الرفيق المناضل عبد حسين بصل باقٍ في وجداني وذاكرتي ما بقيت لي حياة
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل... تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم. وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس. كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.
إعداد: لبيب ناصيف
من الرفقاء الذين عرفتهم جيداً، مناقب والتزاماً وتفانياً، اذكر دائماً بكثير من الحب، ومن الحزن على رحيله الباكر، الرفيق، ناظر الاذاعة، المنفذ، الناموس في كل من عمدتي الداخلية والاذاعة، عبد بصل.
عنه هذه النبذة، وإليه اوّجه تحية حب، وتحية الحزب الذي جمعنا، وله اقسمنا ان نبقى اوفياء.
* * *
بتاريخ 19/08/2014 نشرت هذه الكلمة تحت عنوان: «الرفيق الذي لا يُـنـسى «
من الصعب ان اعدد اسماء الرفقاء الذين عرفتهم طيلة حياتي الحزبية، وكان لهم حضورهم الحزبي في نفسي ووجداني.
منهم، من استشهد، ومنهم من وافته المنية. كم ارجو ان يطيل الله من عمري فاكتب عنهم، او على الاقل عن معظمهم، وفاءً لما كانوا عليه التزاماً، ونشاطاً ومناقب.
احدهم الرفيق عبد بصل .
لم اكن في مأتمه، ولم اذرف عليه دمعة، يستحقها. عند وفاته كنت امرّ في حالة صحية، خرجت منها بعد فترة معافى. فإذ علمتُ برحيله اتصلتُ بعقيلته الرفيقة نجوى الخليل التي كانت عرفت بما عانيتُ، فسجلّت في حديثي معها اني كنت اتصل من فترة الى اخرى بها لأسألها واطمئن.
فالرفيق عبد هو من بين صفوة الرفقاء الذين عرفتهم طالباً، فرفيقاً، ثم مديراً، فناظراً للاذاعة فمنفذاً، فناموساً في عمدة الاذاعة. ودائماً كان رفيقاً متفانياً، نظامياً، صادقاً، يعي الحزب جيداً، ويجسّده حياةً جديدةً «.
* * *
كنت عميداً للداخلية عندما تولى الرفيق عبد بصل مسؤولية منفذ عام المتن الجنوبي. حددت لقاءً اسبوعياً، فيه يقدم عرضاً لوضع المنفذية ، واقتراحاته للمعالجة. كانت جلسة عمل اسبوعية.
لم اسأل الرفيق عبد بصل – مطلقاً – كيف يصل الى مركز الحزب في رأس بيروت قادماً من الضاحية الجنوبية. افترضت انه، كباقي الناس، يقلُّ باصات النقل المشترك او سيارة اجرة، طالما هو لا يملك سيارة.
صدف ان ابلغني احد الرفقاء، ان الرفيق عبد لم يعد يملك مؤسسة لمختلف انواع الديكور، وانه يمر في مرحلة مالية حرجة جداً. وعلمت ان الرفيق عبد، المنفذ العام، يحضر الى كل لقاء اسبوعي، سيراً على الاقدام، من مكان اقامته في الغبيري الى رأس بيروت.
رغم ان علاقتي بالرفيق عبد قديمة، وكلها مودة وثقة، لم يكاشفني يوماً بواقعه. لم يقترح ان يكون اللقاء شهرياً، لا اسبوعياً.
كاشفته بما اعرف، ضحك كعادته. اقترحت عليه ان اطرح وضعه مركزياً وصولاً الى تخصيص مبلغ يغطي تنقلاته كمنفذ عام . اعتذر: « ما دمت قادراً على السير، فسأبقى اسير. غيري من عائلات الشهداء احق» . ورفض.
وابتعدت عن لقاء الرفيق عبد بصل بحكم انتقالي الى عمدة شؤون عبر الحدود وانصرافي شبه الكامل لها، الى ان عرفت بما اصابه، وقد راح الداء يقتات من ذاكرته الى ان غيبها كلياً. فكنت اتصل بعقيلته الرفيقة نجوى الخليل اسألها عنه، فيردني الجواب الوحيد: «بعده متل ما بتعرف» .
