بري: لن ندفع دولاراً واحداً… وودائع اللبنانيّين محفوظة الحكومة اتخذت القرار وتعمل على إخراج مع صندوق النقد
} محمد هاني حميّة
انطلقت أمس، الاجتماعات الحكومية مع وفد صندوق النقد الدولي لمناقشة الاقتراحات ووضع آلية للتفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة الديون. ونقلت وكالة عالمية عن مصدر مطلع أن لبنان طلب مقترحات من 7 شركات لتقديم المشورة بشأن خياراته في ما يتعلق باستحقاقات 2020 والسندات الدولية عموماً.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «القرار الرئاسي والحكومي اتخذ بإعادة جدولة الديون أما الإعلان عنه رسمياً فمؤجل بانتظار حصيلة اللقاءات بين المسؤولين الحكوميين والمعنيين بالشأن المالي وبين وفد صندوق النقد الدولي ولم تعُد الحكومة تكترث لرأي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير اللذين مارسا ضغوطاً هائلة على رئيس الحكومة، بحسب المصادر لـ»ثنيه عن تبني خيار إعادة جدولة الديون».
واضافت: «أن الرؤساء الثلاثة ومعظم القوى السياسية مقتنعون بضرورة اعادة الجدولة وأن تسديد أي استحقاق سيؤدي الى تداعيات سلبية مؤلمة للبنان»، مضيفة «لكن يجري تأمين الإخراج المناسب من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية بهدف امتصاص الصدمة السلبية التي يحاول بثها سلامة وتكتل المصارف بالتواطؤ مع بعض الوكالات العالمية»، مؤكدة أن الأمور تحت السيطرة. وعلمت «البناء» في هذا الإطار أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله لعبا دوراً مفصلياً في دفع الحكومة الى تجميد دفع الديون والبحث بخيارات بديلة أقل ضرراً».
وفي سياق ذلك، أكد الرئيس بري بحسب ما علمت «البناء» أن «لبنان لن يدفع دولاراً واحداً للدائنين إن كانوا محليين كالمصارف أو أجانب»، مشيراً الى أن «لبنان في الأصل لم يعد قادراً على الدفع»، مؤكداً أن «أولوية الحكومة حماية ودائع اللبنانيين وأمنهم الغذائي»، مطمئناً الى أن ودائع المواطنين محفوظة ولن تمس رغم خطورة الأزمة»، وشدد على أن «إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعده يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل له طالما نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملف».
وعن الضغوط والعقوبات الأميركية المحتملة رداً على القرار الحكومي، أوضحت أوساط عليمة لـ»البناء» أن «لبنان لم يعد يملك شيئاً ليخسره وخيار الدفع أكثر ضرراً بأضعاف من اعادة الجدولة، فلبنان لا يصدر النفط والغاز لكي تلجأ اميركا الى فرض حصار على مبيعاته الخارجية وليس لديه صادرات الى واشنطن لكي ترفع الرسوم الجمركية عليها ولا سياحة لتوقفها، ما يضعف التأثير الاميركي، ولم تعد تستطع اللعب بسعر صرف الدولار أكثر مما وصل اليه خلال اليومين الماضيين لا سيما وان سلامة لم يعد يستطيع ادارة اللعبة بنفسه كما في السابق بسبب استعادة الحكومة الجديدة القرار المالي والاقتصادي، فضلاً عن أن الرئيس سعد الحريري الذي لطالما شكل المظلة السياسية لسياسات سلامة المالية والنقدية والمصرفية بات خارج السلطة».
وتساءل خبراء اقتصاديون عن «سبب تمنّع سلامة عن تقديم تقرير لرئيسي الجمهورية والحكومة يتضمن أرقاماً واضحة بموجودات واحتياطات مصرف لبنان من الأموال والذهب».
واضافت المصادر أن المصارف يجب ان تتعاون مع الدولة لإنقاذ لبنان وهي حققت ارباحاً كبيرة خلال الهندسات المالية عبر السنوات الماضية أما رفض المصارف فمرده الى أنها كانت تراهن على بيع جزء من السندات المستحقة في الخارج ظناً ان الدولة ستسددها ثم تعيدها المصارف اليها بطريقة ما وبهذه العملية تكون المصارف اعادت ديونها وحققت ربحاً اضافياً نتيجة الفارق بين سعر صرف الدولار عند شراء السندات من الدولة أي 1500 ل. ل وبين سعره عند استردادها في آذار المقـــبل أي 2500 ل.ل، أما آن الأوان للمصارف أن تحمل المســـؤولية الوطنية وتقف مع الحكومة والمواطنين لإنقاذ لبنان من الانهيار؟ وهل لدى المصارف ضمانة على أموالها الخاصة اذا ما ذهب لبنان الى الانهيار؟
والى ذلك برز الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار مع النقص في السيولة منه، ما دفع بمصادر مالية للجزم بأن المصارف متورطة بهذا التلاعب إذ تمارس الخداع والتضليل بقولها إن سعر الصرف لديها لا يزال 1500 ليرة فيما تمارس اقصى القيود على عملائها ومودعيها فيما تنقل كميات كبيرة من الدولارات الى محال الصيرفة بسعر 2000 ليرة وما فوق على أن يبيعه الصرافون بـ 2500 ل. ل وينالوا نصيبهم من الأرباح في عملية احتيال فاضحة وموصوفة تمارسها المصارف على المودعين والمواطنين في آن معاً وبتواطؤ من الحاكم سلامة، اضافة الى أن المصرف المركزي والمصارف يحجبون الدولار عن المواطنين بحجة نقص السيولة نتيجة ارتفاع الطلب عليه لإجبارهم على شرائه من الصرافين بأسعار مرتفعة. ما دفع بالمصادر الى السؤال: «لماذا لا تبادر الحكومة الى إقالة سلامة؟ وما الذي يمنعها من ذلك؟ لا سيما أن القرار بإعادة الجدولة هو ما يفسر ارتفاع سعر صرف الدولار الى ارقام قياسية ما يعد دليلاً منطقياً على وقوف سلامة والمصارف خلف هذا الارتفاع المفاجئ الذي تستغله الشركات الموردة وتجار الجملة والمحال التجارية في الأسواق لرفع أسعار السلع».
في المقابل توقعت أوساط «البناء» أن «ينخفض سعر صرف الدولار الى 1750 ليرة خلال أسبوعين نتيجة جملة تدابير مالية واقتصادية وسياسية وقضائية بدأت الحكومة باتخاذها وتطبيقها كملاحقة الصيارفة المخالفين للقانون والمتلاعبين بأسعار الدولار اضافة الى التحقيقات القضائية بملف التحويلات المالية وبيع المصارف لجزء من السندات في الخارج الى جانب اتخاذ القرار النهائي لوضع لبنان ديونه على سكة اعادة الجدولة».
وبالتوازي استمرت حملة التهويل على لبنان تارة بالإفلاس وتارة أخرى بـ»استدراج العقوبات الاميركية والدولية وهبوط سنداته اذا لجأ لبنان الى خيار الجدولة يقف خلفها كارتيل المصارف والمصرف المركزي».