مواجهة عسكريّة سوريّة تركيّة في النيرب تنتهي بسيطرة سوريّة وموقف روسيّ حاسم معركة اليوروبوند على جبهات عدّة… وعون لمحاسبة المتورّطين في تهريب الأموال مناوشات في شارع الحمراء بين التيار والاشتراكي… والحريري إلى الإمارات
كتب المحرّر السياسيّ
شهد شمال سورية على أبواب مدينة إدلب، أول مواجهة سورية تركية عسكرية مباشرة، حيث كانت قوات تركية مساندة لجبهة النصرة حاولت منع الجيش السوري من التقدّم على محاور بلدة النيرب، واستخدمت في المواجهة قذائف الدبابات والمدفعية، وتسبّبت بخسائر للطرفين في الأرواح والعتاد، وتدخل الطيران الروسي لمساندة الجيش السوري، فانسحبت الوحدات التركية لتُحسم السيطرة للجيش السوري، بينما كان المستوى السياسي يسجل تصريحات تركية تلوّح بدعم أميركي بصواريخ باتريوت كتحذير للطيران الروسي الذي طلب وزير الدفاع التركي تحييده من المعركة من جهة، ومن جهة مقابلة بالتأكيد على رفض التورّط بمواجهة مع الجيش الروسي، وبقاء الاتصالات السياسية مع موسكو، فيما وجهت طهران الدعوة لكل من موسكو وأنقرة لعقد قمة ثلاثيّة ضمن مسار أستانة.
في مناخ المواجهة الإقليمية وخلط الأوراق، وفيما يذهب الإيرانيون إلى انتخاباتهم اليوم، في ظل تسليم أميركي بعدم وجود رهان على تغيير يضعف من خط المواجهة الذي قرّرته إيران، عبّر عنه الأميركيون بأكثر من تصريح تشكيكي بنزاهة العملية الانتخابية سلفاً تعبيراً عن عدم وجود آمال بنتائج تعدل توجهات إيران، يقدم رئيس الحكومة العراقية محمد توفيق علاوي حكومته الجديدة لمجلس النواب طلباً لنيل الثقة، وسط ترجيحات بوجود أغلبية نيابية كافية لبدء الحكومة الجديدة عملها، رغم معارضة الكتل النيابية والسياسية الحليفة لواشنطن والحكومات الخليجية.
في قلب هذا التوتر المتصاعد تخوض حكومة الرئيس حسان دياب معركة سندات اليوروبوند على جبهات عدة، بعدما حسمت خيار هيكلة الدين العام، حيث الجبهة الأولى مع صندوق النقد الدولي الذي وصلت بعثته إلى بيروت وبدأت اجتماعاتها مع الفريق الحكومي، وتحت عنوان الاستشارة التقنية تسعى الحكومة للحصول على مقترحات وضمانة الصندوق للهيكلة دون الأخذ بشروط قد ترافق العروض ترتب أعباء على المواطنين أو تمس بموجودات الدولة وملكية أصولها وثرواتها السيادية، والجبهة الثانية مع الشركات الاستشارية التي يفترض أن تختار الحكومة من بينها من يمثلها في التفاوض مع حاملي السندات والشركات الوسيطة التي تمثلهم، للحصول على أفضل العروض خصوصاً لجهة نسب أسعار الفوائد التي سيتم التفاوض تحت سقفها مع الدائنين، أما الجبهة الثالثة فهي مع الدائنين أنفسهم، حيث المصارف اللبنانية جزء من العملية، والجبهة الرابعة مع مصرف لبنان المنكفئ جانباً لتبنّيه خيار سداد المستحقات بدلاً من الهيكلة، أما الجبهة الخامسة فهي جبهة داخلية خارجية تراهن على فشل الحكومة، وعلى انهيار وشيك يجري الدفع باتجاهه من خلال حرب سعر الصرف والحملات الإعلامية الترويجية بفقدان الدولار من الأسواق، وترجمة المصارف له في فروعها، بينما يتواجد لدى الصرافين، ويسجل سعره هدوءاً نسبياً بعد ارتفاع أول أمس، لملامسة سعر الـ 2500 ليرة.
