اليمن يستعيد وهج الهجمات… وروسيا تحتوي التصعيد التركيّ… والجيش السوريّ يتقدّم حملة على الحكومة بعد بند النازحين في بيانها… وحزب الله يدافع علي وسعد وقماطي: ترابط الحرب على سورية وصفقة القرن… ومحور المقاومة ينتصر
كتب المحرّر السياسيّ
على إيقاع الانتفاضة والمقاومة في فلسطين رفض لصفقة القرن، التي يسمّيها الفلسطينيون بصفقة السنة، إيذاناً بإسقاطها قبل نهاية سنة على ولادتها، تتدحرج شوارع عربية تتناوب على حمل علم فلسطين، وكان أمس للسودان وتظاهرات الاحتجاج على لقاء أوغندا الذي جمع الفريق عبد الوهاب البرهان رئيس مجلس السيادة برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث خرج الناشطون بعد صلاة الجمعة في شوارع الخرطوم للتنديد باللقاء وبالصفقة، بينما كان أول أمس يوماً لتونس بامتياز حيث شهدت ساحة الحبيب بورقيبة والشوارع المتفرّعة منها حشوداً ضمت قادة ونخباً تؤكد الوقوف مع الشعب الفلسطيني، بينما عقد في السفارة السورية في لبنان لقاء تضامني جمع الوقوف مع الشعب الفلسطيني إلى التضامن مع سورية في الحرب على الإرهاب، انطلاقا من التأكيد على ترابط المواجهة بين العنوانين، وهو ما تركّزت عليه كلمة السفير السوري علي عبد الكريم علي، الذي أكد مضي سورية في معركتها ولفت إلى “اقتران مواجهة “صفقة القرن” ودعم سورية للنهوض بكلّ قضايا الأمة في مواجهة الإرهابين الصهيوني والتكفيري اللذين كلاهما وجه للآخر”. وركّز على أنّ “سورية بقيت على الدوام ترى في القضية الفلسطينية محورًا لنضالها وصمودها وبنائها الوطني”. بينما قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد إنّ “سبب الحرب الإرهابيّة الكونيّة على سورية هو وقوفها سدًّا منيعًا في مواجهة مخطّط تصفية المسألة الفلسطينية”. وتحدث في اللقاء نائب رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” الوزير السابق محمود قماطي، فقال إنّ “محور المقاومة يحقّق الانتصارات في سورية واليمن والعراق ولبنان، وإنّ “قيادة هذا المحور ثابتة وصلبة وواعية وهي تعلم ماذا تفعل على طريق تحقيق أهدافها”.
في اليمن تطوّرات نوعية واستثنائية شغلت الأوساط الإعلامية والأمنية في عواصم الغرب والخليج بعد انهيار ما يعادل نصف وحدات الجيش الذي تمّ بناؤه وتسليحه لحساب الرئيس منصور هادي، أمام هجمات أنصار الله في منطقة نهم وتوغلها في محافظتي الجوف ومأرب، ونجاحها بتحرير قرابة 2500 كيلومتر مربع، ووضع اليد على قرابة ألف آلية عسكريّة متنوّعة، وأسر وجرح وقتل أكثر من ثلاثة آلاف عسكري من وحدات هادي. والتطور اليمني لا ينفصل عن نجاحات وانتصارات محور المقاومة خصوصاً ما يحققه الجيش السوري على جبهة الشمال، حيث بلغ ليل أمس التلال الاستراتيجية المعروفة بتلال العيس، بعدما حرّر عشرات البلدات والقرى في ريفي إدلب وحلب، وبالتوازي كانت كل من موسكو وأنقرة تعلنان احتواء الأزمة التي نجمت عن الاشتباكات التي خاضها الجيش السوري بوجه التوغل التركي في الأراضي السورية، وحيث عاد الحديث عن تنسيق روسي تركي ينطلق كلام روسي عن التحضير للقاءات سورية تركية تحت عنوان اتفاق أضنة الذي يؤكد السيادة السورية ويقدّم ضمانات للأمن التركي.
