أردوغان يحاول تقمّص دور السلطان فيرسل الانكشارية إلى ليبيا وسورية والعراق
} اياد موصللي
الضجة التي تثيرها تركيا هذه الأيام عبر صراخ أردوغان احتجاجاً على ما تقوم به حكومة الجمهورية السورية ضدّ الميليشيات التكفيرية وعصابات الإرهاب في منطقة إدلب، هذه الضجة ليست جديدة ولا هي مفاجئة للسوريين، فالأتراك منذ ان قدموا الى بلادنا موالي وانكشارية في العهد العباسي وخدموا في القصور وهذه هي أخلاقهم السيئة وتصرفاتهم العدوانية.
وعندما نتحدث عن الأتراك أو نكتب عنهم نعود فوراً لما قاله الزعيم قبل أكثر من ثمانين عاماً… قال سعاده في الأول من آذار 1938:
«ما أقوله في صدد لبنان والشام أقوله في صدد فلسطين. فالسياسيون الكلاسيكيون هنالك لم يتمكّنوا من إيجاد أيّ دفاع مجد يصدّ الخطر اليهودي لأنّ أساليبهم لا تزال من النوع العتيق…
لا بدّ لي من التصريح في هذا الموقف انّ الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما ستفحل وشرهما مستطيل والثاني هو الخطر التركي وهذان الخطران هما اللذان دعوت الأمة السورية جمعاء لمناهضتهما.
قال سعاده هذا الكلام عام 1938.
وجاءت أحداث التاريخ مؤكدة مثبتة هذا الوصف للأتراك، والذي حدّد فيه سعاده دورهم..
انّ الدور التركي في تدمير الشعور القومي ووأده ليس جديداً ولا حديثاً لأن لا دور ولا وجود لتركيا كما تطمح وتريد اذا كان الإيمان والوجود القومي متجسّداً في النفوس متأطراً في أنظمة الحكم ببلادنا.. لهذا نجد الغرب وهو مؤمن إيمان الأتراك بـ «أنّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ».. لذلك هو والأتراك لا يريدون لهذه القوة ان تفعل فتلاقت مصالحهما وتوحدت أهدافهما ضدّ وجودنا القومي.
ديفيد بن غوريون وضع نظرية حماية «إسرائيل» عبر إنشاء تحالفات. وكان قد وضع نظريتين تكميليتين بشأن كيفية تقويض القومية العربية: «نظرية التحالف مع الدول المحيطة»، وتتطلب قيام الدولة اليهودية بعقد تحالفات مع الدول الأخرى المعارضة للقومية العربية في الشرق وفي الغرب، من أجل خلق صراع دموي، صار يُعرف في ما بعد باسم صراع الحضارات يعتمد على ان تنشئ الدولية اليهودية طوقاً من الدول المعادية حول الدول العربية وبإقامة علاقات استراتيجية مع تركيا.
انّ ما يجري اليوم من حكام تركيا أردوغان وسواه ليس جديداً.. فقد كانت ولا زالت مؤامرات الأتراك بحقنا عميقة الجذور من أجل القضاء على سورية وهي سيف العروبة وترسها.
ما يجري اليوم من حكام تركيا ضدّ سورية وشعبها هو إتمام لما حاولته جمعية الاتحاد والترقي وأفشلته يقظتنا.
انّ العلاقات بين تركيا أردوغان و»إسرائيل» مسرحية لم تسدل ستارتها.. انّ الحلف التركي اليهودي مستمرّ منذ عهد اتاتورك الى هذا اليوم داعماً لـ «إسرائيل» على حساب العرب مختبئاً وراء راية الإسلام.
ومشروع أردوغان الأخير حول المناطق الآمنة على الحدود وتمركز قوات تركية فيها هي صفحة متمّمة لما كان وضعه كمال أتاتورك وجمعية الاتحاد والترقي من مخططات ضدّ بلادنا والاستيلاء على أجزاء من سورية في الشام والعراق.. والتحركات التركية الأخيرة للتمركز في المناطق الشامية بسورية والعراق واضحة جلية.. لذلك وجد انّ قيام الجيش في الجمهورية السورية بتنظيف المنطقة من العصابات الإرهابية التي ترعاها تركيا يهدّد مشروعها..
فأرسل أردوغان تهديداته عبر صراخ وقح. انّ التحالف القائم بين تركيا – روسيا – إيران لمجابهة الإرهاب المدعوم من الغرب علناً ومن تركيا علناً وسراً.. هذا التحالف بدأ يتفكك بفعل تصرفات تركيا الأخيرة.. وبدأت الإشارات الأميركية – البريطانية تظهر بوضوح لتشجيع تركيا على الاستمرار في مشروعها لأنّ ذلك جزء أساسي غير معلن من المشروع الصهيوني بتفتيت سورية في الشام والعراق.. عبر السيطرة على المناطق المحاذية للحدود مع تركيا في كلا الدولتين..
وبدأ الدور الأميركي – البريطاني الآن إيقاظ الدور التركي في المنطقة وإبعاد تركيا عن روسيا وإيران..
ونذكر بما سبق ان كتبه «هـ. سايد بوتون» في جريدة «الدايلي سكتش» في تاريخ 25 أيار 1938 وأعادت نشره «الدايلي تايم» تحت وصف أعزّ صديق لنا في الشرق الأوسط «أثناء وجودي في تركيا لفتت نظري صداقة المواطنين الأتراك لبلادي بالرغم من أنّ الأتراك كانوا في الصفّ المعادي خلال الحرب الكبرى، غير أنهم لم يظهروا أيّ روح عدائية ضدّنا، فقد أرجعوا المسؤولية على عاتق ألمانيا وحكومة تركيا الفتاة القديمة. انهم أفهموني أنّ تركيا لن تكون قطعة غيار من أجل المانيا أو أية دولة أخرى. ان مهمة النظام الجديد المختلف تماماً عن القديم، يتركز على تطوير البلاد بفعل قوّتها الذاتية، فلا خضوع بعد الآن للمفتشين عن الاحتكارات. إنّ القرض الذي قدّمته انكلترا لتركيا لا يتعارض مع سياستنا فهذا المبلغ سوف يُستخدم لتطوير البلاد فقط.
إنّ تركيا القديمة قد ماتت تماماً وتركيا الحديثة بكامل حيويتها وفكرها الاستقلالي ستصبح سداً منيعاً بوجه الاجتياحات الاجنبية ومن الأكيد أنّ تركيا القوية المزدهرة هي صديقة لانكلترا، نحن لم نطالب بأيّ احتكار وامتيازات فليست لنا أطماع توسعية ولكن يحلو لنا ألا نرى بلدان البحر المتوسط عرضةً لهجمات قوى عظمى أخرى بحيث تصبح تركيا بحالة الدفاع عن النفس، إنّ كلّ مساعدة ومساندة نقدّمها اليوم تكون مفيدة بضمان وضع تركيا وتثبيت استقلالها لا يمكان أن نهمل قضايا البحر المتوسط، إنّ الأهمية الكبرى لصداقتنا مع تركيا وخاصة اليوم الذي برهن فيه العرب عن عدم قدرتهم السياسية وعن معارضتهم للسير في ركاب الحضارة الحديثة، ونأمل من وزيرنا إلى المستعمرات أن يرتب المسألة الفلسطينية بخلقه دولة يهودية قوية تصبح معها حيفا القاعدة المتينة للسلم».
لاحظوا بدقة كيف أنّ مصالح بريطانيا ودول الغرب قائمة على الثنائي التركي اليهودي.
ونعود إلى ما كتبته جريدة «تلغرافو الايطالية» وفيه الوصف البليغ للأتراك تقول الجريدة «إنّ نتانة الأتراك، بالرغم من تخفيف وطأتها بفضل بعض المطهرات تبقى هي هي تنقل العدوى لكلّ الشرق الأوسط، انها نتانة مرعبة بالنسبة لمن يتنشقها».
اليوم وبعد المواقف العدائيّة التي أمطرتنا بها تركيا يذكرنا أردوغان بأتاتورك ونذكر فرنسا اليوم بما فعلته في بلادنا والتآمر الذي تمّ بينها وبين تركيا حيث تمّ السلخ الأول لأرضنا ومياهنا قبل فلسطين عندما منحت لواء الاسكندرون وتوابعه لتركيا.
بعد كلّ هذا نعود لما قاله أنطون سعاده:
«اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبي أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الاطلاق.
يجب ان نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتمكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
اليوم وبعد الموقف الحازم الواضح الذي وقفه الجيش السوري في إدلب، والإصابات التي نزلت في عدد من الجنود الأتراك.. ارتفع الصوت التركي وبدأ أردوغان بالتهديد وإرسال معدات وقوات عسكرية الى منطقة إدلب.
يبقى الحلم التركي هو هو يتكرّر في أذهان قادة تركيا من كمال اتاتورك وصولاً الى أردوغان الذي امتدّت أحلامه وتوسعت الى ليبيا حيث أرسل لها نفس المرتزقة من الإرهابيين والانكشارية الجدد دخل سورية في الشام والعراق تحت ذريعة الدفاع عن بلاده ضدّ الأكراد وجموعهم المسلحة رافعاً راية درع الفرات يحملها الانكشارية الجدد ايضاً..
ردت سورية بوضوح.. عودوا الى بلادكم فإنّ الدور الذي تمثل على مسرح الاسكندرون في فترة ضعف واعتباط حكام لن يتكرّر مرة اخرى. فالحياة وقفة عز فقط… وسنقفها…