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون افتتح جلسة مجلس الوزراء بالحديث عن مبالغ ضخمة ضائعة بلا وثائق ثبوتية لكيفية صرفها، من سلفات خزينة وهبات للهيئة العليا للإغاثة، معلناً أن المحاسبة ستطال الذي هرّبوا الأموال بصورة غير قانونية والذين تلاعبوا بسندات اليوروبوند، بينما شهد الشارع تحركاً للتيار الوطني الحر أمام مصرف لبنان للمطالبة بكشف الأرقام والأسماء حول حقيقة الأموال المهرّبة وإعادتها، وسرعان ما تحوّلت التظاهرة إلى مناوشات بين التيار والحزب التقدمي الاشتراكي، ونجح الجيش بفض الاشتباك بعد صولات وجولات وكر وفر، وتحدّث النائب السابق وليد جنبلاط في مناصريه داعياً لعدم الحماسة والتورّط في مصادمات بلا مبرر داعياً لاحترام حرية التظاهر، وبالمقابل تأكيد انتقاداته للعهد، ولتظاهرة التيار الوطني الحر ضد مصرف لبنان، وقد تلقى جنبلاط اتصالاً تضامنياً من الرئيس سعد الحريري الذي أكد حلفه مع جنبلاط قبيل مغادرته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان رئيس الحكومة ترأس في السرايا اجتماعاً مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزولة، بحضور وزير المالية غازي وزني، وعدد من الوزراء. وبعد الاجتماع أوضح وزني أن هذا الاجتماع خُصّص للتعارف، مشيراً الى أن «لبنان حضر خطة لمواجهة الأزمة وكيفية الخروج منها». ولفت الى ان «صندوق النقد يعطي وجهة نظره في ظل الظروف الحالية وما يحتاجه لبنان من إجراءات إصلاحية واقتصادية ومالية، ومكمن الصعوبات والسبل الآيلة الى الحلول». وأكد أن وفد الصندوق «سيتابع عمله حتى الانتهاء من التعاون مع لبنان لإعداد الخطة»، موضحاً «أننا في مرحلة المشورة التقنية حصراً».
وبحسب معلومات “البناء” فقد جرى تبادل وجهات النظر بين الطرفين وعرض الواقع الاقتصادي والمالي، كما علمت “البناء” أن لبنان سيتلقى اليوم أجوبة مكاتب الاستشارة القانونية والمالية الراغبة في مساعدة الحكومة في حال اتخاذ قرار بإعادة هيكلة الدين وسيتم فض العروض في رئاسة مجلس الوزراء.
وأفادت المعلومات أن اجتماع وفد الصندوق مع دياب كان استطلاعياً اوّلياً وهو تحضيري للاجتماعات المقبلة”. وأكد وزني بحسب المعلومات أن الاجتماعات تخصّص لما يمكن أن تقدّم بعثة صندوق النقد الدولي من دعم فني ولن تدخل في تفاصيل استحقاق آذار وستبحث في خطة اقتصادية شاملة في ما يخص هيكلة الدين، وعلى الحكومة أن تتخذ القرار النهائي”.
وأشار خبراء ماليون لـ”البناء” الى أن “رأي صندوق النقد غير ملزم للبنان لكن تجاهله يؤثر سلباً على التفاوض مع الدائنين وجدية وحصانة أي اتفاق معهم”، مضيفة ان “صندوق النقد يفرض شروطاً على لبنان في حالة تقديم مساعدات مالية له”. وأفاد مصدر مطلع لوكالة “رويترز” ان حكومة لبنان ستفحص اليوم مقترحات الشركات المنافسة على إسداء المشورة المالية والقانونية بخصوص خياراتها في سنداتها الدولية.
بدوره قال رئيس جمعية المصارف سليم صفير، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون: “البحث مع رئيس الجمهورية يتركّز في هذه الفترة حول موضوع اليوروبوند المستحقة الشهر المقبل وشددنا على ضرورة العمل بسرعة على أحد الحلول المطروحة، فتراجع سعر السندات المستمر بالأسواق العالمية يحمّل المصارف اللبنانية خسائر تزيد من الضغوط عليه، كما تمنينا على الرئيس مقاربة موضوع السندات بشكل تقني وبعيد عن السياسة”.