في مناخ إقليمي عاصف ومتقلّب كالطقس الذي يخيم على لبنان، تتحرك حكومة الرئيس حسان دياب نحو جلسة الثقة، بعدما فاجأتها نيران متعدّدة المصادر بتناول نقاط مختلفة من البيان الوزاري لنعتها بالفشل والسقوط. وهو ما ربطت مصادر متابعة بينه وبين إضافة بند خاص عن عودة النازحين إلى البيان الوزاري تخشى عواصم إقليمية من أن يكون تمهيداً لعلاقات ولقاءات رئاسية مباشرة بين لبنان وسورية، تسبق المصالحات الخليجية الرسمية مع سورية. وقالت المصادر إنه بالرغم من بدء عواصم الخليج، خصوصاً الرياض وأبوظبي خطوات تقرّب من دمشق، فإن العقل الخليجي يتعامل مع لبنان بمعادلة الاستبباع فلا يريد للحكومة اللبنانية خطوات لا تشكل امتداداً للخطوات الخليجية العلنية والرسمية. وقالت المصادر إن الخليجيين وجماعاتهم في لبنان من كل الطوائف وفي العديد من الأحزاب والكتل النيابية يكرّرون مع الرئيس حسان دياب ما فعلوه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي جمّد زيارته لدمشق لثلاث سنوات وزار عواصم الخليج مقابل وعود بتحمّل أعباء مالية لمساعدة لبنان، لكن شيئاً لم يحدث، وبقيت الملفات التي يمكن معالجتها مع سورية عالقة وكلها خير للبنان، ليس في ملف النازحين فقط، بل في ملفات الترانزيت والنفط مع العراق عبر سورية، وفي ملف الكهرباء من سورية وعبرها. وقالت المصادر إنه من المهم ألا تُصاب حكومة الرئيس دياب بالتردّد وتضيع الفرضة أملاً بوعود مشابهة لن تتحقق. وجاء كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عن تأييد ما ورد في البيان الوزاري والعزم على منح الحكومة الثقة نوعاً من الدفاع عن الحكومة بوجه الحملة التي افتتحها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وتبعه آخرون.
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد بأنّ صفقة القرن المشؤومة لن تمرّ، وبأنّ فلسطين كلّ فلسطين، هي أرضنا وحقنا وهي بوصلة نضالنا ومقاومتنا، وما من قوة في العالم تستطيع أن تسلبنا حقنا.
موقف سعد جاء خلال لقاء ضمّ أحزاب وقوى وشخصيات وطنية وقومية في السفارة السورية باليرزة، تحت عنوان واحد موحّد دعم سورية ورفض صفقة القرن. ولفت الى أنّ سورية دفعت أثماناً باهظة لأنها لم تساوم على فلسطين، ولأنها لم تتخلّ يوماً عن دعم المقاومة الفلسطينية، وأنّ كلّ الحرب الإرهابية الكونية التي تُشنّ عليها، لأنها تقف سداً منيعاً في مواجهة مخطط تصفية المسألة الفلسطينية. وأكد لكلّ المحور الأميركي ـ الصهيوني ومَن معه من أنظمة عربية مطبّعة خائنة ومتأسرلة، بأنّ سورية التي أردتم إسقاطها لتحييدها وتمرير صفقة القرن من دون ممانعة، قد أسقطت مشاريعكم ورهاناتكم وهي سائرة بعزّ وشموخ من نصر الى نصر. ولن يُبدّد هذا النصر عدوان ٌ «إسرائيليٌ» غاشم استهدف عدداً من المناطق السورية.
ولفت الى أن انتصار سورية على الإرهاب وإسقاط مشاريع رعاة الإرهاب، هو انتصار لفلسطين، لأنه عندما تكون سورية موحّدة وقوية ومنتصرة، فإنّ صفقة القرن لا بدّ أنها ولدت ميتة.