لم اقصده كي لا ارى عبد بصل آخر، مختلفاً عمن عرفت. ولان الزيارة لن تقدم له اي عون، انما الاتصال بالرفيقة نجوى هو الواجب، والعون النفسي.
* * *
رحمك الله يا رفيق عبد بصل. طالما ذكرتك وفي العين دمعة.
سأبقى اذكرك، مع هذه اللائحة الطويلة من الرفقاء في المتن الجنوبي الذين عرفتهم منذ ستينات القرن الماضي، ودائماً في العين دمعة اسى وحزن.
فكم نحن، في المركز وفي المتن الجنوبي بحاجة الى امثالك، وعياً وايماناً وصلابةً ومناقب.
احببتك دائما . رحمك الله .
* * *
من ابنته الرفيقة هبة، هذه المعلومات التي كنت استلمتها بتاريخ 27/09/2018:
ولد الرفيق عبد بصل في مدينة النبطيه الفوقا– بجنوب لبنان، بتاريخ 29/08/1957،
إلتحق بمدرسة البلدة يومذاك وكان تلميذاً نجيباً يواظب على الدراسة بشغف حتى المرحلة التكميلية.
ثم ما لبثت العائلة أن انتقلت إلى ضاحية بيروت الشرقية وظلت فيها حتى إندلاع المعارك الطائفية فانتقلت إلى منطقة الضاحية الجنوبية فإلتحق بثانوية حارة حريك وأتم فيها تعليمه حتى الحصول على الشهادة الثانوية في الرياضيات. وهناك تعرف على الطلبة القوميين الاجتماعيين ولم يتأخر عن الإنتماء فالإلتحاق بمفوضية الطلبة في المنفذية. كان شغوفاً بالعمل الحزبي، لا يتوانى عن أية مهمة توكل إليه، حيث تنقل بين مسؤوليات مفوضية الطلبة ، مفوضية الأشبال، ناموس منفذية المتن الجنوبي لسنوات عدة، ثم ما لبث أن عين ناموساً لعمدة الداخلية ومن بعدها لعمدة الإذاعة. وفي المركز تعرّف على حضرة الأمين لبيب ناصيف الذي يكن له كل الاحترام والمودة. وبعدها إبان الاجتياح الاسرائيلي للبنان، إنتظم في إطار العمل المقاوم بإشراف حضرة الأمين لبيب ناصيف، وكان أيضاً ما يزال ناموساً لمنفذية المتن الجنوبي.
في العام 1986, تعرّف على الرفيقة نجوى الخليل، فاقترنا وأسسا أسرة مكونة من الابناء:
– مريم (خريجة الجامعة اليسوعية– إجازة علوم الحياة).
– مايا (خريجة الجامعة اليسوعية– إجازة في إدارة الفنادق)،
– هبة (خريجة الجامعة اليسوعية– إجازة في التاريخ / العلاقات الدولية)
– وحسين( خريج جامعة الألبا– إجازة في الهندسة الداخلية).
كان الرفيق عبد مثالاً للأب الحنون المتفاني في سبيل عائلته على الرغم من الظروف الصعبة جداً التي مرّ بها لبنان آنذاك، والضيقة المادية، إلا انه وزوجته الرفيقة نجوى ثابرا على تربية العائلة على الاسس القومية الاجتماعية، فالتحق ابناؤهما لعدة سنوات بمفوضية الأشبال حيث شاركوا لعدة مرات بالمخيمات الصيفية التي كانت تقام. إلا أن الضغوطات الاجتماعية وصعوبات العمل اثقلت عليه، ولكنه لم يستسلم فبقي مناضلاً في صفوف الحزب. كان مكابراً يعاني بصمت ظلم الحياة وظلم الحزب احياناً. إذ أن قلّة من الرفقاء كانوا يعرفون قيمته وظلوا يزورونه أثناء مرضه. وهو، كما كان في الحزب يناضل بصمت، كذلك في الحياة فبقي يصارع الأزمات وإستمر هكذا حاملاً «صليبهُ» إلى أن اصابه المرض، وما لبث هذا المرض أن قضى عليه بصمتٍ أيضاً. وكأن الموت كان أرحم به من الحياة التي اثقلت عليه كثيراً «
* * *
المؤهلات والمسؤوليات
– رئيس نادي نبطية الفوقا الاجتماعي 1976،
– انتمى الى الحزب بتاريخ 16 ايار 1978 في منفذية المتن الجنوبي
– الشهادة العلمية: هندسة داخلية (ديكور) الجامعة اللبنانية – معهد الفنون الجميلة.