ولفت موقف كتلة الوفاء للمقاومة من ملف الديون بدعوتها لاختيار “أنسب الحلول الماليّة والنقديّة والاقتصاديّة تحت سقف القرار السيادي الوطني الذي لا يقبل ابتزازاً ولا مقايضات ولا يؤدي بالبلاد إلى أيّ وصاية أو تبعيّة أو ارتهان”. وأكدت أن الوضع المالي والنقدي والاقتصادي الصعب الذي أصاب البلاد، يبقى قابلاً للمعالجة إذا توفّرت الإرادة السياسيّة التي تتوافق على المخارج العلميّة والتقنيّة التي يحدّدها أصحاب الاختصاص بعيداً من الميول والمجاملات لأصحاب النفوذ أو المصالح المصرفيّة الضيّقة.
وكان “التيار الوطني الحر” نفّذ تظاهرة حاشدة أمام مصرف لبنان، احتجاجاً على “السياسة المالية لمصرف لبنان وللمطالبة باستعادة الأموال المنهوبة”.
ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها: “نرفض السياسات المالية الخاطئة”، “المال هو ملك الشعب اللبناني”، و”حقنا نعرف من هرّب الأموال”. كما بثت الأغاني والأناشيد الوطنية.
وحصل توتر شديد بين مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي ومناصري التيار عند نقطة “اريسكو بالاس” في الصنائع، ورميت العبوات البلاستيكية والزجاجية والحجارة، وعملت عناصر مكافحة الشغب على الفصل بين الطرفين.
وأكد جنبلاط لمناصري الاشتراكي في دارته في كليمنصو أن «الحماس لا ينفع هم يخرّبون ونحن نبني وأنا بحماية الجيش والأمن الداخلي»، وتوجّه إلى مناصريه قائلاً: «كل واحد على بيتو».
ولفت جنبلاط إلى أن «رسائل أرسلت على وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى التوتر»، معلناً أسفه لجهة عدم القدرة على السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف «نبهت ودعيت شخصياً الى الهدوء، لكن الاستفزاز والاستفزاز المضاد أدى إلى ما حصل».
وقال: «ليس هناك أيّ خطر عليّ، أنني بحماية قوى الأمن الذي أثق بها. لا ضرورة لكل هذا الجمهور، وهذا الحماس». وأضاف: «من السهل الهجوم على المصارف وغير المصارف، وأفهم جوع الناس لكن من دون إصلاح لا يمكن الخروج من هذه الأزمة». وقال: «كل له نظرية. وأنا أيّدت الحكومة على الرغم من أنه قيل عنها حكومة اللون الواحد لأني ضد الفراغ ولمحاولة إنقاذ البلاد مع المؤسسات الدولية، وهناك من يخالفني الرأي، فهو حرّ ولن أتصدّى لحرية الرأي».
ولفت الانتباه تلقي جنبلاط اتصالاً من الرئيس سعد الحريري الذي غادر الى الإمارات مساء امس، حيث أكد تضامنه مع جنبلاط ورفضه لما حصل من استفزازات لمناصري «التقدمي».
الى ذلك، وفي تصريح يتقاطع مع أصوات بعض القوى السياسيّة اللبنانية التي تصوّب على الحكومة وتصفها بأنها حكومة حزب الله ويذكر بما حذر منه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير، أكد قائد منطقة الشمال في جيش العدو الإسرائيلي أمير برعام، ان “الحكومة اللبنانية الجديدة تخضع لرغبات “حزب الله” وتحمي مصالحه”، مهدّداً “إيران والعاصمة اللبنانية بيروت والقرى اللبنانية الحدودية بـ”دفع ثمن باهظ”.
وفيما يرسم علامات استفهام اضافية حول التقاطع والتماهي مع مواقف قوى سياسية لبنانية بالهجوم على العهد ورئيس الجمهورية، لفت المسؤول الإسرائيلي إلى أن “حزب الله” يواصل جهوده لاقتناء المزيد من السلاح الأكثر دقة، وتصريح الرئيس اللبناني ميشال عون الأسبوع الماضي أن “حزب الله” لا يتدخل في قرارات الحكومة وأنه يلتزم شخصياً بأن يحترم الحزب القرار 1701، ليس صحيحاً”.