المصوّر خالد عيّاد… صحافيٌ وفنانٌ يبحث عن الجمال والدهشة
} جهاد أيوب
في هذا الزمان القاحط، وكثرة الحروب والمشاكل والإجرام زادت القباحة، والبشاعة أصبحت فناً، وفنون كهذه لا تبقى، ولا يعوّل عليها، ولا تجدينا، ولا تنفع، ولا تسلّي بل تسم الحضور والوجود والجيل المرافق، ومع زحمة كهذه يطلّ علينا الزميل خالد عياد من خلال كاميراه الجاهزة دائماً في خدمة الحدث والأصدقاء، وبعدسة نظيفة رشيقة مدروسة لتلتقط جمال المكان الوطن الحراك المناسبات. هو زميلٌ مندفعٌ، نشيطٌ، مهذبٌ، وأنيق الكلام، لا يحب الثرثرة، ولا غدر الزملاء والمكان.
هو متفائل رغم صعوبة الظروف، ويدفع من جيبه الخاص كي يكمل عمله، يعتبر التصوير فناً وليس وظيفة، التصوير هو الصوت وليس مجرد صورة، التصوير سباحة الفاضح وليس رصاصة قاتلة، التصوير في زمن الاستغناء عن المصور الحريف المختلف المتفاني ليس وظيفة بل مسؤولية وقيمة، وهو قارئ لماح وثري في فهم الجمود الذي يصبح عطراً داخل عدسته… هذا هو الزميل المصور الفنان خالد عياد.
نعم هو فنان في قراءة المشهد، وفي التقاط حالة معيّنة قد لا نكترث لها، يطبعها في نظراته الباحثة وحركته القلقة وقراراته الثاقبة في نقل ما يرغب بنقله، ويضيف كله في صورة تختزل الكل.
كثيرون مارسوا التصوير الصحافي، منهم اعتبرها وظيفة والسلام لذلك اختفى عن المشهد، ومنهم اعتبرها مجرد نقل لحدث ما فغابت عنه شمس اليوم رغم نشاطه، ومنهم من أخذ فن التصوير كحالة تقريريّة مساندة للكلام المكتوب صحافياً، ومنهم من تعب واجتهد كي يخلد التجربة بلغة إبداعية وهؤلاء قلة وخالد من هؤلاء القلة.
قد يستغرب البعض كيف أن زميلاً يكتب عن زميل مصور، وهذا مخجل فنحن لم نعتد أن نقول شكراً ونعبر عن إعجابنا بجهود الزملاء خاصة في هذه المرحلة المتكالبة حياتياً، ولكن الجهود المتميّزة والمتفانية التي يبذلها بعض الزملاء توجب رفع القبعة احتراماً، وخالد عياد من المتفانين في عمله حتى أنه يكثر بالحديث عن عشقه لفن التصوير، ومع كل لقاء يخبر عن مشروع جديد، وهو من المتقدّمين في اختزال المكان والحدث والمناسبة في صورة تفرض الكلام بالإعجاب والجمال، وهو بكل تهذيب الاطفال يقدم نتاجه دون منة أو غرور، وينسحب تاركاً لك التعليق خارج تأثير الزميل المهذب، والنتيجة أنت تبحث عنه شاكراً له لكونه يقدم ما عجز عنه غيره…
فنياً هو من البارعين في فهم سلاحه، وما توصلت إليه التطورات المعنية بالكاميرا والعدسة والحديدة، يفقه بالنور، بالعتمة، بالزوايا، وبسينوغرافيا المشهد، وهنا يصنع من المشهد مشاهده، ويضيف عليها قراءاته، لذلك لا تتعجّب إذا مرّ من قربك في أمسية ما ولم يرمِ السلام، حينها يكون أكثر انشغالاً بلوحة في نظره قد تصل إلى فكره لتنفذ، قد يحيك صورة مفعمة بالنبض والحيوية والإتقان!
نعم الفنان المبدع خالد عياد يفكر في نظره وليس في دماغه، يعيش اللقطة، ويرسم اللوحة، وأعماله مغرقة في الجمال مهما كانت القذارة تحاصرنا.
ذات يوم تحديته في أن بيروت لم تعد جميلة، ومن الصعب أن تلتقط الكاميرا غير البشاعة… طلب مني التمهّل، وغاب ليعود بعد شهور بهذه الصور الرائعة عن أماكن نمر فيها كل يوم ولا نكتشف جمالياتها… معقول هذه اللوحات لبنانيّة تعيش معنا؟
هذا هو الزميل المصور الفنان خالد عياد قليل الكلام كثير الأفعال، قليل الانفعالات كثير الابتكارات، قليل الادعاءات كثير الإشكالات في فن بسبب جهاز التلفون أصبح عادة دون بركة، ومع خالد كل البركة!
نعم هذا هو خالد الباحث في فن التصوير الصحافي والتشكيلي، جهوده إضافة لفرض احترام الصورة والمصور، قيمة على جهود من سبقه، ومسألة تواصل الأجيال مع مسافة فيها الكثير من القراءة والإبداع الضوئي…
شكراً خالد عياد لكونك زميلنا في مهنة أتعب من المتاعب، شكراً لآنك تقدم لنا الجمال والتهذيب والاختلاف والدهشة في حياكة تعيدنا إلى كوننا من عشاق التميز الإبداعي.