ـ ما كشفه النائب العام التمييزي حول نتائج التحقيق في ملف تحويل أموال إلى الخارج خلال فترة حظر التحويلات التي فرضتها المصارف على زبائنها، منح المصداقية للتسريبات التي اتهمها كثيرون في وقتها بالتلفيق والفبركة، وأصاب الطريقة الاستعلائية لمصرف لبنان في الإيحاء بأنّ كلّ شيء يتمّ وفقاً للقانون وهو تحت السيطرة، بعدما ثبت أنه لولا هذه الإثارة لما كان مصرف لبنان ليقوم بالتحقيقات التي أظهرت صحة الخبر.
ـ ما كشفه النائب العام عن الرقم الذي يقارب ثلاثة مليارات دولار تمّ تحويلها إلى مصارف سويسرية حصراً خطير جداً رغم ما ورد في بيان النائب العام من إضافات، سواء حول أنّ نسبة كبيرة من التحويلات تمّت لأغراض ائتمانية أو لجهة طلبه التحقيق فيما إذا كان وراء التحويلات عمليات تبييض أموال، لأنّ القضية لم تتمّ إثارتها بالأصل تحت عنوان ما إذا كانت التحويلات تمّت لأغراض مبرّرة مصرفياً ولا حول ما إذا كانت الأموال المحوّلة قد جاءت من مصادر مشروعة أو شرعية.
ـ أثار اللبنانييون الأمر لأنّ هناك أسباباً لطلبات تحويل أخرى أشدّ شرعية ومشروعية ومصادر أشدّ وضوحاً في شرعيتها ومشروعيتها لأموال أخرى وبمبالغ أقلّ بكثير قد تمّ منعها بداعي الإجراءات الإستثنائية المعتمدة من المصارف وبسبب الظروف الإستثنائية التي تعيشها الأوضاع المالية للبلد، والسؤال الذي يريد اللبنانيون جواباً عليه هو في مكان آخر غير الوجهة التي طرحها بيان النائب العام.
ـ يريد اللبنانيون جواباً عما إذا كانت هذه التحويلات التي حظيت بالإستثناء من الإجراءات التي طبّقت على سواها تملك أسباباً فوق العادة قياساً بسواها، ومن هي الجهة التي قدّرت ذلك، ووفق أيّ معايير، وهل أنّ حدوث هذه المحاباة وهذا التمييز في النظام المصرفي كمرفق عام قامت إداراته بمخالفة القانون عبر التحكم بأموال المودعين لكنها استثنت منه مودعين استنساباً، يشكلان جرماً جزائياً بالاحتيال عندما يتمّ خرق هذه الإجراءات لحساب أشخاص دون سواهم، وهل كان مصرف لبنان على علم وما هي حدود شراكته بالمسؤولية إنْ علم، وما هو حال التسيّب الذي يحكم النظام المصرفي وحال الاستنتساب التي يقع تحت تأثيرها بما يسمح بتوصيفه بالحدّ الأدنى بالنظام الفاسد، ويطرح السؤال عن سلامة القطاع برمّته، ويستدعي فتح تحقيق في ملف يقدّم عينة عن تلازم الفسادين السياسي والمصرفي؟