الجيش السوريّ يمنع مرور دورية للجيش الأميركيّ شرق الحسكة ويطردها… والأمم المتحدة تحذّر من «حمام دم» في سورية
بوتين يدعو لتحييد الإرهاب ويبحث وضع إدلب مع «مجلس الأمن» الروسيّ
أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة اتخاذ إجراءات فعّالة لتحييد الخطر الإرهابيّ في سورية. بيان الكرملين أشار إلى أن اتصالاً هاتفياً جمع بوتين مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، شدّد خلاله على سيادة سورية ووحدة أراضيها. أما ميركل وماكرون فأبديا استعدادهما للقاء الرئيسين الروسي والتركي من أجل إيجاد حلّ سياسي للأزمة في سورية.
وفي سياق متصل، أكد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الوضع في مدينة إدلب السورية وتطوّرات الموقف هناك.
وقال بيسكوف: «تم إجراء نقاش مفصل حول الوضع في إدلب، وخاصة في سياق المحادثة الهاتفية المجدولة لرئيسي روسيا وتركيا».
وأضاف: «حضر الاجتماع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، ورئيس إدارة الكرملين أنطون فاينو، بالإضافة إلى أمين عام المجلس نيكولاي باتروشيف ووزراء الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف، والدفاع سيرغي شويغو، ومدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين، ومدير جهاز الأمن الفدرالي ألكسندر بورتنيكوف، الممثل الخاص للرئيس الروسي في مسائل حماية البيئة والنقل سيرغي إيفانوف».
وأعلن الكرملين في وقت سابق، أن «روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا تبحث عقد قمة بينها حول سورية»، لكن «لم تتخذ قرارات بعد في هذا الشأن».
من حهته، اعتبر خبير روسي أن موسكو نجحت، بردّها على تحركات تركيا الأخيرة في محافظة إدلب السورية، في دفع أنقرة للتخلّي عن محاولات الضغط على روسيا وانتهاج طريق الحل الدبلوماسي.
وقال مدير مركز الشرق الأدنى والأوسط في المعهد الروسي للبحوث الاستراتيجية، فلاديمير فيتين، في تعليق نشرته وكالة «إنترفاكس»، أمس، إن محاولات أنقرة لاختبار قدرات روسيا «قوبلت برد مناسب في إدلب»، حيث وجّه الطيران الحربي الروسي ضربات إلى المجموعات المسلحة التي اخترقت خطوط الجيش».
وأشار فيتين إلى أن هذه الخطوة حملت تركيا على تقديم تصريحات مفادها بأن أنقرة لا تريد الاشتباك مع القوات الروسية وأن خطوات لا بد من اتخاذها من أجل تسوية الوضع بطرق دبلوماسية.
ولفت الخبير إلى أن التوتر الجديد في إدلب سبقته موجة من الاستفزازات من قبل عناصر «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً)، مضيفاً أن نجاحات القوات الحكومية السورية التي تمكنت من تحرير حوالي نصف مساحة محافظة إدلب، أثارت غضب تركيا التي ليست جاهزة لا لقبول موجات جديدة من اللاجئين ولا لفقدان نفوذها في هذا الجزء من سورية، بحسب تعبيره.
كما اعتبر الخبير الروسي أن المحادثات بشأن التسوية في إدلب ممكنة سواء بين قادة روسيا وتركيا، أو ضمن الإطار الثلاثيّ بمشاركة إيران.
وشهد الوضع بريف إدلب الجنوبي الشرقي، الخميس، تصعيداً كبيراً، مع شنّ الإرهابيين الموالين لأنقرة، وبغطاء نيران المدفعية التركية، هجوماً على مواقع الجيش السوري، حيث استطاعوا خرق خطوط دفاعه على مسار قميناس – النيرب.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن مقاتلات روسية من طراز «سو-24» وجهت ضربات ضد المسلحين، ما سمح للجيش الحكومي بإحباط هجومهم.
