جمعية «شموع السلام» تحتفي برحيله بندوة بعنوان «تحيّة إلى الفنان نذير نصرالله»
} لورا محمود
تفرّد بأسلوب فنّي جمع بين الأصالة والحداثة، تتلمذ على يديه عدد من الفنانين السوريين من خلال عمله في كلية الفنون الجميلة، دمج بين التشكيل والموسيقى في لوحاته وأدخل الحرف مع الشكل الهندسيّ فعمل على تحويله إلى دلالات جمالية خالصة تتكرّر وتتنوّع من لوحة الى أخرى، استطاع من خلال تجربته الطويلة كشف غنى الحروف العربية وقدرتها على تجاوز الدلالات اللغويّة المقروءة، فهو يتطلّع دائماً إلى بناء لوحة تلامس جوهر الحضارة العربية، لوحاته مقتناة من قبل الرئيسين الفرنسيين ميتران وشيراك، هو الفنان التشكيليّ والنحات نذير نصرالله الذي أقيم له معرض في المركز الثقافي العربي كتحية لفنّه برعاية جمعية «شموع السلام». وعقب المعرض ندوة تحدّث فيها عدد من المختصين والمقرّبين من الفنان نصرالله وقد قدّم الندوة الإعلامية إلهام سلطان بحضور الأب إلياس زحلاوي وعدد من الفنانين التشكيليين.
افتتح الندوة الدكتور إسماعيل كمال حسين الذي قال: الفنان نذير نصرالله انتبه إلى اللغات التي صنعها السوريون ومنها لغة أوغاريت التي هي أولى اللغات في تاريخ البشرية لذا استقى لوحاته من الخطّ العربي ومن الإنجيل ولم يدخل هذا المجال أحد غيره، حيث كوّن لمسة خاصة به في عالم اللوحة.
بدوره تحدّث الدكتورعبد الكريم فرج عن الفنان نذير نصرالله، مشيراً إلى أن أعمال الفنان نصرالله فيها بصيرة صامتة فائقة الوصف لما تحمله من حياة الروح فلقد مثلت هذه اللوحات الغرافيكية أفكاراً كان الفنان قادراً على تطويعها بلا تقنيات معقّدة. وهذه السلاسة ميّزت حياته الفنية، خصوصاً في الرسم الغرافيكي الحديث والمعاصر فقد امتلك قدرة التعبير عن إحساسه الداخلي بممارسات هادفة.
وفي حديث مع «البناء» لفت فرج إلى أن أعمال الفنان نصرالله تشكّل إرثاً إبداعياً وهي واحدة من طرق التواصل الإنساني التي ترفض عتمة الموت وتبعث فاعلية الحياة من جديد.
وأضاف: أقول هذا في مجال الفنّ الغرافيكي إضافة إلى اختصاصه الأكاديمي الأساسي في فنّ النحت. فالفنان نصر الله يمتلك مزايا شخصية وإرادة قوية وصبراً لا تعرف الإحباط أو الملل، فقد عرفته بقدرته على التغلغل في مسارب معرفية وتقنية متعددة من خلال ممارسته كل أنواع الفن التشكيلي والتي كان من خلالها منفتحاً في بسط خلاصة تجاربه الفنية الشخصية أمام كل زملائه فقد عرف بإعطائه النصائح فيما يعرفه للآخرين بلا حدود.
وتابع فرج: لقد عرضت أعمال الفنان نصرالله بكمّ وافر على جدار المركز الثقافي الإسباني في المكان المخصص لسورية عندما دعينا معاً لحضور مهرجان «استامبا» وكانت هذه الأعمال مترابطة متناغمة وتبدو للوهلة الأولى وكأنها أجزاء من حروف الكتابة تناثرت في كثافات عديدة ومتنوعة الإيقاع تتداخل بين الحين والآخر في خطوط مستقيمة ناعمة تشبه أجزاء انفصلت عن السلالم الموسيقيّة.
وقد كان الزوار يتزاحمون أمام معروضاته وهو مهتم بملاقاتهم وإثارة الحوارات معهم باحترام وبساطة وكثيراً ما كان يطيل الحديث مع الزوار ويقدّم لهم نماذج من أعماله كان قد اصطحبها في حقيبته من دمشق.
أما المؤرخ الدكتور أحمد المفتي فقال: لقد كان نذير كتلة من موج هائج، فإذا به بعد هذه الثورة يستقر إلى عالمه الخاص، ونحن هنا في ذكرى وفاء لفنان عبر إلى الحرية وانعتق من رفقة الجسد إلى الفناء المطلق ليجد السكينة بعد رحلة استغرقت 73 سنة مرّت كومض كأنها 73 ثانية فقد عرفت فيه الوفاء والصدق ورأيت فيه الفنون وهي تتماهى في معانيها، هو المصور والحفّار والنحّات المبدع الذي جمع كلّ السمات لتنصهر في أفنونه الموسيقي الرائع.
ولفت المفتي إلى أن الفنان الراحل نصرالله صنع كل هذا الإنتاج الفنّي وهو عاشق لحرفه ووطنه وجسّدها في لوحاته ودخل إلى أعماق الفنّ، فنحن نستطيع أن نقرأ النوتات الموسيقية من خلال لوحة للفنان نصرالله الذي عرف الحب وجسّده في لوحاته وخطوطه، حيث يرسم بلون واحد أو بألوان متعددة لكن شفافية اللون أو شفافية الخطّ والحرف لا يمكن أن نراها إلا بلوحات الفنان نصرالله.
يُذكر أن الفنان نذير نصر الله توفي في عام 2016، هو من مواليد دمشق 1946 تخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1974. يحمل دبلوماً من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس عام 1984 وعمل مدرساً في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة في دمشق. له العديد من المعارض الفردية في سورية وعدد من الدول العربية والأجنبية أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني بدمشق والمكتبة الوطنية ومعهد العالم العربي في باريس.