرامي، وكانت مشاركة الشباب والشابات الواسعة لافتة، خصوصاً أنهم لعبوا دوراً كبيراً في تعميم الوعي وتنشيط النقاش في الحيّز العام في بلدات الجولان المحتلّ، عموماً، والمناطق التي يستهدفها المشروع خصوصاً.
في المُحصلة، فإنّ لسان حال السوريين في الجولان، يُصرّ على الاستمرار في مواجهة هذا الكيان ومشاريعه، خاصة أنّ مشروع المراوح هو حلقة من ضمن مشاريع استثمار الموارد الطبيعية لأرض الجولان والاستفادة منها لخدمة مشاريع الاحتلال، على حساب أهالي الجولان السوري ومقدراتهم.
وكما قال الدكتور بشار الجعفري:
«الجولان أرض سورية ستعود شاءت «إسرائيل» أم أبت وسواء حمتها أميركا أم لا».