وأوردت أنقرة لاحقاً أن جنديين تركيين قتلا وأصيب خمسة آخرون بجروح جراء الغارات الجوية التي نسبتها إلى الطيران السوري.
وقال وزير دفاع النظام التركي، خلوصي أكار، إن بلاده لا تنوي الاشتباك مع العسكريين الروس، مؤكداً أن هناك «حواراً جيداً» بين الجانبين على الأرض في إدلب.
ميدانياً، نفى رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، اللواء بحري أوليغ جورافليوف، أنباء زعمت نزوح «نحو مليون» مدني من محافظة إدلب السورية نحو الحدود السورية التركية بسبب العمليات القتالية ضد الإرهابيين.
وقال جورافليوف: «الأنباء حول تدفق مزعوم لـ»مئات الآلاف» من المدنيين المحليين الذين هربوا إلى الحدود السورية التركية بسبب القتال بين الإرهابيين والقوات السورية شرق المحافظة غير صحيحة».
إلى ذلك، منع حاجزان للجيش السوري، دورية للجيش الأميركي من الوصول إلى طريق (الحسكة – تل براك) في ريف الحسكة الشرقي.
وكشف مصدر في محافظة الحسكة أن عناصر حاجزين للجيش السوري المتمركزين في قريتي «السيباط» و»تل أسود» على طريق (الحسكة – تل براك) في محيط الفوج العسكري (123/ منطقة جبل كوكب)، منعوا دورية تتبع للاحتلال الأميركي من العبور منهما.
وأوضح المصدر بأن هذه التحركات الأميركية تأتي في تطور جديد من نوعه، وذلك لقربها من المواقع العسكرية المهمة التابعة للجيش السوري بمحيط مدينة الحسكة.
بدوره ضابط في الجيش السوري قال، إن عناصر الحاجز في قريتي «تل أسود» و»سيباط» بريف بلدة «تل براك» الواقعة على طريق (الحسكة – القامشلي) الجنوبي، وهما من النقاط والحواجز العشرة الخاصة بحماية الفوج (12/ كوكب) التابع للفرقة (17) بالجيش السوري، منعوا دورية تابعة للاحتلال الأميركي مكوّنة من مدرعتين من العبور من خلالهما.
وتابع الضابط بأن الدورية الأميركية حاولت في البداية عبور حاجز قرية السيباط، وهي آخر نقطة من حماية الفوج من الجهة الشرقية، وبعد منعها من العبور قامت بالالتفاف من طريق بلدة «صفيا – بيزارة» ضمن مناطق سيطرة تنظيم «قسد» الموالي للجيش الأميركي، لتلاقي المصير نفسه، حيث منعها عناصر حاجز «تل أسود» من العبور أيضاً.
من جانب أخر، عزز جيش الاحتلال الأميركي قواته باتجاه قواعده غير الشرعية في ريف دير الزور الشرقي.
وأوضح بأن قافلة عسكرية مكونة من (50 آلية عسكرية) منوّعة من ضمنها مدرعات وشاحنات ذخيرة، عبرت من مدينة الحسكة صباح أمس، عبر الطريق الدولي (الحسكة – دير الزور/ الخرافي) متّجهة إلى قاعدة الاحتلال الأميركي في حقل العمر النفطي.
على الصعيد ذاته، كررت الأمم المتحدة دعوتها لوقف القتال الدائر في شمال غرب سورية، محذرة من أن ينتهي العنف هناك «بحمام دم».
وقال ينس ليرك، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في تصريحات صحافية أمس، إن «الأطفال يشكلون نحو 60% من 900 ألف شخص نزحوا وتقطعت بهم السبل في مساحة آخذة في التضاؤل». وأضاف أن «العنف المتواصل يجب أن يتوقف قبل أن يتحوّل إلى ما نخشاه وقد ينتهي بحمام دم».
وكانت الأمم المتحدة قد دعت مؤخراً سورية وتركيا وروسيا، إلى وقف التصعيد في إدلب بشمال غربي سورية، وضرورة تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب التي تدهور الوضع فيها بشكل حادّ مؤخراً.