أولى

كتاب مفتوح إلى وزير التّربية…

معالي وزير التّربية والتّعليم العالي القاضي الدّكتور طارق المجذوب المحترم

تحيّة تربويّة وبعد..

أخطّ كتابي المفتوح هذا، لمعرفتي بسعة صدركم، ورجاحة عقلكم، ولإيماني بعدالتكم.

وانطلاقاً ممّا صرّحتم بالسّعي لتحقيقه، كهدف أساس: «لا يجوز أن يكون هناك طلّاب خارج المدارس»، وأنّ «هناك مدارس تشتكي من عدم دفع الأقساط»، أضع كتابي هذا بين أيديكم، وأيدي من يهمّه أمر التّربية والتّعليم.

ونحن، يا معالي الوزير، من هذه المدارس الّتي تشتكي بصدق، ومستعدّون لكشف حساب علنيّ، لأنّنا نؤمن بأنّ التّعليم رسالة تربية ومحبّة، وليس لدينا أيّ مورد ماليّ، سوى أقساط مدروسة، كنّا نستوفيها، مقابل قيامنا بما يحتّمه علينا ضميرنا الرّساليّ، وواجبنا الوظيفيّ.

معالي الوزير

بداية، نقدّر لكم وطنيّتكم وشجاعتكم، في هذه المرحلة الحسّاسة الّتي يمرّ بها بلدنا، فقبولكم لتحمّل المسؤوليّة الوطنيّة، في هذه الظّروف الاستثنائيّة، دليل على صدق نيّاتكم، وعلى قدرتكم على إحداث فرق إيجابيّ، في ميدان صناعة الأجيال، ذخر الوطن ومستقبله الواعد.

ولأنّنا في ظرف مصيريّ، يغلب عليه الطّابع الاقتصاديّ، فلا بدّ من المكاشفة والمصارحة، والابتعاد عن التّمويه والمكابرة، لضمان صيرورة العمل التّربويّ!

معالي الوزير

لطالما سمعنا بقصص مؤسفة، عن أطفال دفعوا ثمن خلافات ماليّة بين المدارس وذويهم، وتعاطفنا جميعاً مع هذه الحالات الإنسانيّة، ورفضنا، ونرفض، أن تُستغلّ حقوق الأطفال البديهيّة، لابتزاز الأهل، فيدفعوا ضريبةً، لا شأن لهم بها.

ولكن، هلّا التفتنا سابقاً، واليوم تحديداً، إلى حقوق أصحاب المدارس الخاصّة؟!

هلّا انتبهنا اليوم، إلى تفشّي البطالة بشكل غير مسبوق، وخسارة العديد من الأهالي وظائفهم، وأزمة المودعين في المصارف، وتدنّي القيمة الشّرائيّة للّيرة اللّبنانيّة، وتراكم تداعيات الأزمة الماليّة والاقتصاديّة على جميع الصّعد؟!

معالي الوزير

بعض المدارس، وربّما أكثرها، ليست سوى صلة وصل بين الأهل وبين الهيئتين الإداريّة والتّعليميّة، يستوفون الأقساط ويدفعون الرّواتب، وإذا تعذّر تأمينها، كانت هذه المدارس تقترض من المصارف، لتغطية العجز الحاصل، لتسيير أمورها.

أمّا وقد أوقفت البنوك القروض، وحجرَت على أموال المودعين، فقد جفّت السّيولة، واستعصى على كثير من أولياء الأمور دفع الأقساط المتوجّبة عليهم، ناهيك عن الّذين فقدوا موارد رزقهم، ليس تهرّباً، بل عجزاً وفاقة، ونحن نقدّر ونتفهّم وضعهم المستجدّ.

معالي الوزير

نحن مؤمنون برساليّة مهمّتنا، وقدسيّة وظيفتنا، ومؤمنون بحقوق الأطفال في التّعلّم بكرامة ومحبّة، ولكن، إذا استمرّت الأمور على حالها، فنحن ذاهبون إلى الأسوأ!

بعض المدارس، كما تعلمون، أقفلت أبوابها، وبعضها الآخر ما زال يكابر، ويراهن على الوقت، وحكمتكم، للاستمرار في تأدية واجباتها، وقلّة قليلة جدّاً، قادرة على الاستمرار حتّى نهاية العام!

معالي الوزير

عشرات آلاف الأطفال مهدّدون بالتزام بيوتهم، وخسارة أبسط حقوقهم، وآلاف العائلات مهدّدة بضياع فرص عملها، ولا نظنّ أنّكم غافلون عن هذه الحقيقة المرّة، وثقتنا بمهنيّتكم تحتّم علينا الجزم بأنّكم عازمون على إيجاد حلول منطقيّة، تحفظ حقّ الأطفال بالتّعلّم، وحقوق المعلّمين والمعلّمات باستيفاء رواتبهم، بدل تعبهم وتفانيهم.

ختاماً، أرجو المعذرة من زملائي المدراء، ومن جانبكم الكريم أخذ هذا الكتاب على محمل الجدّ والمسؤوليّة، وكلّي ثقة بإخلاصكم وإنصافكم وحسن تدبيركم

حسن الدّر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى