بري يعمل على إنهاء الجلسة اليوم لضرورات أمنيّة والمستقبل والقوات أعدّوا للمواجهة! أوساط بعبدا لـ«البناء»: هدف الحملة على عون دفعه للتنازل في الملفات السياديّة
} محمد حميّة
تتوجّه حكومة الرئيس حسان دياب اليوم الى ساحة النجمة لنيل ثقة المجلس النيابي على وقع تهديد من مجموعات في الحراك الشعبي من جهة ومن أحزاب سياسية معارضة من جهة ثانية، فيما الرهان على القوى الأمنية لتوفير انتقال آمن للنواب الى قاعة البرلمان كما تعهّدت في اجتماع المجلس الدفاع الاعلى الذي عقد في بعبدا منذ أيام.
لكن هذا الثلاثاء سيكون بامتياز الامتحان الأكبر لكل الأطراف… فالمجلس النيابي أمام امتحان عبور الحواجز البشرية والوصول الى المجلس فيما قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني أمام امتحان قدرتهما على تأمين مسالك للنواب الى القاعة، وقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر أمام امتحان توفير النصاب القانوني لانعقاد الجلسة وأغلبية مرجحة للثقة، أما الحكومة فأمام امتحان نيل الثقة بناء على بيانها الوزاري الذي تعرّض لانتقاد أطراف عدة، وسيكون الحراك ايضاً على موعد جديد مع امتحان قدرته على التحشيد وإثبات الذات وتعطيل انعقاد الجلسة. فيما سيكون ثلاثي المستقبل والقوات والاشتراكي الذي يمثل المعارضة امام امتحان قدرته على تقديم خطاب «براءة ذمة» من مسؤوليتهم عن الأزمة الراهنة التي وصل اليها لبنان لكون أحزابه كانت جزءاً أساسياً من السلطة على مدى عقود سابقة!
وأمام كل هذه الأطراف مسؤولية جماعية ومشتركة لإنقاذ لبنان من الواقع الاقتصادي والمالي الخطير.
وعشية جلسة الثقة، حسمت كافة الكتل النيابية موقفها. فكتلة المستقبل أعلنت بعد اجتماعها برئاسة سعد الحريري أنها ستشارك وستحجب الثقة، تماماً كما سيفعل اللقاء الديموقراطي و»الجمهورية القوية». وأعلن الحريري انه لم يقرّر بعد ما إذا كان سيشارك في جلسة الثقة مع كتلته، كما أعلنت كتلة الوسط المستقل عدم حضور الجلسة المقرّرة وحجب الثقة عن الحكومة. كما أعلن عدد من النواب المستقلين حجب الثقة كأسامة سعد وفؤاد مخزومي، وفيما أعلن حزب الكتائب مقاطعة الجلسة، لفت موقف الحزب القومي السوري الاجتماعي إعلانه مقاطعة الجلسة.
وفي ضوء هذه المواقف هل تجتاز الحكومة امتحان الثقة في ظل تصعيد الشارع ومقاطعة كتل عدة ونواب عديدين؟
مصادر دستورية أوضحت لـ«البناء» أن النصاب الدستوري خلال افتتاح الجلسة والتصويت هو 65 نائباً أي نصف اعضاء المجلس زائداً واحداً، فيما تحتاج الحكومة الى نصف الحضور في القاعة لتنال الثقة، مع عدم الأخذ بعين الاعتبار الممتنعين عن التصويت، أي يتمّ احتساب نصف مجموع النواب الذين منحوا الثقة وحجبوها»، وأشارت مصادر «البناء» الى أن الجلسة ستنعقد في ظل أجواء عادية رغم بعض الاحتجاجات في الشارع، كما رجحت أن تنال الحكومة الثقة بحضور 90 الى 95 نائباً وثقة بين 62 و65»، كما علمت «البناء» أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري وفور عودته من الأردن تواصل مع رؤساء الكتل النيابية وطلب اليها اختصار عدد طالبي الكلام ووقت الكلمات لإنهاء الجلسة في اليوم نفسه لضرورات أمنية لمنع اي توترات في الشارع وللحؤول دون تحول القاعة الى سجالات سياسية قد تطيح بالجلسة وسط معلومات «البناء» من نواب المستقبل والقوات أعدّوا العدة لمواجهة إعلامية وسياسية واسعة ضد التيار الوطني الحر ما سيؤدي الى ردود فعل واشتباك نيابي، فإذا التزمت الكتل بالاختصار فهذا يعني التصويت على الثقة مساء اليوم أما إذا قرّر المستقبل والقوات والاشتراكي الاستعراض الكلامي وشد العصب الحزبي واستغلال الشارع والنقل المباشر للجلسة لتمرير رسائل شعبيّة وسياسيّة والتصويب على التيار الوطني الحر، فسيمدّد بري الجلسة الى يوم غد الأربعاء.
وإذ تعتزم مجموعات الحراك تنفيذ تحرك نوعي وتُعِد لمفاجآت لمنع وصول النواب الى ساحة النجمة كما أعلنت مصادرها لـ«البناء»، لفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» الى أن «مجموعات الحراك لم يعد لديها القدرة التحشيدية لتعطيل جلسة المجلس النيابي لا سيما وان هناك قراراً سياسياً وحكومياً تجلّى باجتماع المجلس الأعلى للدفاع وعلى القوى الأمنية كافة تنفيذه، لذلك اتخذت إجراءات أمنية مشدّدة بدأت منذ أمس لتأمين كافة الطرق لانتقال النواب الى البرلمان»، كما أعلن وزير الداخلية محمد فهمي أن القوى الامنية ستعمل على حماية المتظاهرين لكن ايضاً ستعمل على تأمين وصول النواب الى الجلسة ولن تسمح بحصول اعتداءات وقطع للطرقات»، علماً أن مجموعات الحراك فشلت في تعطيل جلسة المجلس لإقرار الموازنة، كما أن تعطيل الجلسة التشريعية في كانون الماضي كان بقرار سياسي من المستقبل والاشتراكي وبتقصير من القوى الأمنية وليس بسبب قوة مجموعات الحراك.
ولا يخشى حزب الله بحسب المطلعين على موقفه من تعطيل الجلسة وهو مطمئن من أن الحكومة ستفوز بالثقة الكافية لتنطلق لمواجهة التحديات، ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن «الرئيس الحريري والقوات سيعملان على عرقلة عمل الحكومة لأسباب متعددة منها رهان الحريري على سقوط الرئيس حسان دياب ليعود الى رئاسة الحكومة، لكنه لن يستطيع الذهاب بعيداً في الحرب على الحكومة كي لا يستفز ثنائي أمل وحزب الله اللذين يمثلان الاحتياط الاستراتيجي لعودته الى السرايا الحكومية، فيما القوات عاجزة عن الاستمرار باللعب بالأمن وتحريض الشارع لأنها تدرك أن حزب الله والجيش لن يسمحان بالفوضى»، ولفتت المصادر الى أن «لبنان يتعرّض لحملة تهويل وتهديد بالإفلاس منظمة وممنهجة هدفها الضغط لانتزاع شروط سياسية من لبنان مقابل إغراءات مادية وشطب بعض ديونه»، كاشفة أن «الحزب لديه الخطط الكاملة لمواجهة المشاريع التطبيعية والتوطينية الجديدة».
وفي سياق ذلك، كشفت أوساط سياسية مقربة من بعبدا لـ»البناء» عن «محاولة جديدة لاستهداف العهد ورئيس الجمهورية لإضعافه تمهيداً للتأثير على لبنان في عدد من الملفات كالتوطين والحدود والنفط والغاز وأزمة النازحين والعلاقات مع سورية»، مشدّدة على أن «الرئيس ميشال عون لم ولن يساوم على هذه الملفات السيادية ولن يتنازل وسيواجه هذه الحملة وهو تصدّى وواجه الأصعب منها»، متوقعة «تزايد خطر توطين الفلسطينيين المشروع الذي حاولوا فرضه منذ العام 1993 وخلال وجود الرئيس رفيق الحريري»، متوقعة «تصاعد الضغط الدولي في هذا الاتجاه لكن تماسك الموقف اللبناني سيمنع ذلك».
وأكدت الأوساط أن «رد العهد سيكون بتوفير الحماية للحكومة والتوافق بين مكوناتها ودفعها لتحقيق إنجازات إصلاحية في المالية والاقتصاد والسياسة النقدية والمصرفية»، مشيرة الى أن «الحريري يُدرك أن الرئيس عون والتيار لم يعطلوا القرارات الحكومية والإصلاحات بل هو وفريقه السياسي الذين عطلوا الكثير من المشاريع تحت حجج مختلفة لا سيما مكافحة الفساد وإصلاح قطاعات الاتصالات والنفايات والكهرباء وغيرها».