– سكرتير تحرير مجلة «البناء»، 1985 – 1987
مدير علاقات عامة، مدير علاقات خارجية ومدير قسم افريقيا في مجلة عالم الاقتصاد 1983 – 1987.
– رئيس دائرة المبيعات في الشركة العالمية للكتاب – دار الكتاب اللبناني.
بعض من سيرة غنية
– مفوض عام الطلبة ومفوض عام الاشبال في منفذية المتن الجنوبي 78- 79
– ناموس نظارة الاذاعة والاعلام في منفذية المتن الجنوبي 1979
– مدير مديرية في مديريات: حي السلم، برج البراجنة، حارة حريك، العمروسية، الغبيري
– مدرب مديرية كلية الآداب في الجامعة البنانية 1979
– مذيع مديرية الحقوق في الجامعة اللبنانية 1979
– نائب آمر موقع شرين في الضهور 1979
– آمر موقع الكنيسة في الزعرور 1979
– بتكليف من الحزب التحق بمعهد التمريض في مستشفى عكا (الهلال الاحمر الفلسطيني) مع الرفيق المفقود طلال عليق،
– وانتخب ممثلاً للطلبة في السنة الاولى تمريض.
– ناموس منفذية المتن الجنوبي في الاعوام 1979 – 1980- 1985 – 1999
– ناموس دائرة الاشبال المركزي 1980 – 1982
– ضابط الادارة والتسليح والتموين أبان الاجتياح اليهودي 1982
– منفذ عام منفذية المتن الجنوبي 1983 (العمل السري والمقاوم) ابان الاجتياح
– ناموس عمدة العمل والشؤون الاجتماعية 1984 – 1986
– منفذ عام منفذية المتن الجنوبي 1996
– ناظر التدريب في منفذية المتن الجنوبي 1998
– وكيل عميد الداخلية (مكلف) 1998
– ناموس عمدة الاذاعة والاعلام منذ 1998 حتى تاريخه 2004
– تصميم وتنفيذ وسام الواجب 1999
– تصميم الاخراج الفني لمجلة فكر 2000
– تصميم وتنفيذ رزنامة الحزب للعام 2001
– انجاز دراسة وتصميم لقاعة النهضة بطلب من عمدة المالية،
– المشاركة في انشاء فرقة المسرح القومي مع الرفيق بدران لحود(1)، حيث جرى عرض مسرحية بعنوان: «القضية»، في مناطق: برج البراجنة، بيروت، راشيا الفخار، كفرسلوان، والمشرفة بحضور قيادات الحزب والمسؤولين المحليين وحشد من الرفقاء والمواطنين.
* * *
من النوادر التي كان رواها لي انه ذات يوم، دخل كمنفذ عام الى اجتماع للمنفذين العامين في مركز الحزب، جلس. بعد دقائق، دخل الرفيق الياس الثوم (الامين حالياً)، وكان منفذاً عاماً للبقاع الشمالي، فراح المنفذون العامون يتدافعون للخروج.
راح يضحك عبد بصل والياس الثوم يضحك. !
* * *
الهوامش:
(1) بدران لحود: هو الاسم الحقيقي للرفيق «سامي بدران» الذي كان نشط في منفذيتي الضاحية الشرقية والمتن الشمالي، وتميّز في المجالين الاذاعي والفنون الجميلة.