مؤتمر ميونخ ساحة للمبارزة الأوروبيّة الأميركيّة
ماكرون يلوّح بالاستدارة نحو روسيا وشتاينماير يتّهم أميركا بتأجيج انعدام الأمن وبوريل يدعو الأوروبيّين للتدخّل في الأزمات الدوليّة
دعا مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حكومات التكتل لـ»الاستعداد للتدخل في الأزمات الدولية أو المخاطرة بأن تواجه سياستها الخارجية جموداً مطولاً».
وقال بوريل في مؤتمر ميونيخ للأمن: «على أوروبا أن يكون لديها استعداد لاستخدام القوة»، مشدداً على أن «ذلك لا يعني فقط القوة العسكرية».
وأضاف مخاطباً رؤساء ونواباً ودبلوماسيين: «ينبغي أن نكون قادرين على التحرّك… لا أن نُدلي كل يوم بتعليقات ونعبر عن القلق».
ونجح الاتحاد الأوروبي في أن تكون لديه «قوة ناعمة» من خلال قوته الاقتصادية لكن نفوذه في العالم تضاءل، وذلك إلى حد ما بسبب سياسات «أميركا أولاً» التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي قوضت الأولويات الأوروبية.
واستمرت أعمال مؤتمر الأمن الدولي لليوم الثاني في ميونخ، لبحث تهديدات السلم العالمي، وقد تميّزت بمواقف متناقضةٍ بين الحلفاء على جانبي الأطلسي.
وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أسفه لما وصفه بـ»ضعفٍ غربيٍ مع انكفاءٍ أميركيٍ نسبي»، في تناقضٍ مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي الذي أكّد «انتصار الغرب معاً»، ووصف انتقاداتٍ أوروبية حول انطواء أميركا وأنانية ترامب بـ»غير الواقعية»، متسائلاً إن «كانت أميركا ترفض الأسرة الدولية».
في حين كان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير من أبرز منتقدي سياسة ترامب، حيث اعتبر أن «شعار (أميركا أولاً) قد هزّ النظام العالمي وأجج انعدام الأمن»، قائلاً إن «واشنطن تصدر إشاراتٍ للدول بالسعي لمصالحها الخاصة لا غير»، مشيراً إلى «ابتعادٍ مستمرٍ عن تحقيق عالمٍ أكثر سلماً بالتعاون الدولي».
فيما يبدو أن انتقادات الرئيسين الألماني والفرنسي للإدارة الأميركية تصيب في الصميم العلاقة بين أوروبا وأميركا، وتلوّح بالاستدارة نحو موسكو، لكن بومبيو يهوّن من شأن الخلاف ولا يردّ على الهواجس الأوروبيّة.
وأثار الرئيس الألماني فرانك شتانماير في افتتاح مؤتمر ميونيخ حيث تجري المباحثات الأمنية الدولية، أزمة الحلف الأطلسي والسياسة الأميركية التي «تهدد الأمن والاستقرار في العالم»، بحسب وصفه. واتهم الإدارة الأميركية بأنها «لا تؤمن بالمجتمع الدولي وتتحرك على حساب الجيران والشركاء، فبات شعار أميركا أولاً هو النظام العالمي الذي يؤجج انعدام الأمن». لكنّ مايك بومبيو لا يردّ على هواجس ألمانيا وأوروبا القلقة من الهيمنة الأميركية بل ويتجاهلها في اتهام أوروبا بـ»المبالغة والتشاؤم».
أما الرئيس الفرنسي الذي غاب عن المؤتمر السنة الماضية بسبب التقارب الروسي – الألماني في مشروع السيل الشمالي، لم يفوّت الفرصة في السجال مع بومبيو بشأن الموت السريري للحلف الأطلسي، لكنه يذهب أبعد من ألمانيا في نقد الإدارة الأميركية.
ويعترف ماكرون بأن «سياسة التحدي مع موسكو باءت بالفشل في إشارة إلى ما يشبه التلميح لأميركا بأن أوروبا يمكنها الاستدارة لتعزيز المصالح المتبادلة في الحوار مع روسيا»، لكنّ أوروبا التي تشعر بالبرد بعيداً عن الرعاية الأميركية تضع نفسها على المحك في أن تمشي وحدها في الحوار مع روسيا وفي تنفيذ الالتزام بالاتفاق النووي.
وتتعارض قرارات عدة اتخذها ترامب مع المواقف الأوروبية من بينها الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015 وأيضاً من اتفاقية باريس للمناخ واعترافه بالقدس عاصمة لـ»إسرائيل» قبل التوصل لتسوية سلام نهائية، وكذلك انتقاده لحلف شمال الأطلسي.