وأضاف: “لأنّ المقاومة هي خيارنا، فإننا نستبشر خيراً في مواقف القوى الفلسطينية التي تدعو الى الوحدة في مواجهة العدو، وإننا نزيد على ذلك، بأنّ الوحدة خطوة على الطريق وأنّ المطلوب برنامج نضالي يُعيد الاعتبار للثوابت الوطنية الفلسطنية ولخيار الكفاح المسلح، وإسقاط اتفاق أوسلو وملحقاته”.
وأكد سعد في لقاء آخر في فندق راماد بلازا ـ بيروت رفضاً لصفقة القرن، أنّ مخطط تصفية المسألة الفلسطينية هو تحد وجودي خطير يستهدف بلادنا دولاً وأحزاباً وحركات وفصائل وقوى شعبية، والمطلوب منا جميعاً أن نخوض مواجهة فاعلة وقوية وبكل الوسائل لإسقاط هذا المخطط المعادي الصهيوني ـ الأميركي.
وشدّد على التمسك بخيار المقاومة، وجعل الموقف الرافض للصفقة المشؤومة منصة للفعل، والفعل بحاجة إلى إرادة، ونحن لا تنقصنا الإرادة.
ورأى أن المسار الجدّي لإسقاط صفقة القرن هو نهج المقاومة، وهناك خطوات مطلوبة لا بدّ منها، إسقاط اتفاق اوسلو وملحقاته الذي في ظله تعاظم الاستيطان والتهويد والإجرام الصهيوني، وتحقيق الوحدة الفلسطينية ـ الفلسطينية ووحدة كل قوى المقاومة في الأمة، ووبرنامج وطني فلسطيني، على أساس الحق وثوابت النضال ومشروعية الكفاح المسلح سبيلا وحيدا للتحرير والعودة والانتصار.
الى ذلك، تنصبّ الانظار الى ساحة النجمة يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين، حيث يعقد المجلس النيابي جلسات لمناقشة البيان الوزاري الذي أقرته الحكومة في بعبدا الخميس الماضي، وعلمت “البناء” أن حزب الله يعمل على تنسيق موقف حلفائه لتأمين حضور الكتل النيابية في جلسة الثقة لرفع عدد الاصوات الثقة للحكومة، وأكد نائب أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن “حزب الله سيعطي الثقة لهذه الحكومة لأنها تستحق الفرصة، ففيها كفاءات ولديها تطلعات، ونطلب منها أن تكتب وتُشرِّع الخطط والمشاريع والإنجازات التي تهتم بشكل أساس بالوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي ليرى الناس بعض الإنجازات كمقدمة في اتجاه رؤية استراتيجية في هذا البلد”.
وفي وقت أشارت مصادر المستقبل لـ”البناء” الى أن المستقبل سيحضر الجلسة وسيحجب الثقة عن الحكومة لاعتباره أن البيان الوزاري لا يعالج الازمات، وهكذا أيضاً ستفعل القوات اللبنانية والكتائب، استمرّ السجال السياسي والإعلامي بين ثلاثي تيار المستقبل والاشتراكي والقوات من جهة والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، وإذ واصل الاشتراكي والقوات هجومهما على الحكومة والبيان الوزاري وخطة الكهرباء، لفتت أوساط تكتل “لبنان القوي” لـ”البناء” إلى أن “نجاح الحكومة يجب أن يتوفر في شرطين أساسيين: الأول هو الابتعاد عن الكيدية السياسية لأن الفوضى ستدمر الجميع، أما الثاني فهو أن على الحكومة أن تتحلى بالموضوعية والعقلانية”. واعتبرت أن “مواقف كل من القوات والمستقبل والكتائب والاشتراكي كانت متوقعة”، معتبراً أن “من الخطأ الرهان على لعبهم دوراً إيجابياً”. واستغربت الاوساط الاعتراضات الحاصلة على خطة الكهرباء، مذكرة بأن الخطة أقرت في الحكومة السابقة بإجماع القوى السياسية التي تهاجمها اليوم”.
