بعد نحو أسبوعين من لقاء تطبيعي جمع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في أوغندا والإعلان عن اتفاق بين الجانبين على بدء تطبيع العلاقات، أعلن الأخير عن فتح الأجواء السودانية أمام الطائرات «الإسرائيلية» باتجاه أميركا الجنوبية. فيما اعتبر حزب الأمة السوداني، التطبيع، «خيانة وطنية» مؤكداً أن «ذلك لن يساعد السودان سياسياً أو اقتصادياً».
وأشار نتنياهو، إلى أن «المشاورات تجري حالياً مع الخرطوم للتطبيع السريع». وقال في كلمة ألقاها الأحد أمام رؤساء الجالية اليهودية الأميركية: «نبحث الآن التطبيع السريع. عبرت يوم السبت أول طائرة إسرائيلية المجال الجوي السوداني»، مضيفاً أن «فترة الرحلات المتجهة من إسرائيل إلى أميركا الجنوبية ستتقلص بذلك بواقع 3 ساعات».
وأشار إلى أن «الممر الجوي الجديد يعتبر نتيجة اللقاء الذي عقده مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في أوغندا».
اللقاء الذي وصفه نتنياهو بـ»التاريخي» أثار حينها رفضاً شديداً من قبل الفصائل والقوى الفلسطينية كافة، وتنديداً واسعاً داخل السودان، حيث خرج السودانيون في تظاهرات احتجاجية أمام مبنى مجلس الوزراء في الخرطوم، رفضاً له.
وعلى المستوى الرسمي أدانت الأحزاب السودانية، الاجتماع بين نتنياهو والبرهان، معتبرة إياه «طعنة للشعب الفلسطيني، فيما قدّم مدير السياسة الخارجية في المجلس السيادي السوداني رشاد فراج السراج استقالته احتجاجاً على هذا اللقاء.
وأكدت الحكومة السودانية حينها أنه «لم يتم إخطارها أو التشاور معها في مجلس الوزراء بشأن لقاء رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، مع رئيس المجلس السيادي الانتقالي السوداني في أوغندا».
وفي سياق متصل، ادعى نتنياهو، في تغريدة الأحد على «تويتر» أن «فريقاً إسرائيلياً سيضع خلال أيام خطة لتوسيع رقعة التعاون مع السودان، بهدف إحلال التطبيع مع الخرطوم».
وأضاف في تغريدة أخرى، «تحت سطح الماء هناك عمليات كثيرة تغيّر وجه الشرق الأوسط وتضع إسرائيل في مكانة الدول العظمى إقليمياً وعالمياً»، على حد زعمه.
فيما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، «للمرة الأولى، عبرت طائرة ركاب إسرائيلية (M-ABGG) عبر الأجواء السودانية، في طريقها من مطار كينشاسا في الكونغو الديمقراطية، إلى مطار بن غوريون الإسرائيلي».
وذكرت الصحيفة أن «طائرة إسرائيلية صنعت التاريخ في نهاية هذا الأسبوع عندما أصبحت أول طائرة اسرائيلية تطير عبر المجال الجوي السوداني، حيث سافرت إلى تل أبيب من كينشاسا على متن رحلة استغرقت أقل من 7 ساعات»، حسب تعبير الصحيفة، التي أشارت إلى أن «الرحلة جاءت بعد لقاء نتنياهو بالبرهان في أوغندا، حيث قال الأخير إن بلاده ستسمح الآن للطائرات الإسرائيلية باستخدام مجالها الجوي».
وقالت الخرطوم في الخامس من شباط الحالي إنها «أعطت الطائرات الإسرائيلية موافقة مبدئية على الطيران في الأجواء السودانية وذلك بعد يومين من اجتماع البرهان مع نتنياهو في أوغندا».
وكان الرؤساء العرب قد اتفقوا خلال قمة «اللاءات الثلاثة» التي انعقدت في العاصمة السودانية الخرطوم عام 1967 على «ثلاث لاءات» هي «لا اعتراف ولا تفاوض ولا سلام» مع الكيان الصهيوني.
ويرى مراقبون للشأن «الاسرائيلي» أن «تطبيع العلاقات مع السودان سيساعد في حظوظ نتنياهو الانتخابية قبل شهر من انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقررة في الثاني من آذار المقبل».
ويعتبرون أن «نتنياهو هو المستفيد الأكبر من اللقاء التطبيعي مع البرهان، والذي اعتبره الأخير إنجازاً للسودان، لفتح أبواب الإدارة الأميركية أمام الخرطوم، بما في ذلك إقناع واشنطن برفع اسم السودان من قائمة الارهاب».
في المقابل قال رئيس حزب الأمة السوداني، الصادق المهدي إن «التطبيع مع الكيان الاسرائيلي في ظل ما يسمى صفقة القرن، يُعدّ خيانة وطنية»، مؤكداً أن هذا «التوجه لن يساعد السودان سياسياً أو اقتصادياً».
وأضاف، في مقال له في صفحة حزبه عبر «فيسبوك»: «من يقول إن التطبيع مع إسرائيل يحقق مصالح السودان فهو واهم».
وأردف: «التعامل مع إسرائيل في ظل سلام عادل وارد، ولكن التعــامل مع إسرائيل في ظـــل الصـــفقة، خيــانة وطنية وقومية وإسلامية ودولية».
وأعلن نتنياهو، أن كيانه يقيم علاقات «سرية» مع دول عربية، عدا ثلاث منها فقط.
ولا تقيم أي دولة عربية، باستثناء مصر والأردن، علاقات دبلوماسية «علنية» مع كيان الاحتلال، فيما ازدادت في الفترة الأخيرة، وتيرة التطبيع من خلال مشاركات «إسرائيلية» في أنشطة رياضية وثقافية وفنية تقيمها دول خليجية عربية.
ويرى المراقبون أنه في حال التطبيع الكامل للعلاقات بين الخرطوم و»تل أبيب» يعني أن «السودان سيصبح ثالث دولة عربية تنضم إلى قائمة الدول التي تعترف علنياً بالاحتلال على الرغم من موقف الشعب السوداني الذي يرفض رفضاً قاطعاً أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الغاصب نصرة للقضية الفلسطينية».