«الوفاق الليبية» تُبدّد الآمال في إنقاذ محادثات وقف إطلاق النار
بدّد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً أمس، الآمال في إحياء سريع لمفاوضات وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة بعد انسحاب فريقه، قائلاً إن «الحديث عن استئنافها تجاوزته الأحداث مع استمرار قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) في قصف العاصمة».
وشهدت المعركة المستمرة منذ نحو عام لانتزاع السيطرة على طرابلس تصعيداً أول أمس، عندما قصف الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر ميناء المدينة البحري للمرة الأولى.
وميناء طرابلس بوابة رئيسية لعبور القمح والوقود وواردات الغذاء، لكنه في الوقت ذاته قاعدة إمداد لتركيا التي ترسل عبره أسلحة وطائرات مُسيّرة وشاحنات وجنوداً لمساعدة رئيس وزراء حكومة الوفاق فائز السراج في التصدّي للجيش الوطني الليبي المدعوم من الإمارات ومصر والأردن.
وتسبب القتال في خفض صادرات النفط الليبية نحو مليون برميل يومياً ويمكنه أن يُعمّق الفراغ الأمني الذي سيستغله الإسلاميون المتشددون ومهربو البشر في إرسال مهاجرين بالقوارب إلى أوروبا.
وانسحبت حكومة طرابلس من محادثات وقف إطلاق النار في وقت متأخر أول أمس، وزار السراج الميناء الذي تعرّض للقصف أمس، ورفض الدعوات التي تطالبه بالعودة لمائدة التفاوض.
وقال السراج مخاطباً الصحافيين في ميناء طرابلس إنه «يجب أن تكون هناك أولاً رسالة واضحة من كل الأطراف الدولية التي تحاول ان تتحدث معنا»، مضيفاً أن «ذلك ينطبق أيضاً على مناقشات موازية تركز على قضايا سياسية واقتصادية».
وأشار إلى «احتمال استمرار القتال قائلاً لدينا رسالة أكبر من ذلك هي الدفاع عن شعبنا».
وأظهرت صور شاحنات في الميناء وفيها فتحات كبيرة سوداء نتيجة القصف.
وقالت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط والأمم المتحدة إن «قذائف سقطت على بعد أمتار من ناقلة محمّلة بغاز النفط المسال (غاز الطهي) القابل للانفجار».
ولا تزال ليبيا بلا سلطة مركزيّة بعد مرور نحو تسع سنوات على الإطاحة بمعمر القذافي على يد مقاتلين دعمهم حلف شمال الأطلسي بضربات جويّة. وتسيطر جماعات مسلحة على الشوارع بينما توجد حكومتان متنافستان إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق.
وقال رجل أعمال يُدعى جلال البوصيري (45 عاماً) في مقهى بطرابلس «نريد بالفعل وقفاً لإطلاق النار ومفاوضات جادّة لإنهاء الحرب من أجل الليبيين جميعاً».
وشرّد القتال 150 ألف شخص منذ بدء زحف الجيش الوطني الليبي على طرابلس قبل عام تقريباً.
بدأت جولة ثانية من المحادثات التي يشارك فيها ضباط من الجانبين أول أمس، في جنيف في أعقاب قمة استضافتها ألمانيا قبل شهر وشاركت فيها دول لها صلة بالصراع.
وأكدت الأمم المتحدة أن «مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا غسان سلامة حاول في وقت سابق أمس، إقناع وفد طرابلس بالبقاء في جنيف واستئناف محادثات غير مباشرة».
وقال جان العالم المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «لا يزال الوفدان هنا (في جنيف) ويعقد الدكتور سلامة اجتماعاً اليوم مع وفد حكومة الوفاق الوطني».
وحتى الآن تُجرى اجتماعات جنيف في قاعتين منفصلتين يتنقل سلامة بينهما. ومن المقرّر إجراء جولة أخرى من المحادثات السياسية الأسبوع المقبل في جنيف.
ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الوطني الليبي أمس. وذكرت وكالة الإعلام الروسيّة أن «وزير الدفاع سيرجي شويجو اجتمع مع حفتر واتفقا على أن التسوية السياسية هي الخيار الوحيد لليبيا».
والهجوم الأحدث على طرابلس جزء من نمط ناشئ يرقى إلى استعراض واضح للقوة من جانب حفتر.
وأغلقت قوات الجيش الوطني الليبي الشهر الماضي موانئ النفط الرئيسية في ليبيا في الوقت الذي كانت فيه قوى أوروبية وعربية والولايات المتحدة تجتمع مع أنصاره في برلين في محاولة لوقف القتال في طرابلس.
وطرق إمداد الجيش الوطني الليبي ليست مكشوفة كثيراً مقارنة بطرق إمداد حكومة الوفاق لأن المطارات والموانئ في الشرق تقع خارج مدى الطائرات التركية المُسيرة التي تستخدمها حكومة طرابلس.
وفي المقابل، يستخدم الجيش الوطني الليبي طائرات مُسيّرة مقدّمة له من الإمارات ويغطي مداها جميع أنحاء ليبيا لكن لم تُنفذ أي ضربات جوية منذ أسابيع حيث قامت تركيا بتركيب دفاعات متطوّرة.