وكان لافتاً قرار الرئيس سعد الحريري “نقل مكان الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة عشر لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل الى “بيت الوسط””، بعد أن كان سيقام في واجهة بيروت البحرية، وتمنى الحريري على كافة المدعوين أن يأخذوا علماً بنقل مكان الاحتفال إلى “بيت الوسط” حيث سيكون الحريري شخصياً في استقبالهم، ويتوجّه إليهم بكلمة للمناسبة.
وأوضحت اوساط المستقبل لـ”البناء” أن اسباب نقل الحفل أمنية ولوجستية، فهناك صعوبة في انتقال المشاركين الى المكان الذي كان مقرراً في السابق اضافة الى تفادي بعض التوترات بين المستقبليين والمتظاهرين في ساحة الشهداء”، لكن مصادر أخرى لفتت الى أن “حصر الحفل في بيت الوسط له اسباب سياسية ومالية، إذ إن نقله الى بيت الوسط يقلل التكاليف المادية فضلاً عن صعوبة في تأمين الحشود المطلوبة لساحة كبيرة لا سيما أن الحريري بات خارج الحكومة، ما يؤشر الى أنه لن يتجه الى تصعيد سياسي كبير في كلمته”.
على صعيد آخر، وفيما بقيت المواقف الدولية والعربية والخليجية غامضة لجهة التعامل مع الحكومة، أشار السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسيبكين، في حديث تلفزيوني، إلى أن المشكلة هي في استهداف لبنان ككل بحجة استهداف “حزب الله”، موضحاً أن الأولوية بالنسبة إلى أميركا و”إسرائيل” هي سلاح الحزب وصواريخه، ورأى أن المهم هو التوافق على أن مهمة الحكومة الجديدة هي الشقين الاقتصادي والاجتماعي ولا الشق السياسي، متمنياً التركيز على هذا الأمر لأنه يساعد في العلاقة مع الجهات الخارجية.
وأشار زاسيبكين إلى أن تركيبة الحكومة الحالية تتجاوب مع المطالب الشعبية نسبياً، لافتاً إلى أنه شخصياً لا يعرف الوزراء الجدد لكن يعرف رئيس الحكومة حسان دياب منذ سنوات، سائلاً: “بحال لم تكن الأحزاب هي من تختار الوزراء مَن يختارهم؟”، معتبراً أن الواقع على مستوى الحراك غير بسيط، حيث هناك مستقلون ومرتبطون. كما أشار إلى أن «لبنان وسورية ليسا بحاجة إلى وساطة أو رأي جانب ثالث من أجل الزيارات المتبادلة، لكن من الضروري أن يكون هناك تواصل بين البلدين من دون أن يكون ذلك مؤثراً على المناخ السياسي في البلاد».
وقبيل انعقاد جلسات الثقة النيابية والحديث عن تصعيد لمجموعات الحراك في الشارع ضد انعقاد الجلسة، عقد المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا اجتماعاً أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي شدّد على أهمية ضبط الوضع الأمنيّ للمحافظة على الاستقرار والسلم الأهلي من جهة وعدم التهاون مع أي محاولة للنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها ومقارّها الرسمية. وبعدما عرض قادة الأجهزة الأمنيّة المعطيات والمعلومات المتوفرة لديهم، شدّد الرئيس حسان دياب على تكثيف الجهود التنسيقيّة بين مختلف الأجهزة العسكرية والأمنيّة لتعميم الاستقرار في البلاد واستباق الأحداث التخريبيّة لتفادي أيّ تطوّرات. وطُلب الى الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة التعاون في ما بينها لاتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، تطبيقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء.