أنقرة تعترف بمقتل 5 من جنودها وتستنجد بالناتو.. ونقاطها العسكرية محاصَرة.. وموسكو قلقة من تصعيد التوتر في المنطقة..
طهران تعلن استعدادَها للتوسّط بين أنقرة ودمشق وتؤكد أن الجيش السوريّ سيحسِم معركة إدلب قريباً
جدّد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، التأكيد على استعداد بلاده للتوسّط بين تركيا وسورية على خلفية تصاعد التوترات بين قوات البلدين في محافظة إدلب السورية.
وغرّد ظريف عبر حسابه على (تويتر)، قائلاً: «إيران تجدد استعدادها لتيسير الحوار بين الجيران الأشقاء تركيا وسورية»، مضيفاً أن «تصعيد التوترات لا يخدم سوى مصالح الإرهابيين ورعاتهم»، على حد تعبيره.
وأكد ظريف على «حتميّة تجنب سفك الدماء واحترام السيادة ووحدة الأراضي».
وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان، مقتل خمسة من جنودها وإصابة خمسة آخرين في قصف من قبل الجيش السوري على نقطة مراقبة في مدينة إدلب.
وقال رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، إن هجومًا بشعًا طال قوات الجيش التركي التي تخدم في إدلب السورية بهدف إنهاء العنف وتخفيف الأزمة الإنسانية بموجب القانون الدولي، على حد قوله. وأضاف في تغريدة عبر «تويتر»: «ردت تركيا على المهاجمين ودمّرت جميع أهداف العدو»، بحسب تعبيره.
وكان مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، عبر عن قناعة طهران بأنه ستحسم قريباً معركة إدلب، وقال: «لقد تحرّرت خلال هذه الأيام أجزاء مهمة من محافظة إدلب السورية، والمجاهدون السوريون يعملون على إنهاء وجود إرهابيي جبهة النصرة، ونحن واثقون أن الإرهابيين سيغادرون إدلب خلال الأيام المقبلة».
وأضاف: «سيتم تحرير إدلب في غضون أسابيع، ثم سيتم التوجه نحو شرق الفرات حيث جزء كبير من الثروات السورية في المنطقة».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع التركيّة مقتل 5 جنود أتراك بهجوم للقوات السورية، أمس، على موقع للمراقبة في تفتناز بشمال سورية، مضيفة أن القوات التركية ردّت على الهجوم.
وطوّقت وحدات الجيش السوري، أثناء عملياتها في ريف إدلب، 8 نقاط عسكرية تركية، وحاصرتها مع جنودها بالكامل.
ونشرت وكالة «رابتلي» مشاهد للجنود الأتراك وتحرّكاتهم داخل النقطة التركية، وظهر على بعضهم حالة تلبك أثناء عملية التصوير، وطلب جندي آخر عدم التصوير فوراً.
هذا، واستنجدت أنقرة بالناتو، وأعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشليك، أمس، أن تركيا تنتظر دعم «الناتو» على خلفية الوضع في إدلب السورية.
وقال تشليك للصحافيين في أنقرة، مجيباً عن سؤال هل تتوقع تركيا دعم الحلف في ما يتعلق بتفاقم الوضع في إدلب: «نحن على اتصال دائم بحلف الناتو ونجري مشاورات مع الحلف بما في ذلك حول سورية»، مضيفاً أن تركيا تنتظر أن يكون الناتو معها في الحرب ضد الإرهاب بشكل واضح، ويجب أن يكون الناتو متضامنًا معها.
وأفاد مسؤولون أتراك لوكالة «رويترز» بأن الجيش رد على الهجوم الذي استهدف الموقع الذي أرسلت إليه تعزيزات تركيا مؤخراً رداً على تقدّم القوات السورية.
وفي سياق متصل، أفاد الكرملين، بأن روسيا قلقة من تصعيد التوتر في إدلب، وأكد أنه ليس من المخطط إجراء لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف للصحافيين، رداً على سؤال في هذا الصدد: «ما زلنا قلقين». وأضاف: «أما في ما يتعلق بلقاء الزعيمين، فلا توجد حتى الآن خطط محددة لعقد لقاء، لكنه سيعقد إذا استدعت الحاجة ذلك».
وتأتي تصريحات بيسكوف، إثر إعلان وزارة الدفاع التركية في وقت سابق، عن مقتل 5 جنود أتراك بهجوم للقوات السورية على موقع للمراقبة في تفتناز بشمال سورية.
وتتزامن هذه التطوّرات مع التقدّم الكبير الذي أحرزه الجيش السوري في ريف إدلب، وسيطرته مؤخراً على مدينة سراقب الاستراتيجية، وإخراج المسلحين منها، فضلاً عن استعادته مساحات جغرافية تزيد على 600 كيلومتر مربع، وإحكام السيطرة على عشرات البلدات والقرى والتلال في الشمال السوري.
إلى ذلك، أفادت وكالة «بلومبرغ» بأن أنقرة أرسلت المئات من الدبابات وعربات نقل الجنود المدرّعة، فضلاً عن قوات خاصة، إلى محافظة إدلب السورية، وسط توقعات بحدوث مواجهات مع القوات السورية.
وأضافت الوكالة أن هذه التعزيزات الكثيفة التي تمّت في نهاية الأسبوع شملت نشر مدافع «هاوتزر»، والقاذفات متعددة الصواريخ، وسيارات الإسعاف، والشاحنات المحملة بالذخائر.
يذكر أن تركيا عززت تواجد قواتها بشكل كبير على الحدود السورية بعد مقتل 7 من جنودها ومدني واحد بإدلب في 3 فبراير الحالي.
وكان رئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، هدّد في الأسبوع المنصرم باستخدام القوة ما لم تتراجع القوات السورية المتقدّمة قبل نهاية شهر فبراير الحالي، حيث تقع حالياً 3 مواقع مراقبة تركية من أصل 12 خلف مواقع الجيش السوري.
وعلى صعيد ميداني آخر، في عملية غير متوقعة، انتزع الجيش السوري بلدات «ميزناز» و»كفر حلب» جنوب شرق مدينة الأتارب قاطعاً بذلك الطريق السريع (60) الواصل بين مدينتي إدلب وحلب.
وقال مصدر مطلع في ريف حلب إن وحدات من الجيش السوري العاملة على محور «العيس»، انعطفت بشكل مفاجئ نحو عمق مناطق سيطرة تنظيم «النصرة» الإرهابي، ذراع القاعدة في بلاد الشام، وحلفائه، عند أقصى ريف حلب الجنوبي الغربي المتاخم لريف إدلب الشمالي.
وكشف المصدر أن العملية المفاجئة أسفرت عن سيطرة الجيش السوري على بلدات «قناطر» و»تل جزرايا» غرباً، قبل أن تتمدّد نحو بلدات «ميزناز» و»كفر حلب» وتسيطر عليهما بالإضافة إلى «تلة كفر حلب» الاستراتيجية.
ويقطع الطريق (60) عدداً من المدن بدءاً بمدينة «بنش» أبرز معاقل التشدّد في ريف إدلب الجارة اللصيقة بمدينتي كفريا والفوعة اللتين تمّ تهجير سكانهما بالكامل، مروراً بـ «طعوم» و»تفتناز» التي تحوي قاعدة جوية هامة، فـ»كفر حلب» و»أورم الصغرى» و»أورم الكبرى»، وصولاً إلى بلدة «خان العسل» جنوب مدينة حلب.
ويسير الطريق السريع (60) توازياً مع الأوتستراد الدولي (حلب دمشق/ M5)، ويبعد عنه نحو 15 كيلومتراً في أبعد مسافة بينهما تفصل بين مدينتي سراقب وإدلب، لتضيق المسافة صعوداً باتجاه حلب، قبل أن يتقاطعا تماماً شمال بلدتي «خان العسل» والراشدين 4» عند البوابة الجنوبية لمدينة حلب.
ويربط إدلب بحلب طريق آخر أطول منه مسافة، وهو ينطلق من المدخل الشمالي لمدينة إدلب نحو مدينة الأتارب مروراً بـ «معرّة مصرين» و»حزانو» ليتجه شرقاً نحو بلدة أوروم الصغرى التي يتلاقى فيها بالطريق (60) مكملاً مسيره نحو حلب.