مقالات وآراء

المحاسبة والرقابة أساس نجاح البرنامج الحكومي في لبنان

} أحمد بهجة*

لا يمكن ان يعتبر ايّ برنامج حكومي ناجحاً ما لم يوفر للمواطن القدرة على مراقبة الأداء الحكومي فضلاً عن القدرة على محاسبة الحكومة؛ من الطبيعي ان يكون لمجلس النواب في النظام الديمقراطي دور مهمّ في توفير آليات هذه المراقبة والمحاسبة بلعتباره ممثلاً لصوت الشعب، ولكن بسبب طبيعة القانون الانتخابي النسبي المشوّه بالصوت التفضيلي في الانتخابات الأخيرة، وبسبب إعراض أكثر من 50٪ من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات الأخيرة، فقد أصبحت عملية المراقبة والمحاسبة من قبل المواطن على الأداء الحكومي شبه مفقودة.

ونتيجة لهذا الخلل يجب تشريع قانون انتخابات عصري جديد يلبّي بعضاً من مطالب الشعب ويوفر الآلية لتشكيل مجلس نواب أكثر تمثيلاً للشعب في الانتخابات المقبلة، ومن هنا يمكن ان تبدأ عملية الإصلاح.

كما يُعتبر احترام حقوق المواطن مدخلاً لنجاح البرنامج الحكومي، للأسف نفتقد في بلدنا احترام حقوق المواطن، لا يوجد احترام لحريته، ولا يوجد احترام لحياته، لا يوجد احترام لرأيه بل الكثير من حقوقه منتهكة ومسلوبة؛ فأدناه بعض المقترحات بهذا الشأن لهذا البرنامج؛ المواطن محبط ومن الطبيعي ان يكون محبطاً بسبب قلة ثقته بالطبقة السياسية لكثرة الوعود من السياسيين من دون تحقيق آثار ملموسة على الأرض، لأنّ احترام حقوق المواطن تنطلق من شعار (أنّ المسؤول من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب والنواب الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء إلى أصغر موظف في الدولة لا يجوز ان يتعامل من منطلق انّ الموقع في الدولة هو منصب او تمييز، بل كلّ مسؤول يجب ان يكون هدفه الأول تحقيق مصلحة المواطن، فهو خادم للمواطن وليس العكس، فضلاً عن شعار (العدل والمساواة بين جميع المواطنين بغضّ النظر عن الجنس او الدين او الطائفة).

هذا المنهج يتحقق من خلال الفقرات التالية:

 المبدأ الأول الحاكم خادم للشعب: للأسف ما زالت النظرة إلى المسؤول في الدولة كإنسان له الحق بالتمتع بحقوق مميّزة وهذا خلاف الواقع، لأنّ كلّ من هو في أيّ منصب في الدولة يعتبر خادماً للشعب وليس العكس، لذلك في المرحلة القادمة كلّ من يستغلّ موقعه لاستغلال المواطنين او تهديدهم او الإضرار بهم بل حتى الفساد والإثراء غير المشروع على حساب المواطنين يجب ان يحكم بأحكام شديدة جداً مهما كان منصبه وموقعه في الدولة.

المبدأ الثاني التعيينات: للأسف الكثير من التعيينات تمّت في السابق على أسس تفتقر للعدالة والمساواة، لذلك لا يحق لكلّ من هو في موقع المسؤولية ان يعيّن ايّ شخص في ايّ موقع من خلال الوساطة او القرابة.

المبدأ الثالث الرشاوى والعمولات: الرشوة والعمولة أصبحت ثقافة طبيعية ومقبولة واستشرت في كافة مفاصل الدولة ومؤسّساتها، وبدأ المواطن يعاني معاناة عظيمة نتيجة لاستشراء هذه الظاهرة الخطيرة، الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات شديدة وحاسمة للقضاء على هذه الظاهرة الوخيمة، لذلك يجب وضع فترة سنة كمرحلة انتقالية من مجتمع الفساد الى المجتمع الصالح وفي هذه الفترة إذا تمّ أخذ أيّ رشوة من قبل أيّ موظف في الدولة من أيّ مواطن حتى ولو كانت عشرة آلاف ليرة او أيّ عمولة سيكون الحدّ الأدنى للعقوبة هو الفصل من الوظيفة والحبس لفترة عشر سنوات، أما عمولات ورشاوى بملايين الدولارات فتصل عقوبتها إلى الحبس مدى الحياة، وفي نفس الوقت تتمّ مكافأة المخلصين والمجدّين في عملهم من خلال تعليمات وضوابط تشرع لهذا الغرض.

كما انّ تأخير معاملات المواطنين: واحد من أهمّ عناصر الفساد والاستهانة بالمواطن الكريم هو إهمال حقوقه المتمثلة بمعاملاته المختلفة وإهمالها وتأخير إجرائها، فالموظف يجب ان يكون هو الخادم للمواطن وليس العكس، لذلك يجب ان تفرض عقوبات شديدة تصل إلى حدّ الإحالة الى التقاعد او الفصل لكلّ من يؤخر معاملة ايّ مواطن او يدوّن معلومات خاطئة بشكل متعمّد تضرّ بالمواطن وتؤخّر معاملاته.

كما يجب ان يتمّ تفعيل دور مجلس الخدمة المدنية لناحية الترقيات والتعينات لكلّ الفئات دون أيّ تدخل من السلطة السياسية حتى نتخلص من كلّ ما له علاقة بالمحسوبيات، وحتى نصبح فعلاً في مرحلة جديدة ملؤها التفاؤل بغد واعد ومشرق في هذا البلد العزيز.

*خبير مالي واقتصادي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى